سيول جارفة تخترق الشوارع وتحمل معها كميات كبيرة من الحجارة والوحل.. بالوعات صرف صحي تحولت إلى نافورات تضخ الماء بقوة إلى الخارج، برك كبيرة ومستنقعات تحيط بالمدارات، والملتقيات الرئيسية، وتشل حركة المارة. هذه هي الصورة التي تقاسمتها المدن المغربية بعد التساقطات المطرية الأخيرة، والتي فضحت واقع البنية التحتية. في مدينة الفيندق، مثلا، ألحقت الفيضانات خسائر كبير ة بالممتلكات، وتسببت في هجر عدد من الأسر لمنازلها، بعد أن اجتاحتها المياه التي عجزت مجاري الصرف الصحي عن استيعابها. وحسب بلعيد السدهومي، المستشار في بلدية الفنيدق، فإن المدينة يجب أن تعلن «كمنطقة منكوبة بعد أن غمرت الأوحال المنازل وأتلفت ممتلكات الناس، وهو ما تتحمل مسؤوليته كل من السلطات العمومية والمجلس البلدي». وأضاف أن المجالس البلدية تهتم أكثر بسياسة «الماكياج «وتزيين الواجهات، على حساب تقوية ودعم البنية التحتية، مما ينتج في كل مرة صورة تلخص واقع تدبير الشؤون المحلية في المدن المغربية، وتعطي تقييما لأداء المجالس الجماعية. ويضيف هذا المستشار أن «مسؤولية السلطة تبقى أيضا ثابتة بفعل التغاضي عن البناء العشوائي الذي ينتج أحياء عشوائية شاسعة، في المرتفعات والمنحدرات، ويحول دون وضع شبكة للصرف الصحي تكون قادرة على استيعاب الكثافة السكانية، التي تتميز بها هذه الأحياء». مدينة سلا هي الأخرى عرفت نفس المشاكل بعد تهاطل الأمطار. بعض المستشارين بالمدينة، رفضوا الإفصاح عن أسمائهم، اتهموا شركات التطهير «التي تستفيد من مبالغ مالية كبيرة، مقابل التطهير، دون أن تكلف نفسها عناء صيانة وإعداد شبكات الصرف قبل أية تساقطات مطرية»، وإفراغها من النفايات، لتفادي الوضع الذي عاشه شارع المسيرة بسلا، والذي تحول بفعل التساقطات الأخيرة إلى نهر يجرف في طريقه كل شي، رغم أنه التهم مبلغ مليار و200 مليون سنتيم في ظرف ستة أشهر، من أجل إعادة هيكلته. العربي آيت سليمان، عضو مجلس مدينة سلا، أكد أن هذه المشاكل يمكن تفاديها، عن طريق تفادي صرف الميزانيات في عمليات التزفيت وإعادة التزفيت، إلى درجة تجعل فتحة بالوعات وقنوات الصرف تختفي تحت الزفت. ويرى النائب البرلماني محمد زويتن أن مسؤولية الوضع الكارثي الذي تعيشه المدن المغربية مباشرة بعد كل تساقطات مطرية تتقاسمه كل من الجماعات المحلية، وشركات التطهير، وكذا وزارة التجهيز، إلا أن مصدرا من ديوان وزير التجهيز، كريم غلاب، نفى في اتصال مع «المساء» مسؤولية الوزارة، محملا المسؤولية للجماعات المحلية.