نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة على المرتفعات التي تتجاوز 1500 متر    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    كافي: يجب مناقشة التعديلات المقترحة على قانون مدونة الأسرة بعيدا عن التعصب لرأي فقهي    هذا نصيب إقليم الناظور من البرنامج الاستعجالي لتعزيز البنيات التحتية بجهة الشرق    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التازي: مزوار لا يصلح أن يكون رئيسا للحكومة المقبلة وبنكيران يصعب التحكم فيه
رجل الأعمال المثير للجدل للمساء : لا أتفق كليا مع مشروع العدالة والتنمية وخطابه ضد المثليين عنيف لكني سأصوت له
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2011

يرى كريم التازي أن الأسلوب الذي بدأ به عباس الفاسي ولايته الحكومية أكبر دليل على خيبة أمل من كانوا يثقون في الكتلة، بعدما قال إنه
لا يملك أي برنامج، وكل برامجه هي خطب الملك. ويضيف رجل الأعمال المثير للجدل أنه سيصوت على حزب العدالة والتنمية، رغم أنه لا يتفق كليا مع مشروعه المجتمعي. وفتح التازي النار على أكثر من مسؤول حكومي، إذ في حواره مع «المساء» يصف لشكر بأنه حالة خطيرة لأنه «بايع راسو» للمخزن، كما يستغرب كيف يسمح بلخياط لنفسه، وهو وزير في حكومة، أن يهاجم مواطنا بسبب آرائه ومواقفه. كما يؤكد أن الصعوبة التي يجدها مزوار في التصدي لرغبات الآخرين هي نقطة ضعفه، وهي التي تجعله لا يصلح كي يكون رئيسا للحكومة.
أثار آخر موقف صدر عنك بخصوص رغبتك في التصويت لحزب العدالة والتنمية في استحقاقات 25 نونبر المقبل كثيرا من التساؤلات. ما هي خلفية هذا الموقف الجديد؟
ليست هناك خلفية واحدة، بل خلفيات متعددة، أولاها أنني كنت أتمنى التصويت على الحزب الاشتراكي الموحد، لأنه الحزب الذي أحس بأنني قريب منه، ولدي احترام لعدد من قيادييه، أبرزهم محمد بنسعيد أيت يدر، ومحمد الساسي، وهو من السياسيين الذين أكن لهم احتراما كثيرا، رغم أنني لا أتفق مع كثير من مواقفه، وأبرز دليل دفاعه عن قرار المقاطعة، وأنا لا أتفق معه بتاتا في ذلك، وهناك أيضا نجيب أقصبي ومصطفى مفتاح، لكن قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات لم أكن أشاطره، ولهذا صار مستحيلا تحقيق الخيار الأقرب إلى قلبي. الخلفية الثانية تتعلق بإيماني بأن ما يسمى ب«الكتلة التاريخية» خيبت آمال من يثقون فيها بشكل يفوق الوصف، والأسلوب الذي بدأ به عباس الفاسي ولايته الحكومية أكبر دليل، إذ قال إنه لا يملك أي برنامج، وكل برامجه هي خطب الملك، وقد أظهر منذ البداية ألا أمل يرجى منه، وحتى ممارسته كوزير أول أظهرت أنه غائب، إذ يكتفي ببلع كل ما يوضع أمامه، وآخر نموذج على ذلك ما حصل مع قانون المالية، الذي لم يكن له علم بسحبه من البرلمان من قبل جهات أخرى، وقبِل بالأمر في ظل الدستور الجديد، ولهذا أظن أنه نزل بالممارسة السياسية إلى أسفل درجة، ولا أحد من المنتمين إلى حزبه امتلك الجرأة ليقول: «اللهم إن هذا منكر».
والأمر أسوء فيما يخص الاتحاد الاشتراكي، إذ لاحظنا تصرفات إدريس لشكر، التي تجعلنا نطرح تساؤلات حقيقية حول انتمائه الإيديولوجي، فهو لا يملك أي ضمير سياسي، وكل همه الظفر بمقاعد والحصول على امتيازات، وهو أحسن عامل لحزب «البام».هل يمكن أن نصوت على حزب يصر على تهميش عدد من الأطر الشابة من أمثال حسن الشامي وعلي بوعبيد وخالد الحريري، ولا أحد يأخذ برأيهم؟ الشيوخ من أمثال الراضي واليازغي انتهت صلاحيتهم، ويبقى لشكر أخطر حالة، وهو «بايع راسو» للمخزن.
