توقع مصدر من الطريقة القادرية البودشيشية، كبرى الطرق الصوفية بالمغرب، أن يصل عدد المشاركين في الاحتفال بالمولد النبوي بمقر الزاوية بمداغ في الأسبوع المقبل إلى مائة ألف شخص أو يزيد، من مختلف بقاع العالم، وقال إن جميع الترتيبات قد اتخذت من قبل الزاوية لضمان السير الطبيعي لاحتفالات هذا العام والسهر على أن يمر التجمع البشري الكبير الذي تشهده الزاوية في أحسن الظروف. وقال المصدر، في تصريحات ل«المساء»، إنه من المقرر أن تشهد الزاوية هذه السنة مشاركة وفود جديدة للمريدين القادمين من خارج المغرب، في إطار التوسع الذي تشهده الطريقة في العالم، مثل مشاركة مريدين للطريقة من منطقة الخليج الذي لم يكن ممثلا بشكل قوي في السابق داخل الطريقة. وكانت احتفالات السنة الماضية بالمولد في مقر الزاوية بمداغ قد شهدت لأول مرة حضور مشاركين من الإمارات العربية المتحدة. وتستقبل الزاوية البودشيشية ببلدة مداغ، وهي بلدة صغيرة ناحية بركان بالمغرب الشرقي، عشرات الآلاف من مريدي الطريقة كل عام، حيث يقيمون ثلاثة أيام للاحتفال بالمولد النبوي، تختتم بإقامة حفل السماع أو ما يسمى ب«الليلة» في اليوم الأخير حتى وقت متأخر من الصباح، وفيها يتم ختم سلكات القرآن ودلائل الخيرات وصحيح البخاري وكتاب الشفا للقاضي عياض، وذلك في أجواء روحانية تطبعها الجذبة الصوفية بحضور شيخ الطريقة حمزة البودشيشي الذي يبلغ من العمر 82 عاما ويقيم بمقر الزاوية إلى جانب بعض أبنائه. وقال نفس المصدر، في حديث ل«المساء»، إن شيخ الطريقة يوجد في صحة جيدة بعد ما مر بأزمة صحية خفيفة، لكنه لم يغادر مقر الزاوية منذ حفلة المولد النبوي في العام الماضي. وحول موضوع خلافته على رأس الزاوية كشف المصدر أن هذا الأخير أوصى بالخلافة من بعده لابنه جمال، وهو رجل تعليم متقاعد خريج دار الحديث الحسنية يبلغ من العمر 62 سنة ويقيم بمقر الزاوية إلى جانب والده، ونفى أن يكون منير، أحد أبناء جمال، هو المرشح لخلافة الشيخ حمزة على رأس الزاوية. ويحظى منير بترحيب واسع وسط مريدي الطريقة الذين يروج بعضهم أنه خليفة الشيخ، ولا يتردد الكثيرون في التماس القرب منه والسلام عليه في جميع ملتقيات الطريقة لنيل «بركته» من جانب آخر قال عبد الصمد غازي، أحد أبناء الطريقة البودشيشية والباحث في الشؤون الصوفية، إن جميع الترتيبات الأمنية لضمان السير الطبيعي للاحتفالات الرسمية للطريقة قد اتخذت، وأضاف أن هذه الترتيبات يسهر عليها فريق خاص من فقراء الطريقة الذين يتكلفون باستقبال المريدين وتنظيم إقامتهم داخل الزاوية، وكذا السلطات العمومية في المنطقة الذين اعتادوا على مثل هذه الاحتفالات، حيث يكون هناك طاقم كامل من رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة، وكشف غازي أن الزاوية هذا العام، بسبب توقع مشاركة أوسع، ستستعين بشركات خاصة للأمن لحراسة ما أسماه «المواقع الحساسة» مثل جناح النساء داخل الزاوية. وأشار غازي، في ذات الوقت، إلى أن احتفالات الزاوية هذا العام بالمولد النبوي سيطبعه توجه أكبر نحو العمل الاجتماعي، حيث سيقام حفل ختان لأبناء المنطقة كما سيتم توزيع مقاعد متحركة على فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة وتوزيع نظارات طبية على بعض الأطفال والتلاميذ. وقال لحسن السباعي الإدريسي، أحد الوجوه البارزة في الطريقة، إن مقر الزاوية سيشهد هذا العام تنظيم الملتقى العالمي الثاني للتصوف تحت عنوان «التصوف والقيم العالمية»، بعد الملتقى الأول الذي أقيم في العام الماضي، حيث سيشارك فيه العديد من الباحثين وأبناء الطريقة من المغرب وخارجه. واتجهت الزاوية البودشيشية في الفترة الأخيرة إلى التركيز على التشبيب واستقطاب الفئات الشابة بشكل أكبر، خصوصا بعدما أصبح التوجه الصوفي خيارا رسميا للدولة في إطار ما يعرف بهيكلة الحقل الديني الذي تقوده وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإشراف مباشر من الملك محمد السادس، بعد تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003 وفي سياق محاربة التوجهات الراديكالية للتدين. كما شرعت الزاوية منذ العام الماضي في الانفتاح أكثر على وسائل الإعلام الداخلية والأجنبية لترويج خطابها الذي بات يتضمن مفردات جديدة معاصرة، حيث عقدت لأول مرة في العام الماضي ندوة صحافية بمقر الزاوية.