ساعتان من الأمطار كانتا كافيتين لتفرض على سكان الرباط، صبيحة أمس، أن يتنفسوا تحت المياه التي غمرت الشوراع الرئيسية وتعطلت حركة السير لمدة ساعات ووجد العديد من الموظفين صعوبات في الوصول إلى مقرات عملهم بسبب البرك المائية الكثيرة الناجمة عن انسداد قنوات الصرف الصحي. كما نتج عن الخلية العاصفية، التي تكونت في المحيط الأطلسي، انقطاع التيار الكهربائي بعدد من أحياء المدينة، وهو الانقطاع الذي لم تسلم منه حتى مقرات الوزارات، ومن بينها مقر وزارة الداخلية. وجرفت الفيضانات التي ضربت بلدة إموزار وضواحيها بمدينة إيفران رفات العشرات من الموتى المدفونين بمقبرة «أمرابط أملال». واضطرت أغلب العائلات، التي دفنت موتاها بهذه المقبرة إلى البحث في محيطها وعلى طول الوادي عن هياكل موتاها طيلة الاثنين، وسادت حالة من الفوضى عمليات البحث، واختلط الأمر على هذه العائلات التي اضطرت إلى إعادة تجميع الهياكل، قبل أن تتمكن كل منها من العثور على رفات قريبها المتوفى دون التأكد من أنها تعود إليه. وخلفت الأمطار الأخيرة بمنطقة قلعة مكونة بورزازات خسائر مادية، وهكذا أصبحت الجدران مهدمة، والبيوت آيلة للسقوط، والحيوانات تحت الأنقاض، ولاحت للعين أغطية مليئة بالوحل ومنازل اكتسحتها مياه جارفة، وأدوات وكتب مدرسية وسط الأوحال. وفي بني ملال، لقي مواطن يدعى حمو حكيم، 45 سنة، مصرعه بعدما جرفته سيول وادي موسمي بدوار تمانالت بقيادة تيلوكيت. وأفادت مصادر «المساء» أن المواطن «حمو حكيم عثر عليه ميتا بعدما جرفته السيول مخلفا وراءه زوجة وعدة أطفال. واضطر مئات السكان بجماعة أربعاء أوقبلي إلى قطع عشرات الكيلومترات من أجل جلب الماء الصالح للشرب بعدما حولت مياه الأمطار الرعدية وادي «أغزيض إلى طمي»، كما لوثت الآبار التي تعتبر المصدر الأول للسكان بدواوير الجماعة الجبلية. المقابر لم تسلم من جرف السيول، كمقبرة اليهود ب«زاوية البئر» التي هدمت جدرانها، وأطفال ونساء وشيوخ بوجوه شاحبة رسمت عليها علامات البؤس، يتحسرون على ما حصل ويحاولون استيعاب الوضع وكأنهم استفاقوا لتوهم من كابوس رهيب. وأوضح محمد بلعوشي، عن مديرية الأرصاد الجوية، أن كمية الأمطار التي عرفتها الرباط صبيحة أمس بلغت 35 مليمترا في مدة ساعتين. وأشار إلى أن المغرب يعرف حاليا فترة انتقالية ما بين الصيف والخريف يعيش خلالها نوعا من الاضطرابات الجوية التي تكون متمركزة خاصة في المناطق الجبلية وتمتد أحيانا إلى المناطق المجاورة، وهذا يكون ناتجا عن كتل هوائية تصعد من المناطق الاستوائية محملة بالرطوبة. وأضاف بلعوشي أنه نظرا إلى الهواء البارد الذي يغطي الأجواء العليا للمغرب، تتكون خلايا عاصفية هي عبارة عن سحب ركامية تعطي تساقطات مطرية قوية تكون مصحوبة عادة برعد وبرد وصواعق. وشهدت مدينة سيدي قاسم تساقطات مطرية غزيرة أغرقت الطريق الرئيسية الرابطة بين سيدي قاسم ومكناس. كما اضطر القطار القادم من فاس والمتجه نحو الدارالبيضاء الميناء إلى التوقف بمحطة بوالقنادل لمدة زادت على الساعة. وعزا مصطفى الحيا، رئيس مقاطعة مولاي رشيد بالدارالبيضاء، كثرة البرك المائية التي تتسبب في إغلاق أهم الشوارع والمحاور الرئيسية الكبرى مع أولى القطرات المطرية إلى مخلفات أعمال الحفر والتجهيز التي تقوم بها مصالح ليدك وشركات الاتصالات طول السنة وعدم مسارعتها إلى تبليط الشوراع المتضررة. وأوضح عضو مجلس المدينة، في تصريح ل»المساء»، أن عددا من الشوراع والطرق غير مبلطة بالكيفية المطلوبة، مما يتسبب في تجمع كميات كبيرة من المياه. وكشف الحيا بالمقابل أن 5 آلاف كيلومتر من الطرق بالدارالبيضاء وحدها في حاجة ماسة إلى إصلاحها.