وماذا عن تحالف الأحزاب الثمانية؟
أنا أصف تحالف «جي 8» بالانتحار السياسي للمغرب، وهو استمرار لحالة الجمود، التي تخدم الجهات التي أوصلت البلاد إلى حالته الحالية من فساد اقتصادي وسياسي، واستمرار النظام القائم على الأعيان والوجهاء وشراء الأصوات والذمم، وكل ما يمكن تصوره من مظاهر الفساد تجدها في قيم وممارسات المنتمين إلى هذا التحالف، وهو في الحقيقة مخطط لحزب الأصالة والمعاصرة بصورة ووجوه جديدة.
هناك وصف يمكن أن نطلقه على هذا التحالف هو أنه «مسرحية هزلية» يحار المرء معها ولا يعرف ما إذا كان سيبكي أو سيضحك، لكن ميلاد هذا التحالف على الأقل لديه جانب إيجابي هو أنه تبين، اليوم، بعد إقرار الدستور الجديد أنه تجسيد لما نسميه المخزن، وبتعبير آخر صار بالإمكان أن نعرف من خلاله وجوه المخزن والتيارات التي يختفي وراءها. لكن المؤلم هو هذا العبث الذي نستمر في ممارسته، وأنا متأكد أن من يقفون وراء تيار «جي 8» يسيرون بالنظام إلى الحافة، وأعتقد أنه لا يسع من لديهم غيرة على المغرب إلا أن ينددوا بفكرة هذا التحالف.
وبالعودة إلى قرار تصويتي على العدالة والتنمية، لا بد أن أبين ما أعرفه عن هذا الحزب، وهي في العموم أمور سلبية وأخرى إيجابية، وأبدأ بالسلبيات: لقد كنت من بين مؤسسي «منتدى المواطنة من أجل تغيير ديمقراطي»، وسبق لنا أن قدمنا مقترحاتنا بشأن الدستور، وكنا متشبثين بحرية الاعتقاد والمساواة التامة بين الرجل والمرأة والاعتراف باللغة والثقافة الأمازيغية كمكونات أساسية للهوية المغربية.. وما لاحظنا في اللحظات الأخيرة، التي ميزت النقاش حول الدستور، أن حزب العدالة والتنمية اتخذ موقفا أعتبره موقفا رجعيا أتأسف له كثيرا.
ألا يمكن أن نجد للحزب مبررا بكونه يعتمد مرجعية إسلامية، ويصعب أن يتخذ مواقف من بعض القضايا؟
لا أعتقد أن الإسلام ضد المساواة بين الرجل والمرأة، أو ضد اللغة والثقافة الأمازيغيتين أو ضد حرية الاعتقاد، لأن الإسلام يتحكم في الدائرة الشخصية للمواطن ولا علاقة له بالدولة وتنظيمها.
من السلبيات التي أسجلها أيضا خطابه، الذي يتميز بنوع من العنف تجاه بعض القضايا، وهو خطاب يثير الخوف، خاصة العنف ضد المثليين، وضد المهرجانات الموسيقية، وضد بعض أشكال الفن. ولهذا لا أتفق كليا مع المشروع المجتمعي للحزب.
أما فيما يخص الإيجابيات، فهذه أمور شهدتها في مناسبات عديدة، منها حين كنت رئيسا للجمعية المغربية للنسيج والألبسة، إذ لاحظت أنه حزب يؤدي عمله البرلماني بشكل جدي واحترافي، ولديه القدرة على الإنصات والرغبة في معرفة ما يفكر فيه الفاعلون الاقتصاديون والجمعويون. ثانيا، لا أحد يمكن أن ينكر على الحزب الديمقراطية الداخلية التي تميزه، واحترامه للمواعيد القانونية للمؤتمرات والنقاشات المفتوحة والحرة التي تميزها، وحرية انتقاد القيادات من طرف القاعدة وإمكانية تغييرها. إذ إلى حد الآن لم يظهر أي مؤشر يجعلنا نصف الأداء الداخلي بغير الديمقراطي ويجب أن نعترف للعدالة والتنمية بهذا الأمر.
الأمر الثالث الذي يجعلني أرغب في التصويت على الحزب، هو كونه الوحيد، الذي يعلن في خطابه أنه يرغب في ضمان جزء يسير من الاستقلالية عن القصر، ولن يقبل بتنفيذ كل ما يؤمر به.
