يعتقد البعض أن الرجل في شريعة الإسلام يرث دائما ضعف ما ترثه المرأة. ويحلو لآخرين -وعن قصد- أن يرددوا فقط قوله تعالى: «للذكر مثل حظ الأنثيين»، متناسين حالات الإرث الأخرى الواردة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتي يتساوى فيها حظ الذكر بحظ الأنثى، أو يكون فيها حظ الأنثى أكبر من حظ الذكر، بل هناك حالات ترق فيها الأنثى ولا يرث فيها الذكر، رغم تساويهما في درجة قربهما من الميت. وفي ما يلي أمثلة لتلك الحالات متبوعة بمثال للحالة التي يكون فيها حظ الذكر ضعف حظ الأنثى، مع الإشارة إلى الاعتبارات الشرعية لذلك: أولا: مثال للحالة التي يتساوى فيها نصيب الذكر ونصيب الأنثى: خالد ومريم أخوان شقيقان، توفي أخوهما رشيد، وهو من جهة أمهما، فورثا مبلغ 600 ألف درهم بالتساوي، لخالد 300 ألف درهم ولمريم 300 ألف درهم. مثال آخر: خالد وزوجته عائشة وابنهما عبد الله، توفي عبد الله، وترك أبويه وابنه سعد، فكان نصيب خالد مساويا لنصيب زوجته عائشة، لكل واحد منهما سدس التركة. - ثانيا: مثال للحالة التي يكون فيها نصيب الأنثى أكبر من نصيب الذكر: علي له أخت من جهة الأب وأخ من جهة الأم. لما توفي علي، ورثت أخته نصف تركته، أما أخوه فقد ورث فقط سدس التركة. - ثالثا: مثال للحالة التي ثرت فيها الأنثى ولا يرث فيها الذكر شيئا: مسعود وزوجته خديجة، توفيت ابنتهما تاركة ابنها عمر، ولما توفي عمر ترك جده مسعود وجدته خديجة، وكان يملك عمارة بها 30 شقة، فورثت خديجة 5 شقق، أي سدس التركة، أما زوجها مسعود فلم يرث ولو شقة واحدة، لأن الجد من جهة الأم ليس من الورثة. - رابعا: مثال للحالة التي يكون فيها حظ الذكر ضعف حظ الأنثى: خالد ومريم أخوان شقيقان، توفيت أمهما (أو أبوهما)، فورث خالد 200 ألف درهم، وورثت مريم 100 ألف درهم، فما هي الاعتبارات الشرعية التي على أساسها ورث خالد ضعف ما ورثته مريم؟ 1 - إذا تزوج خالد وجب عليه أداء المهر لزوجته، أما أخته مريم فإنها تأخذ المهر من زوجها. 2 - يجب على خالد توفير السكن لزوجته، إما كراء أو شراء أو غير ذلك، بينما زوج أخته مريم هو المكلف بذلك. 3 - يجب على خالد تأثيث بيت الزوجية، أما أخته مريم فمعفاة من ذلك. 4 - تجب على خالد النفقة على زوجته ولو كانت غنية، أما أخته مريم فنفقتها تجب على زوجها. 5 - إذا كان لخالد أبناء وجب عليه النفقة عليهم، أما أخته مريم فنفقة أولادها تجب على زوجها. 6 - إذا كان أبو خالد فقيرا، وجب على خالد أن ينفق عليه، أما أخته مريم فلا يجب عليها النفقة على أبيها. 7 - نفس الحالات السابقة تنطبق على أمهما لو كانت أرملة فقيرة. 8 - إذا كان لخالد جدة أو خالة أو عمة لا معيل لهن، وكان موسرا، وجبت عليه النفقة عليهن، أما أخته مريم فلا يجب عليها ذلك. 9 - إذا كانت لخالد أخوات غير متزوجات ولا معيل لهن، وجب عليه النفقة عليهن، أما أخته مريم فلا يجب عليها ذلك. 10 - إذا توفي زوج مريم أو طلقها، ولم يكن لها معيل، وجب على أخيها خالد أن ينفق عليها. في حين أن الشريعة الإسلامية لا تجبر مريم على النفقة على إخوانها وأخواتها وغيرهم، وأن 100 ألف درهم التي ورثتها هي لها خالصة تفعل بها ما تشاء. وإذا أرادت أن تنفق على أحد، فعن طواعية وبرضاها التام. أما الذين يعتقدون أن هناك تمييزا ضد المرأة في الجوانب المادية، كالإرث مثلا، ويطالبون بالقضاء على كل أشكاله أو رفع تحفظاتهم السابقة عليه، فهؤلاء لو استجيب لمطالبهم، لكان لزاما على المرأة أن تتحمل هي الأخرى كل أعباء الحياة المادية مناصفة مع الرجل. ومن ذلك على سبيل المثال: 1 - ألا تأخذ المهر من زوجها إن تزوجت. 2 - أن تشارك الزوج في إيجاد بيت الزوجية وتأثيثه. 3 - أن تتحمل مسؤولية النفقة على نفسها، ولا يلزم زوجها بالنفقة عليها. 4 - أن تتقاسم مع زوجها واجبات النفقة على أبنائهما. 5 - ألا تطالب بالنفقة في حالة الطلاق، وكل من تكفل من الزوجين المطلقين بحضانة أحد الأبناء، ألزم بالنفقة عليه. 6 - لا يلزم الرجال وحدهم بالنفقة على العاجزين من أفراد العائلة، بل تلزم وتساهم فيها النساء أيضا.