لم يكن عبد الله القادري، زعيم الحزب الوطني الديمقراطي، يعتقد أنه سيتلقى ضربة قوية من المقربين منه الذين عايشوه لمدة 25 عاما. فقد وجد القادري نفسه فجأة وحيدا ومعزولا بعدما رفض أغلبية أعضاء المكتب السياسي وجميع برلمانيي حزبه التجاوب مع دعوته إلى الانسحاب من حزب الأصالة والمعاصرة. فمباشرة بعد عقده لاجتماع يوم الخميس الماضي ضم 9 أعضاء من المكتب السياسي وقراره الانسحاب من الاندماج مع حزب الهمة، عقد معارضوه في الحزب الوطني الديمقراطي ندوة صحافية كالوا له فيها الاتهامات ووصفوه ب«الانتهازية» و«لعب الدراري». وتزعم الندوة قياديان معروفان في الحزب كانا من أوفيائه المقربين، ويتعلق الأمر بكل من ميلودة حازب نائبته السابقة، التي تعمل في مكتب فريق الهمة في البرلمان بعدما لم تفلح في الفوز في انتخابات 2007، والطاهر شاكر البرلماني المتحمس للانضمام إلى حزب الهمة. حازب وصفت تصريحات القادري ب«المتناقضة»، وقالت في الندوة الصحافية التي عقدت مساء الجمعة الماضي بالرباط، إن بلاغ القادري بالانسحاب من الأصالة والمعاصرة «غير مبني على شرعية ولا منطق»، وأكدت أن حزبها السابق أصبح منحلا بعدما قررت القيادة «الاندماج في الأصالة والمعاصرة عن قناعة وليس بمزاجية». وأكدت حازب أن بقية أعضاء المكتب السياسي فوجئوا ببلاغ القادري الذي يعلن فيه الانسحاب من الأصالة والمعاصرة، «عقدنا لقاء يوم الجمعة، واتفقنا على عقد ندوة صحافية». وقالت «من غير موقفه فلا يلزم إلا نفسه». أما الطاهر شاكر، فعبر بدوره عن استغرابه قائلا: «هذا الحدث باغتنا، بعد إصدار أناس لبلاغ سموا فيه أنفسهم بالمكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي»، وهو بلاغ وصفه ب«الفارغ من مضمون سياسي وأخلاقي». وقال إن هذا الموقف جاء ليشوش على مشاركة الحزب في الانتخابات الجزئية. وأكد أن الحزب انحل بمجرد اندماجه في «الأصالة والمعاصرة»، لأن القانون الأساسي للحزب ينص في المادة ال19، على أن للمكتب السياسي الحق في البت في الاندماج في حزب قائم أو جديد»، وقال: «لقد صادقنا على الاندماج وانتهى الحزب». وحسب شاكر، فإنه لم يحضر مع القادري إلا 9 أعضاء من المكتب السياسي، تراجع منهم 2، وذلك من أصل 29، هم مجموع أعضاء المكتب السياسي. أما الندوة فقد ضمت 16 عضوا من المكتب السياسي، وجميع البرلمانيين في الغرفتين. وحول قول القادري بأنه وضع شروطا للاندماج لم يتم احترامها، قال شاكر: «القادري لم يضع أية شروط، وهذا «كلام الدراري الصغار». وحول مصير أموال الحزب، أكد منظمو الندوة أنها ستؤول «إلى الحزب الجديد، وسنقوم بمحاسبة وجرد لكل الممتلكات». وحسب مصادر في حركة لكل الديمقراطيين التي تعتبر العمود الفقري لحزب الأصالة والمعاصرة، فإن رحيل القادري بث شعورا بالارتياح في صفوف كثير من المنخرطين، و«فتح المجال للأطر التي كانت شخصية القادري تحول دون انخراطها في الحزب».