غص مركب الحرية بفاس ليلة أول أمس الأحد ب«فقراء» و«فقيرات» الزاوية القادرية البودشيشية الذين حجوا إلى هذا الفضاء لإحياء ليلة أمداح نبوية تنظمها الزاوية كل شهر رمضان بالمدينة منذ ثلاث سنوات. وخصص جناح للنساء وآخر للرجال في القاعة ذاتها. وامتدت الأمداح النبوية إلى حدود منتصف الليل، دون أن ينسحب الحاضرون إلى أن أنهيت الحفلة بشكل رسمي، قبل أن يعودوا إلى مقر الزاوية بالمدينة العتيقة لتناول وجبة جماعية للعشاء. وترأس هذه الفرقة الموسيقية الشاب عماد، وهو أحد حفدة الشيخ حمزة، شيخ الزاوية والتي يوجد مقرها المركزي ببلدة مادغ بضاحية مدينة بركان. وحضر هذه الحفلة بعض المقربين من الشيخ حمزة، كما حضرها أجانب ضمنهم يابانيون. وحضر هذه الأمسية الدينية عدد من أطر المدينة، وبكت فيها نساء وهن يستمعن إلى الأناشيد، فيما ارتفع الاندماج مع الأناشيد بشيوخ وشباب إلى درجة خاضوا معها في «حضرات» متكررة دون أن يتحكموا في أنفسهم. وقدرت المصادر عدد الحاضرين خلال هذه الأمسية بنحو 1000 شخص، مضيفة أن القاعة لم يسبق لها طيلة هذه السنة أن شهدت هذا الحضور المكثف، خصوصا وأنها احتضنت أكثر من نشاط ثقافي وسياسي. وطبقا لمسؤول في الزاوية، فإن نفس المشهد سيتكرر يوم الخميس المقبل بجامعة الأخوين بإيفران، ويوم السبت الذي يليه بمدينة صفرو. وقال عبد الله معصر، مقدم الزاوية البودشيشية بفاس، إن هذه الليلة «تندرج في إطار مساهمة الزاوية في تخليق الحياة المدنية للإنسان، وذلك بتفعيل الجوانب المغيبة في حياته والمتعلقة بالروح». وأضاف معصر، وهو أستاذ جامعي متخصص في الدراسات الإسلامية بكلية فاس سايس، في تصريح ل«المساء»، أن سبب اختيار شهر رمضان لإحياء هذه الأمسية يكمن في كون شهر رمضان من المناسبات التي تكون للإنسان فيها قابلية للاندماج في هذا الجو الروحي. وذكر نفس المصدر في بداية تقديمه للأمسية أن هذه الليلة سبقتها أنشطة كثيرة، منها أعمال اجتماعية، قامت بها الزاوية بغرض إدخال السرور إلى قلوب المحتاجين. وقال إن هذه الزاوية لا تفرق بين اللغات والثقافات والشعوب، مثنيا على الشيخ حمزة الذي قال عنه إنه أخذ بأيدي الناس إلى الله سبحانه. وأورد أن عددا من الغربيين عاشوا يقظة إيمانية في حضرة هذا الشيخ، داعيا له بالصحة في وقت يعيش فيه ظروفا صحية صعبة. وذهب إلى أن هدف الزاوية هو إنقاذ الناس وإخراجهم من عالم الغفلة إلى عالم اليقظة.