كشف حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، تفيد الأبحاث الأمنية الأولية بأن أعضاء هذه الخلية الإرهابية كان لهم ارتباط وثيق بكوادر من لجنة العمليات الخارجية في فرع الدولة الإسلامية بالساحل، والذي كان يقوده المدعو عدنان أبو الوليد الصحراوي (لقي حتفه). وتابع ذات المتحدث، "وتفيد نفس التحريات إلى أن المشروع الإرهابي لأعضاء هذه الخلية قد حصل على مباركة تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل، حيث توصلوا مؤخرا بشريط مصور يحرض على تنفيذ هذه العمليات، وذلك إيذانا بانتقالهم للتنفيذ المادي للمخططات التخريبية (أنظر الفيديو)". وأضاف: "وخطورة هذه الخلية لا تكمن فقط في تعدد الأهداف التي تم تحديدها، بل أيضا في كونها كانت مشروعا استراتيجيا ل"ولاية داعش بالساحل" لإقامة فرع لها بالمملكة، وهو الأمر الذي يمكن ملامسته من خلال الأسلوب الذي تم اعتماده في إدارتها، إذ قام أعضاء الخلية بإيعاز من لجنة العمليات الخارجية لهذا التنظيم، بتشكيل لجنة مصغرة مكلفة بالتنسيق معها بخصوص المخططات الإرهابية، وكيفية تنفيذها، وتبليغ الأوامر لبقية العناصر الأخرى". وقال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، "واسمحوا لي، في هذا الصدد، أن أشير إلى أنه إذا كانت كل محاولات تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وكذا التنظيمات التي خرجت من رحمها، فضلا عن تلك الموالية لتنظيم "داعش" قد فشلت في إيجاد موطئ قدم لها في المغرب، فإن تفكيك هذه الخلية، أسابيع قليلة بعد تحييد خلية الأشقاء الثلاثة بحد السوالم ضواحي الدارالبيضاء، يؤكد أن المملكة المغربية، ونظرا لانخراطها في المجهودات الدولية لمكافحة الإرهاب، تعتبر هدفا محوريا في أجندة كل التنظيمات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل". وارتباطا بهذا الموضوع، أوضح حبوب أنه "يجدر التذكير مرة أخرى بأن المغرب كان سباقا إلى دق ناقوس الخطر على المستوى الدولي بخصوص الأهمية الإستراتيجية التي تحتلها القارة الإفريقية في أجندة تنظيم ״القاعدة״ الذي تفرخت منه كل التنظيمات الحالية المساهمة في حالة الفوضى السائدة في العديد من الدول على امتداد منطقة الساحل الإفريقي. لذلك ظلت الأجهزة الاستخباراتية والأمنية المغربية ومازالت في وضعية اليقظة القصوى لاستباق وإجهاض كل المخاطر والارتدادات القادمة من هذه المنطقة، لاسيما في ظل الارتباطات التي لم تعد خفية على أحد بين الجماعات الإرهابية والمليشيات الانفصالية وشبكات الجريمة المنظمة". وفي هذا الباب، ذكر مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية بأن "الأجهزة الأمنية المغربية قامت بتفكيك أزيد من 40 خلية لها ارتباطات مباشرة بالتنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، منها التي كانت متخصصة في إرسال المقاتلين المغاربة قصد تلقي تدريبات شبه عسكرية قبل العودة إلى أرض الوطن والانخراط في أعمال إرهابية، ومنها التي كانت تحت إشراف مباشر من أمراء الحرب التابعين لهذه التنظيمات". وعلى سبيل المثال لا الحصر، قال حبوب الشرقاوي، "نستحضر الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها في ديسمبر 2005 في طنجة، بزعامة الملقب ب"إبراهيم"، والتي كانت لها امتدادات في إسبانيا وارتباطات مع التنظيم المسمى آنذاك في منطقة الساحل والصحراء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وقد أبانت التحقيقات وقتها بأن أميرها المزعوم أقام مدة شهرين في أحد معسكرات التنظيم السالف الذكر في مالي، قبل أن تسند إليه مهمة تأسيس أرضية لوجيستيكية وبشرية، من أجل الإعداد لسلسة من العمليات التفجيرية داخل المملكة، بإسناد من خبير في المتفجرات من جنسية مغاربية". ولعل اكتشاف مخبأ الأسلحة بمنطقة الراشيدية، يعيد إلى الأذهان خلية أمغالا المرتبطة ب"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" والتي تم تفكيكها في يناير 2011. هذه الخلية كانت بدورها تتوفر على مخبأ للأسلحة الحربية على بعد مائتين وعشرين كلم من العيون (أنظر الصور). هذا المخبأ لا يمكن الوصول إليه إلا عبر النظام الالكتروني لتحديد المواقع، الذي تم تسليمه وقتها لشخص واحد وفق الأسلوب الذي اعتمدته الخلية الإرهابية الأخيرة، وهو ما يعد قاسما مشتركا بين الخليتين، فضلا عن طريقة إدارتهما عن بعد انطلاقا من منطقة الساحل. وللتذكير فإن خلية أمغالا كانت تدار انطلاقا من مالي، من طرف القيادي المغربي السابق في صفوف "القاعدة بالمغرب الإسلامي" نور الدين اليوبي (لقي حتفه). وإذا كان البحث مازال مستمرا بخصوص ارتباطات أخرى ممكنة لأعضاء هذه الخلية، واحتمالية وجود امتدادات لها عابرة للحدود، فإنه من الضروري التأكيد على أن هذه العملية الأمنية تؤكد نزوع الفروع الإفريقية ل"داعش" لتدويل نشاطها تماشيا مع هدفها في إحياء زخم العمليات الخارجية من طرف قيادة التنظيم الأم، خاصة مع تواجد مجموعة كبيرة من العناصر الأجنبية من مختلف الجنسيات في صفوفها، كما اتضح ذلك جليا خلال العملية التي نفذها الفرع الصومالي لهذا التنظيم ضد قوات حكومة بونتلاند في 31/12/2024 بالاعتماد فقط على هذه الفئة من المقاتلين، من بينهم "انغماسيان " مغربيان لقيا حتفهما في عمليات انتحارية. وتشهد اليوم منطقة الساحل جنوب الصحراء نشاطا محتدما للتنظيمات الإرهابية، التي استفادت من عدة عوامل ملائمة لاستمرارها، منها الصراعات الإثنية والقبلية وعدم الاستقرار السياسي، وشساعة الأراضي والصعوبات التي تواجهها دول المنطقة في بسط سيادتها عليها، بالإضافة إلى تقاطع نشاط هذه الجماعات الإرهابية مع الشبكات الإجرامية، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للمملكة المغربية، بالإضافة إلى الدول الأوروبية، وذلك في ظل سعي قيادات التنظيمات الإرهابية إلى إظهار قدرتها على التأقلم مع المستجدات والانتكاسات التي تعرضت لها في بعض مناطق نفوذها.