هناك من يتساءل عما إذا كانت لك اتصالات بالعدالة والتنمية؟
ليست لي أي اتصالات أو تقارب مع هذا الحزب، والموضوع كله بدأ من تعليق لي على صفحتي على ال«فايسبوك»، جوابا عن سؤال لأحد رواد الصفحة بخصوص موقفي بعد قرار الاشتراكي الموحد مقاطعة الانتخابات، وكان جوابي هو وجود ثلاثة خيارات، هي التصويت على العدالة والتنمية أو الرجوع إلى الشارع أو المقاطعة. ولأنني غير مقتنع بالمقاطعة ولأنه ليس هناك مبرر في الوقت الحالي لمواصلة الاحتجاج، رغم أن ما يحدث مع الفنان معاد الحاقد يولد لدي الرغبة في النزول مجددا إلى الشارع، فقد كان جوابي أن التصويت على العدالة والتنمية هو آخر حل بالنسبة إلي، وهذا ما التقطه زملاء لكم وأثاروا كل هذه الضجة، وقيل إنني سألتحق بهذا الحزب، ففتح الباب أمام مزيد من الإشاعات التي تقول إن العدالة والتنمية وعدني بمقعد برلماني أو منصب وزاري، وهذا كله غير صحيح.
من بين الخيارات التي تحدثت عنها خيار النزول إلى الشارع، رغم أنك أعلنت مند شهور «الطلاق» مع حركة 20 فبراير بسبب ضغوط قيل إنك تعرضت لها من طرف جهات ما.
(مقاطعا) لم أعلن أبدا طلاقي أو قطيعتي مع هذه الحركة، والحمد لله أن كل مواقفي وتصريحاتي موثقة على صفحتي في ال«فايسبوك»، ومنذ مشاركتي في مسيرة 8 ماي بمراكش ضد الإرهاب لاحظت أن بعض الشعارات بدأت تخرج عن الأرضية التي اتفقنا عليها منذ اليوم الأول، وهي «الملكية البرلمانية»، إذ بدأنا نسمع شعارات مثل إسقاط النظام وغيرها، حينذاك تساءلت مع مجموعة من الأصدقاء من المحسوبين على تيار المستقلين عن المآل الذي نسير إليه، وكنت في وقت سابق في شهر مارس المنصرم قلت إن نفوذ جماعة العدل والإحسان وحزب النهج على الحركة ليس صحيا، وأنه إذا أردنا أن نوسع قاعدة المنتمين إلى الحركة فإن خطاب هذين التيارين سيخيف الناس ويبعدهم، وهو ما جر علي آنذاك سخط الكثيرين. لهذا قررت أن أنسحب بهدوء، لكني بقيت على اتصال بأصدقائي داخل 20 فبراير، وخاصة المنتمين إلى تنسيقية الدار البيضاء، وإلى الآن ما يزال التواصل مستمرا بيننا.
لكنك أوقفت كل أشكال الدعم المالي واللوجيستيكي لهذه الحركة.
بالطبع أوقفته، لكني ما أزال أدعمها معنويا، وأتعاطف مع المستقلين فيها، وأتبادل الآراء معهم، وقبل أيام، حينما حدثت احتكاكات بين بعض المحسوبين على العدل والإحسان وبعض العناصر المستقلة وما وقع من سب لبعض الفتيات ونعتهن بالكافرات، قلت مع نفسي: الحمد لله أنهم وصلوا إلى ما كنت أحذر منه قبل أشهر. لا أظن أن الدعوة إلى الجمهورية التي ينادي بها النهج تلقى قبولا من قبل أي شخص في المغرب، والدعوة إليها ستثير مخاوف المواطنين لأنها ستتم عبر شعارات إسقاط النظام وستبث الفوضى والفتنة في البلاد، أما ما يخيفني في مواقف العدل والإحسان وبعض التيارات الإسلامية، فهو إنكارها للقانون الوضعي، واعترافها فقط بالقانون الإلهي، وهو قانون على كل حال تختلف قراءة كل فرد له، وحسب فهم هؤلاء يمكن أن يكفروا من يشاؤون ويتدخلوا في حرية الآخرين، ولهذا فهذه الجماعة، التي لم تعترف أن البلاد تسير بقانون يلتزم به الجميع، أكيد سأتخوف منها ولا مجال لأن نتفق معها.
