أصبح الحزب الوطني الديمقراطي، للجنرال عبد الله القادري، منذ صباح يوم أمس في خبر كان، بعدما قررت المحكمة الابتدائية بالرباط حله ومصادرة جميع ممتلكاته ومقراته لفائدة حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك بعد ثلاثة أشهر تقريبا من رفع هذا الأخير دعوى إلى المحكمة لطلب إجراء معاينة قضائية والبت في النزاع الذي قام بين الحزبين بعد عملية الاندماج. وتزامن قرار الحل والمصادرة مع تلقي القادري ورفاقه، الذين نزلوا من سفينة حزب الهمة بعد خلافات داخلية إثر الاندماج، وصل الإيداع بتأسيس حزب جديد، أول أمس الثلاثاء، تحت اسم «الحزب الديمقراطي الوطني»، وهو اسم لا يختلف كثيرا عن الحزب القديم إلا من حيث تغيير موقعي الكلمتين. واستند القرار إلى المادة 41 من قانون الأحزاب السياسية، الذي ينص في فقرة منه على حل كل حزب يندمج في حزب قائم أو في حزب جديد، مما يعني أن ممتلكاته ومعداته تصبح كلها في ملكية الحزب الجديد بشكل تلقائي، بناء على أن الحزب انتهى منذ التوقيع على التصريح بالاندماج. وقال محامي الحزب المنحل، عبد الواحد الهودلي، في تصريحات ل«المساء»، إنه سيستأنف الحكم الصادر عن محكمة الرباط، الذي اعتبره «غير موضوعي اعتبارا لكون التوقيع على التصريح بالاندماج لا يترتب عنه أن يصبح الحزب منحلا»، مضيفا أنه إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة ووزارة الداخلية يستندان إلى المادة 41 من قانون الأحزاب، فإن دفاع الحزب الوطني الديمقراطي «متمسك بالقانون كله بجميع بنوده خاصة المادة 42»، وأن القانون الداخلي للحزب يشير إلى أن قرار حل الحزب لا يمكن أن يتخذ إلا في مؤتمر استثنائي يحضره جميع أعضاء الحزب ويتخذ قرار الحل بالغالبية المطلقة. وتنص المادة 42 من قانون الأحزاب على أن انضمام حزب إلى حزب آخر أو اتحاد للأحزاب يجب أن يصادق عليه من لدن الجهاز المؤهل لذلك بموجب النظام الأساسي للحزب. وردا على سؤال بخصوص اجتماع هياكل الحزب والمصادقة على قرار الاندماج قال الهودلي، الذي هو في نفس الوقت عضو بالحزب، إن قرار الاندماج تم ب«الموافقة المبدئية» في يوليوز من العام الماضي، لكن تبين فيما بعد أن عملية الاندماج «لم تكن صائبة، مما دعا المكتب السياسي إلى عقد اجتماع في 11 سبتمبر والتراجع عن العملية». وفي اتصال بعبد الله القادري، الكاتب العام للحزب، قال ل»المساء»، إن «لا تعليق لديه في الوقت الحالي» بخصوص القرار، مشيرا إلى أن أجهزة الحزب ستجتمع في القريب العاجل لتحديد طريقة الرد. وبخصوص توصل الحزب الجديد، الذي ينوي إنشاءه بوصل الإيداع، وما إن كان ذلك اعترافا ضمنيا بحل الحزب القديم قبل أن تقول المحكمة كلمتها، قال القادري: «الله غالب، فبعدما لم نجد حلا مع عدد من الجهات في المغرب قررنا تأسيس حزب جديد، وكل واحد يتحمل مسؤوليته»، مضيفا: «لقد اعتدوا علينا». وتعذر الاتصال بأمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، الشيخ محمد بيد الله، لأخذ رأيه في الموضوع، لكن الحبيب بلكوش، العضو حزب الجرار، قال ل«المساء» إن قرار المحكمة الابتدائية «تأكيد لواقع قائم»، معتبرا أن اندماج الحزب الوطني الديمقراطي في حزب الأصالة والمعاصرة «يجعله ينحل من تلقاء نفسه». كشف أحمد المرزوقي، الضابط المغربي السابق الذي شارك في انقلاب الصخيرات ضد نظام الحسن الثاني، أن عبد الله القادري، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي المنحل، كان ضمن القيادة العليا برئاسة الكولونيل امحمد عبابو الذي قاد انقلاب الصخيرات الفاشل. وقال المرزوقي، الذي كان يتحدث في حلقة تلفزية من برنامج «شاهد على العصر» بقناة الجزيرة، إنه شاهد القادري يتحدث إلى الكولونيل اعبابو رفقة 5 أو 6 ضباط سامين آخرين بزي مدني كانوا ينتظرون القافلة العسكرية التي اقتحمت قصر الصخيرات في ال10 من يوليوز من سنة 1971. ولم ينف القادري هذه الواقعة، بل قال في اتصال مع «المساء» إنه فعلا كان ضمن القيادة العليا لهذه القافلة العسكرية التي قادها اعبابو، غير أنه لم يكن يعلم بأن اعبابو يخطط لانقلاب ضد الحسن الثاني إلا في ذلك اليوم عندما أخبره اعبابو بهذا الأمر وهما داخل سيارة مدنية، وقال القادري «نعم طلب مني أن شراكة في الانقلاب، لكني رفضت وقلت له إني ملكي». وحول السبب الذي جعله لم يخبر مسؤولين في الدولة مادام كان على علم بأن اعبابو يخطط لقلب نظام الحسن الثاني، أوضح القادري قائلا: «يصعب في تلك الفترة أن تجد مسؤولا تتحدث معه في مثل هذا الأمر، لأنك ستجد نفسك في مأزق لن تخرج منه».