-من خلال اشتغالك الميداني على ملف الألغام في الصحراء، ما وصفك لوضع هذا الملف حاليا؟ لا يمكن أن ننكر المجهودات التي قام بها الجيش الملكي منذ أن أعطى الملك تعليماته لتنقية مناطق وادي درعة ووادي الساقية الحمراء ووداي الذهب من الألغام، حيث استطاع الجيش تنقية العديد من المناطق، رغم الظروف الجوية والحرارة المرتفعة، التي تحُدّ من وتيرة العملية، وهي مجهودات مغربية صرفة. وإلى جانب العمل على مستوى تنقية الصحراء من الألغام، هناك، أيضا، حملات تحسيسية قامت بها الجمعية المغربية لضحايا الألغام والسلطات المحلية في صفوف الساكنة في المناطق الجنوبية، وقد شملت هذه الحملات، بالخصوص، البدو الرُّحّل ومستعملي الطريق، حيث انخفض عدد الحوادث إلى أكثر من النصف، كما أنه لم تُسجَّل إصابات في عدة سنوات، وهذا عمل إيجابي يستحق التنويه. غير أنه ما تزال في المنطقة العديد من الألغام التي لا يمكن تحديد مواقعها، نظرا إلى غياب الخرائط الخاصة بها، وهذا يُشكّل عائقا كبيرا من أجل تنقية هذه الألغام، لأننا نعرف أن جبهة البوليساريو «تزرع» الألغام بشكل عشوائي، دون ترسيم أماكنها في خرائط مضبوطة، وحقول الألغام هذه كثيرة في التراب المغربي، عكس الجهة الأخرى، أي ما وراء الحزام الأمني، حيث يوجد عدد قليل من الألغام، والسبب هو أن الحرب بين المغرب والبوليساريو كانت جارية فوق الأراضي المغربية. المطلوب الآن بذل مجهودات أكبر من أجل تنقية جميع المناطق، حتى تصبح المنطقة خالية من الألغام، مع الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهها الجيش الملكي في هذا المجال، ففي فرنسا مثلا، وهي دول متقدمة، ما زالت فوق أراضيها ألغام تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، في منطقة «نورماندي»، أساسا، رغم التطور التقني في فرنسا، وهو ما يعني أن التخلص من الألغام بشكل نهائي يتطلب وقتا، لكنّ هذا لا يمنع من أن تستمر عملية التوعية والتحسيس، لتفادي الحوادث مستقبلا. -في نظرك، ما الدور الذي يمكن أن تؤديه دول الجوار التي لها علاقة بنزاع الصحراء في ملف الألغام؟ في اعتقادي، يجب الضغط على الجزائر من طرف المنتظم الدولي لكي يتم الحصول، أولا، على خرائط الألغام، على اعتبار أن الجيش النظامي الجزائري ساهم في «زرع» ألغام في الصحراء المغربية إبان الحرب. أما بالنسبة إلى جبهة البوليساريو، فنحن شبه متأكدين من أنها لا تتوفر على خرائط الألغام التي زرعتها في الصحراء، بحكم العشوائية التي تمت بها عمليات وضع الألغام، وهو ما يعزى إلى لجوء الجبهة إلى طريقة حرب العصابات خلال الحرب ضد المغرب، فضلا على أن البوليساريو كانت تعتمد على الألغام أكثر من اعتمادها على الأسلحة والمقاتلين. أما بالنسبة إلى الألغام الموجودة على طول الجدار الأمني فيسهل على الجيش الملكي إزالتها في حال حل مشكل الصحراء، لأن هذه الألغام تُستعمَل حاليا للحد من التسربات وبغرض حماية المناطق الداخلية، وتحقيق هذه الأهداف لن يبقى ضرورة مُلحّة في حال تسوية ملف الصحراء. -وماذا عن ملف تعويض المغاربة ضحايا الألغام؟ ما يزال هناك العديد من الضحايا لم يتوصلوا بتعويضات، نتيجة غياب الإرادة لدى الجهة المسؤولة، والتي تلجأ إلى مبررات مختلفة قصد تعويض الضحايا. وقد سبق أن زارتنا العديد من المنظمات الدولية، كالصليب الأحمر الدولي ومنظمة نداء جنيف، لكن الجمعية (جمعية ضحايا الألغام) ليست لها شراكات مع هذه المنظمات كي تتم أجرأة التعويضات، وتبقى مهام هذه المنظمات، تبعا لذلك، منحصرة على الاطّلاع على الأوضاع، والمسؤولية في إنهاء هذا الملف تتحملها، دائما، البوليساريو. إلى جانب ذلك، هناك ضرورة مُلحّة لتعجيل وزارتي الصحة والأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية ببذل مجهودات، على الأقل، من خلال فتح مركز صناعة الأطراف الموجود في مستشفى العيون، والذي أُغلِق يوما بعد تدشينه. نور الدين ضريف - عضو الكوركاس والأمين العام السابق ومؤسس الجمعية المغربية لضحايا الألغام