على غير المتوقع وجد فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم نفسه وسط ورطة حقيقية فبعد مضي أربع دورات يحتل الفريق المرتبة الأخيرة بنقطتين، ولم يتمكن خط هجومه من هز شباك الفرق المنافسة إلا مرتين فقط. فما الذي يحدث داخل الفريق؟ وما الذي جعل انطلاقته فاترة وحوله إلى مجرد شبح لفريق ظل على امتداد سنوات عنوانا للمتعة وللتنافس على الألقاب. عندما نقوم بعملية تشحيم للذاكرة، لمحاولة فهم ما يحدث داخل الرجاء سنجد أن الكثير من النقط السوداء غلفت سماء الفريق حتى قبل أن تنطلق منافسات البطولة. في الجمع العام العادي الذي عقده الفريق بعد نهاية الموسم الماضي، بدا واضحا أن الرجاء الفريق الذي من المفروض أن يكون كبيرا في طريقة تسييره، قد سعى مكتبه المسير إلى تمرير التقرير المالي، كما لو أن الأمر يتعلق بفريق صغير، إذ بقيت المصادقة عليه معلقة من طرف المنخرطين بعدما غابت الصناديق الزجاجية واكتفى البعض بالتصفيق. في الجمع العام نفسه كان واضحا أن ما يحرك كثيرين هو الحسابات الشخصية الضيقة وليس مصلحة الفريق، لذلك غرق الجميع في الحديث عن الماضي دون التطلع إلى المستقبل، بل إن لا أحد سواء من المكتب المسير أو المنخرطين تحدث عن ملامح الاستراتيجية التي سينهجها الفريق ليعود إلى دائرة الألقاب، أما عندما تفجر ما بات يعرف بقضية بلعوباد، فإن غلام اختار لي عنق الحقيقة وعدم كشف خلاصات تقرير لجنة التقصي للمنخرطين مثلما تم الاتفاق عليه في الجمع العام وكان مثيرا للانتباه أن تشكيلة المكتب المسير لم تكن منسجمة نهائيا، وأن البعض طالب بمناصب بعينها في المكتب المسير. أما عندما انفض الجمع العام وبدأ الحديث عن الموسم المقبل فإن مسيري الفريق لم يترددوا في التأكيد أن الرجاء سينافس على لقب البطولة وأنه يملك كل المقومات لتحقيق ذلك. لذلك بادروا إلى التعاقد مع البرتغالي خوصي روماو، فقط لأنه قاد الوداد قبل موسمين لتحقيق لقب البطولة، اعتقادا منهم أن بمقدوره تحقيق الإنجاز ذاته مع الرجاء، مع أن النهر لا يمكن أن يحفر مجراه مرتين، وأن فوزه باللقب مع الوداد لا يعني بالضرورة أنه سيحقق الإنجاز نفسه مع الرجاء، لأن التنافس على الألقاب لا يصنعه المدربون فقط. بموازاة التعاقد مع روماو لم يتردد المكتب المسير في الاستغناء عن خدمات مجموعة من اللاعبين دون أن يكون للفريق بدلاء في حجم من غادروا الفريق، لذلك رحل الحارس خالد فوهامي نحو الفتح الرباطي وهو الذي قدم موسما جيدا مع الفريق بل وأنقذه في مجموعة من المباريات، فقط لأن بعض «الحياحة» نزلوا بثقلهم وطالبوا برحيله. أما عندما سافر الرئيس إلى خارج المغرب، فإن الفريق وجد نفسه في حالة جمود فالاجتماعات ظلت تلغى، كما لو أن بقية الأعضاء مجرد كومبارس لا يمكنهم اتخاذ القرار. وما الأزمة الحالية التي يعيشها فريق الرجاء إلا حصيلة بديهية لمقدمات خاطئة، فعندما تغيب الديمقراطية في تسيير شأن الفريق، وعندما يكون هم بعض «الحياحة» هو البحث عن مقاعد في المكتب المسير، فإن المؤكد أن أسوأ الأيام هي التي لم تعشها الرجاء بعد.