أن يحمل حزبا العدالة والتنمية، التركي والمغربي، الاسم نفسَه، فالأمر عند قيادييهما مجرد صدفة. أن يكون لهما رمز المصباح ذاتُه، فذلك لا يعدو كونَه مُجرّدَ توارد أفكار. يؤكد رجب طيب أردوغان أنه «لا علم لي بحزب مغربي يحمل نفس الاسم»، وينفي عبد الإله بنكيران أي علاقة بين الحزبين، ل«اختلاف التجربتين وسياقيهما». قليلون هم أولئك الذين يعلمون أن الراحل فريد الأنصاري، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح وعبد الكريم مطيع، زعيم الشبيبة الإسلامية التي انشقت عنها مجموعة بنكيران مؤسس حزب العدالة والتنمية، هما من مريدي الشيخ التركي بديع الزمان سعيد النورسي، زعيم جماعة النورسيين وخالق نواة جماعة النور التركية ومُلهم زعماء حزب العدالة والتنمية، التركي والمغربي... خلال رحلة تتبُّع أثر العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والأتراك، بمن فيهم النورسيون وأعضاء حزب العدالة والتنمية التركي، وحتى المسؤولون التركيون الذين ليست لهم علاقة ب«الإسلاميين العثمانيين الجدد»، وقفت «المساء» على معطيات مثيرة للغاية. قادنا اقتفاء أثر الفرضيات حول العلاقة بين العدالة والتنمية المغربي ونظيره التركي إلى حقائقَ آخرها وأكثرها ارتباطا بما يعيشه المغرب حاليا من حراك. خلال نهاية الأسبوع الماضي، طار وفد مكون من أعضاء في حركة 20 فبراير إلى تركيا. ضم الوفد أسامة الخليفي، العضو البارز في الحركة، وبالضبط في تنسيقية الرباط، إلى جانب أحمد مدياني، عضو تنسيقية 20 فبراير في الدارالبيضاء، فضلا عن وداد ملحاف، التي أكدت، قبل أيام من السفر، أنها لم تتوصل بدعوة رسمية لزيارة تركيا، دون أن تنفي رغبتها في ذلك. بعد سجال، سافر الجميع إلى تركيا... كان وفد «الفبرايريين» هو من بادر إلى اقتراح السفر إلى تركيا، التي لها دور بارز في الحراك العربي الحالي. يشمل البرنامج المقترَح زيارة مُخيَّمات اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا ومقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، القيادي، أيضا، في حزب العدالة والتنمية التركي... كان على أعضاء حركة 20 فبراير الحصول على ورقتَي مرور من أجل دخول تركيا، أولهما بطاقات السفر إلى هناك، وثانيهما تخص «تسهيل» مأموريتهم هناك وتعبيد طرقهم إلى مُخيَّمات السوريين ومكتب أردوغان وشخصيات تركية أخرى. لم يضمن الورقةَ الثانية سوى حزب العدالة والتنمية المغربي، ويتجلى ذلك في تنسيق أحد قيادييه لسفر وفد 20 فبراير وتسهيل لقائهم بسياسيين أتراك ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، التركي. هذا القيادي هو عبد العالي حامي الدين، أستاذ القانون الدستوري وعضو الأمانة العامة لحزب «المصباح»، المغربي. ارتبط الحدث الثاني الجديد، الذي يكشف علاقة حزب العدالة والتنمية المغربي بتركيا، بسياق «الربيع الديمقراطي العربي» وما أثاره من تفاعلات ونقاشات. كان الحدث عبارة عن محاضرة ألقاها باحث سعودي وإعلامي يسمى نواف القديمي خلال الملتقى الوطني السابع لشبيبة العدالة والتنمية، الذي انعقد ما بين 17 و24 يوليوز الماضي في مدينة القنيطرة. تركزت محاضرة هذا الباحث، المنشورة في الموقع الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية، على تحديد أوجه التقابل بين ثلاث حركات إسلامية يرفض البعض ربطها بخيط ناظم. يتعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية المغربي ونظيره التركي وبحزب النهضة، الإسلامي، التونسي، الذي يتزعمه راشد الغنوشي، الذي عاد إلى تونس من المنفى بعد سقوط نظام زين العابدين. ما الذي يربط حقيقة بين العدالة والتنمية في كل من المغرب وتركيا غير الاسم المشترك؟ أليست هناك علاقة بالفعل؟ وهل الأمر مجرد اختيار أبناء قياديين في الحزب الدراسةَ في تركيا؟. تتناسل الأسئلة. تتزاحم في الأذهان وتغري بمتابعة فصول القصة الكاملة لهذه العلاقة بين إسلاميي المغرب وإسلاميي تركيا.