ألا تعتقد أنك اكتشفت، متأخرا، أنك تورطت مع حركة 20 فبراير؟
بالعكس لم أتورط، ولو قدر لي أن أعيد التجربة لأعدتها كما هي، وأظن أن التيار المستقل داخل الحركة هو أحسن أمل لهذه البلاد، ويجب أن يحسم في مسألة انفصاله ويكوّن حزبا سياسيا يستقطب أشخاصا آخرين، إذ لا يجب أن ننكر أن الفضل يرجع لهم في مبادرة الحركة والأرضية التي تأسست عليها، وهم من يقف وراء الإبداع الذي ميز عددا من المبادرات التي تم القيام بها، لكن للأسف عمدت تيارات أخرى إلى القفز على الأمر. أعيد التأكيد على أن تركي الحركة أمر طبيعي وأظن أن رحلتي معها انتهت.
يقال إن انسحابك من الحركة راجع إلى ما وصف ب«الضغوط الكبيرة» التي مورست عليك. هل هذا صحيح؟
هذه أمور طبيعية وتدخل في إطار ضريبة النضال، التي يؤديها كل من يؤمن بقضية ويسعى بكل الوسائل إلى الدفاع عنها.
بعد عدة أشهر من النضال في إطار الحركة، هل ما زلت تنادي بالمطالب نفسها التي طالبت بها، خصوصا مع إقرار دستور جديد؟
موضوع الدستور الجديد نقطة مهمة وضروري أن نركز عليها، لأن الدستور الجديد والخطاب الرسمي شيء والممارسة اليومية شيء آخر. إذ هذه الممارسة تجعل المرء لا يثق كثيرا في حصول تغيير وتدفعه لأن يصفها بالمناورة.
تقول أن لا شيء تغير. ألا يبدو من الضروري أن نمنح وقتا أكبر لتنزيل مضامين الدستور الجديد ومن ثم تقييمه والحكم عليه؟
أظن أن دستورا جديدا في أي بلد يعتبر مرحلة مهمة، ولكي يصدق الناس أن أمورا كثيرة تغيرت علينا أن نقدم مؤشرات، لكن للأسف هذه المؤشرات لم تقدم. مطالبنا في الشارع كانت واضحة، منها على الأقل ألا تظل وسائل الإعلام الرسمية وسائل للبروباغندا، وخلال الأسابيع الأولى من ظهور حركة 20 فبراير فتح المجال أمامنا للحوارات والنقاشات، حتى أنه لم نكن نصدق انفتاح التلفزيون إلى هذه الدرجة، لكن الآن لماذا تم إغلاق كل هذه القنوات والرجوع إلى الحالة السابقة؟
مطالبنا داخل الحركة لم تكن تتعلق بتغيير الدستور، بل كنا نطالب بإسقاط الفساد والاستبداد، ومناهضة السيطرة على وسائل الإعلام كمكون من مكونات الاستبداد وتوظيفها في البروباغندا.. هل هناك برنامج واحد أو نشرة أخبار واحدة تطرقت إلى قضية اعتقال معاد الحاقد؟ أضف إلى ذلك ممارسات الأجهزة الأمنية ضد رموز الحركة. وأيضا اللجوء إلى البلطجية لترهيب المناضلين، ثم التركيبة الجديدة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان مثلا، الذي يضم أناسا لا علاقة لهم بمجال حقوق الإنسان... هل هذه ممارسات يمكن أن تقنعنا بالرغبة في فتح صفحة جديدة؟.
هناك العشرات من الأمثلة، منها مثلا التحضيرات التي سبقت الانتخابات المقبلة. من كان يفاوض الأحزاب في القوانين الانتخابية وفي التقطيع الانتخابي؟ أليست وزارة الداخلية؟ هل كانت تخضع لأوامر الحكومة، مع أن الدستور الجديد ينص على هذا المبدأ؟ كل هذا لم يحدث. هذه ممارسات تأتي لتكذب الخطاب الرسمي.
من بين المواقف التي تنسب إليك وصفك الباطرونا ب«الجبناء»؟ هل تعتقد أن المرحلة الجديدة فرصة لرجال الأعمال ليحددوا مواقفهم مما يقع من حولهم؟
هذا سؤال علينا أن نطرحه على رجال الأعمال. هل هم راضون عن الوضع الحالي؟ اتحاد مقاولات المغرب اليوم على رأسه رجل محترم، لكنه كمؤسسة لم يعد يملك ولو غراما واحدا من الاستقلالية، وتحول إلى غرفة تسجيل لأهواء المخزن ومن يتحكمون في المخزن الاقتصادي. هل هذا وضع يرضى به هذا الاتحاد؟ الأمر ينعكس سلبا على وزنه، ولا أحد يعتبره أو يهتم لمواقفه.
