يتوقع بعض الملاحظين أن يكون تشكيل الحكومة المقبلة برئاسة عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، مهمة شاقة بسبب المفاوضات مع الأحزاب السياسية والشروط التي يمكن أن تطرح فوق الطاولة لقبول تكوين حكومة ائتلافية مع الحزب الإسلامي. وفي انتظار ظهور التشكيلة النهائية للحكومة الجديدة، بدأت بعض المظاهر الاحتجاجية تطفو على السطح منذ الآن، بل منذ الإعلان عن تعيين بنكيران على رأس الحكومة، وهو ما يعني أن الحكومة التي ستظهر لن تجد أمامها الطريق مفروشة بالورود، لأن هناك تحديات كبرى مطروحة اليوم، وهناك انتظارات كبيرة، ليس فقط اليوم بعد الانتخابات، بل منذ أن بدأ الشارع المغربي في التحرك بالموازاة مع الربيع العربي، لذلك فإن المواطنين المغاربة غير مستعدين لإضاعة المزيد من الوقت في الانتظار. المنطق يقول إن الحكومة الجديدة يجب أن يعطاها الوقت الكافي لكي تبدي ما لديها، وأن تستفيد من هدنة حتى تشرع في أداء مهامها. اليوم، هناك دستور جديد يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة، الذي يعتبر أول رئيس حكومة بصلاحيات قوية في تاريخ المغرب. والمطلوب هو أن يتم تدبير الشأن العام مع الحكومة الجديدة بنوع من الوضوح والصراحة، بعيدا عن الديماغوجية التي ألفها المغاربة مع الحكومات السابقة؛ إلا أن الواقع يقتضي إمهالها بعض الوقت وأن تقدم برنامجها الحكومي أمام البرلمان بعد تنصيبها، وآنذاك تصح مواجهتها طبقا لذلك البرنامج المعلن، كما يحدث في جميع البلدان الديمقراطية التي لا تتم فيها محاسبة الحكومات من قبل الشارع أو الحركات الاحتجاجية مباشرة بعد تسميتها. إن كل الحكومات في العالم، وخاصة التي تترأسها أحزاب لم تسبق لها ممارسة تدبير الشأن العام، تحصل على هدنة وسلم اجتماعي ولو لمدة مائة يوم، فهل سيتجاوب الشارع المغربي مع مطالب إخوان بنكيران؟