برزت بوادر انفراج مفاجئ في مسار تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران، بعد «المأزق» الذي عاشته خلال الأيام الماضية وأرخى بظلاله على المشهد السياسي أولى بوادر هذا الانفراج كشفت عنها التصريحات التي أدلى بها عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، صباح أمس الأربعاء، عقب المجلس الحكومي، عندما أشار إلى أن المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة المقبلة «جاهزة ولا ينقصها إلا بعض الجزئيات»، مضيفا أن الحكومة الجديدة سيتم تشكيلها في يومين أو ثلاثة. وبدوره خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، عن صمته في قضية «البلوكاج» الذي دخلته حكومته خلال الأيام الأخيرة وقال: «إن الأمور تسير بشكل عادي وأنه لا خلاف مع الاستقلاليين»، مؤكدا قرب الإعلان عن ميلاد حكومته خلال الأيام القليلة القادمة، فيما ذكر مصدر مطلع أن حزب الاستقلال تنازل عن حقيبة التجهيز لفائدة العدالة والتنمية. من جهة أخرى، هاجم امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، عباس الفاسي وقال إنه استسلم لعدة ضغوطات من طرف لوبيات متنفذة داخل الحزب. وأضاف الخليفة في تصريح ل«المساء» أن عباس استسلم لهذه اللوبيات التي طالبته بالحصول على أربع أو خمس وزارات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الفاسي تعرض لضغط من طرف كريم غلاب كي يضمن استوزار هشام نهموشة على رأس وزارة التجهيز. وقدم الخليفة عباس الفاسي في صورة رهينة بيد من أسماهم «لوبيات الحزب» عندما قال «حتى إذا تمت الأمور كما يجب، فإن عباس الفاسي لن يخرج فائزا في الحكومة المقبلة إلا بحقيبة الصناعة والتجارة لصهره نزار البركة». وانتقد امحمد الخليفة كون الحقائب التي طالب بها حزب الاستقلال لم تراع مستوى الحزب في هذه المرحلة، بل فُصّلت على مقاس أشخاص بعينهم، «مثل وزارة الشباب والرياضة لعبد القادر الكيحل، والصناعة التقليدية لنجل علي قيوح، وكتابة الدولة في الخارجية لأحد أفراد عائلة حمدي ولد الرشيد». وعن هذا الأخير علق الخليفة قائلا: «هذا الشخص المقرب من عائلة الرشيد لا علاقة له بالديبلوماسية ولا يتوفر على المستوى العلمي لذلك وأنا شخصيا لا أعرفه». وعن الأسباب التي تجعل عباس الفاسي يذعن لهذه الضغوطات، قال امحمد الخليفة: «عباس الفاسي يقبل بهذه الضغوطات مقابل ترتيب تصوره للمؤتمر المقبل للحزب ومن أجل تنصيب صهره نزار بركة أو عبد الواحد الفاسي أمينا عاما»، وأضاف أن عباس الفاسي يجاهد من أجل صُنع كاريزما لعبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم علال الفاسي حتى يتمكن من قيادة الحزب»، واستطرد الخليفة قائلا إن شخصا آخر خرج من عائلة الفاسي وهو محمد الوفا المتزوج من ابنة علال الفاسي، أخت زوجة عباس الفاسي، والذي عاد من البرازيل التي كان فيها سفيرا للمغرب، يريد أن يصبح أيضا أمينا عاما للحزب. وعلق الخليفة على ذلك بالقول: «لكن العقلاء داخل عائلة الفاسي أصبحوا يرفضون هيمنة العائلة على الحزب وعدد من قطاعات الدولة، خصوصا بعدما أصبحت حركة 20 فبراير تطالب برحيلهم». إلى ذلك، أعرب عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن تذمرهم من السرية التامة التي يضربها عليهم عباس الفاسي على كل ما يتعلق بالمفاوضات الجارية مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ومستشاري الملك. وقال قيادي استقلالي التمس عدم ذكر اسمه ل»المساء» بأن «عباس الفاسي لا يقوم بإطلاع أعضاء اللجنة التنفيذية على مستجدات الحوار باستثناء عبد الواحد الفاسي ومحمد السوسي المفتش العام للحزب». وأضاف مصدر «المساء» بأن أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني للحزب عندما أعطيا تفويضا غير مشروط للأمين العام عباس الفاسي من أجل مباشرة المفاوضات مع حلفائه في الحكومة المقبلة لم يكونوا يظنون أن الفاسي سوف يستغل تلك الثقة المطلقة لتعزيز موقع عائلة الفاسي وجهاز المفتشين خلال المؤتمر المقبل للحزب. وفي تعليقه على ذلك، قال امحمد الخليفة بأن «اللجنة التنفيذية فوضت عباس الفاسي بالأغلبية وليس بالإجماع للإشراف على المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة، كما أن المجلس الوطني صوت على ذلك بالتيار الغالب، لكن الأمين العام اختار الأخوين السوسي وعبد الواحد الفاسي ربما لأنه يثق فيهما دون غيرهما».