ألا يتعلق الأمر بخوف رجال الأعمال من التعرض لضغوطات كما حدث مع الشامي سنة 2003؟
لا شيء من هذا حصل، وهذا هو الجانب الإيجابي للنظام المغربي مقارنة بالنظام السوري أو نظام بنعلي، فأنا أنتقد النظام منذ أزيد من 15 سنة، ولم يحدث أن تعرضت لتهديد بسجني، قد تحصل ضغوط غير مرغوب فيها، لكن من يملك مبادئ ويتشبث بها، ولا يعتقد أن الأموال هي كل شيء في حياته لا يخشى شيئا مما قد يهدد حياته أو سلامته الشخصية. الحقيقة أنني لا أستطيع فهم بعض رجال الأعمال الذين يظهرون درجة عالية من الجبن.
كيف السبيل إذن إلى منح الاتحاد استقلالية في اتخاذ قراراته ومواقفه؟
هناك وسيلتان لتحقيق ذلك، أولاهما أن يتحمل المنتسبون للاتحاد مسؤوليتهم كمواطنين، ويبينوا من خلال تصويتهم على أجهزته المسيرة أنهم يريدون اتحادا مستقلا، ولا ننسى أنه في سنة 2003 كانت هناك محاولة لفرض شخص مقرب من السلطة، هو عدنان الدباغ، لكنهم رفضوه وانتفضوا ضده فتمت إعادة اختيار حسن الشامي. ما الذي يمنع قيام ثورة مشابهة اليوم؟ وثانيتهما أن ترفع الجهات المسيطرة على الاتحاد يدها عنه، لأن الدستور الجديد يدعو إلى ممارسات جديدة.
من تقصد تحديدا ب«الجهات المسيطرة»؟
لم أعد أعرف صراحة. هناك أطراف تمثل المخزن الاقتصادي تتحكم في دواليب الاتحاد، وعليها أن ترفع يدها عنه، لأن المغرب في حاجة إلى باطرونا مستقلة، والديمقراطية في حاجة إلى قوات مضادة، وهي لا تعني أنها ضد النظام، لكنها وسيلة لضمان التوازن الديمقراطي.
منصف بلخياط، وزير الشباب والرياضة علق على مواقفك بالقول ب«أنك شخص تأكل الغلة وتسب الملة». ما هو ردك؟
أنا لم أستطع فهم مبررات الهجوم، الذي شنه علي منصف بلخياط، ولكنني لاحظت أنه يكرر انتقادات تلقيتها طيلة شهور عديدة حينما كنت أساند حركة 20 فبراير، ومن هذه الانتقادات أن عائلة التازي بنت ثروة وأن الفضل يرجع في ذلك إلى الدولة، وهي اليوم «تبصق في الحريرة». هذه مسألة خطيرة لأنها تعني أن كل من ربح شيئا في المغرب، يكون ذلك بفضل الدولة، وهذا يدفعنا للتساؤل عن سبب الامتيازات التي تمنح للبعض دون البقية. هذا خطاب خطير جدا وينفي عن الناس أي نجاح حققوه بجهدهم ومثابرتهم، بل لا جدوى من قضاء عشرات الساعات يوميا في معاملنا، وعلينا أن نكتفي بما ستجود به الدولة علينا. هذا خطاب لم أكن مستعدا لتحمله، وما كتبه بلخياط كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، خاصة أنه صدر عن وزير مسؤول في الحكومة، وهنا لا يجب أن ننسى أن بعض الأوساط الحكومية كانت لديها مهمة زرع هذه الإشاعات في الجلسات الخاصة والصالونات للتأثير على نضالات الحركة، ورسالتي المفتوحة التي أرسلتها إلى بلخياط كانت معبرة عن كل ما أحس به.
لكن علاقتك ببلخياط كانت على ما يرام.
علاقتي ببلخياط كانت متميزة، ومجموعتنا كانت أول زبون لديه حين عين مديرا لشركة «ميدتيل»، إذ كنا نلتقي في أكثر من مناسبة، ولم أكن أرى منه إلا كل خير، لكن التغيير الذي حصل بدأ منذ رفضي الالتحاق بجمعية «2007 دابا»، وكان هو آنذاك قد التحق بحزب الاستقلال، ثم فوجئنا باستوزاره تحت لون التجمع الوطني للأحرار، وهو ما انتقدته، وبطبيعة الحال تكفل «أصحاب الحسنات» بنقل ما صدر عني، وهو ما لم يرقه. بعد ذلك وقع هجومه على شباب 20 فبراير فانتقدته أيضا، ومنذ ذلك الحين ساءت علاقتنا إلى حدود الرسالة التي نشرت. أنا لا مشكل لدي مع منصف كشخص، لكنني أعتقد أن منصبه كوزير يفرض عليه أن يترفع عن بعض الأمور وألا يهاجم مواطنا أو مناضلا بسبب آرائه ومواقفه، إذ ما الذي كان يمنعه من أن يتصل بي، وهو من زودني أول يوم برقم هاتفي، لينتقدني مباشرة كما يشاء ويستوضح الأمور مني؟ هو أشد العارفين بأن الفضل في تكوين ثروتنا العائلية يعود إلى أبي وأنا لست إلا فردا في هذه العائلة. وبسبب انتمائي إلى حركة 20 فبراير عانت أسرتي الكثير من الضغوط. ولهذا لم يكن ممكنا السكوت.
بالحديث عن الوزراء، ما تقييمك لصلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية؟
مزوار زميلي في الجمعية المغربية للنسيج والألبسة، وأعرفه جيدا، وما يميزه أنه رجل ذكي، لكن نقطة ضعفه أنه لا يعرف متى يقول كلمة «لا»، ولا يعرف كيف يتصدى لبعض الجهات القوية. ولهذا أفضل وصف يليق بحالته أنه إنسان «مْدَرّم»، بدليل أنه التحق بحركة «لكل الديمقراطيين»، ثم جاءت محاولة حزب الأصالة والمعاصرة للاستيلاء على حزب التجمع، فسُخِّر مزوار لطرد مصطفى المنصوري، واليوم بعد الضربة القوية التي تلقاها «البام» على يد حركة 20 فبراير، تم استعمال مزوار وحزبه لتنفيذ المخطط الأصلي، وحصلنا على تحالف «جي 8» الذي أعتبره كارثة عظمى.
وحتى على مستوى وزارة المالية، فإن فلسفة مزوار هي «كم حاجة قضيناها بتركها»، إذ لم يرد الحسم في ملف إعفاء السكن الاجتماعي، ولم يرد الحسم في صندوق المقاصة، وظل يتقاذف المسؤولية مع نزار البركة، ولم يرد الحسم في ملف صندوق التضامن، كما لم يحسم في قضية سحب مشروع قانون المالية من البرلمان... وكلما أحس أن القضية «ساخنة» يفضل تركها. ولهذا أعيد تأكيد ما قلت، وهو أن من يعرفون مزوار يتذكرون أنه إنسان لطيف وذو مستوى عال من الذكاء و«يدخل القلب سريعا»، لكن يخيل إلي أن الصعوبة التي يجدها في التصدي لرغبات الآخرين هي سبب ما يعانيه الآن. هذه نقطة ضعفه، وهي التي تجعله لا يصلح كي يكون رئيسا للحكومة في سياق الدستور الجديد، لأننا في حاجة إلى رئيس حكومة لديه القدرة على أن يقول: «لا»، ولديه قناعات يدافع عنها، ويحترم قرارات من صوتوا عليه ووضعوه في هذا المنصب.
وهل تعتقد أن بنكيران يصلح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة؟
أظن أن بنكيران يصيب في أحيان ويخيب في أخرى، ويصعب في بعض الحالات أن تفهمه؛ وهنا أتذكر ما صدر عنه بخصوص تسريبات «ويكيليكس» حينما قال «إننا نحب الملك ولو لم يكن يحبنا»، وهذا رأي أعجبني وينم عن فنية عالية؛ وفي حالات أخرى يصدر عنه كلام يجعلني أتساءل عن ضرورته وقيمته.
أظن أنه مادام حزب العدالة والتنمية يخضع لأداء ديمقراطي، فشخصية الأمين العام لا تهم بالمقارنة مع أحزاب أخرى، لأنه حزب تمتلك فيه الأجهزة وزنا مهما؛ لكن هو، على الأقل، شخص لا يمكنك أن تتحكم فيه بشكل كامل، ولا يخضع لرغبات الغير دون أن يبدي رأيه كما يحصل مع الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.