رسميا «المؤتمر الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة بعد خمسة أسابيع على أقصى تقدير»، والعهدة هذه المرة على الأمين العام للحزب حسن بنعدي، الذي حاورته «المساء» أول أمس الأربعاء في اليوم الموالي للاجتماع الذي نظمه حزبه بالرباط يوم الثلاثاء الماضي والذي كان على شكل يوم دراسي، حضره أغلب أعضاء المكتب الوطني وعلى رأسهم فؤاد عالي الهمة. في هذه الخرجة الإعلامية التي تسبق انعقاد المؤتمر يكشف بنعدي عن خبايا انسحاب الوزاني والقادري ويفسر قرار طرد النائبين شعو وقبة، كما يتحدث عن حصيلة نصف عام من ولادة «الأصالة والمعاصرة». - مر إلى حدود اليوم نصف عام تقريبا على إطلاقكم تجربة «حزب الأصالة والمعاصرة». هل من حصيلة أولية؟ < ستة أشهر ليست فترة كافية من أجل تقديم حصيلة تجربة «حزب الأصالة والمعاصرة»، لكن يمكنني أن أتحدث عن الأهداف التي رسمت خلال الانطلاقة وأقيم تطورها إلى حدود اليوم، فعندما اخترنا مقاربة حزب جديد انطلاقا من إدماج أحزاب كانت موجودة، فقد كان مطلوبا منا في مرحلة أولى «تفعيل الاندماج» والآن نحن على بعد أسابيع قليلة على عقد المؤتمر الوطني للحزب، الذي سيكون هدفه الأساسي هو «تكريس الاندماج». إذن سنمر من التفعيل إلى التكريس. من جهة أخرى إذا أردنا أن نفهم ما واكب التجربة منذ انطلاقها يجب أن نصنف ما يقال وما يروج في خانتين: أولا هناك مشاكل وصعوبات موضوعية وهذا طبيعي ونحن كنا نتوقعه وننتظره، وهناك أشياء أخرى وهي صعوبات مفتعلة ومؤولة نظرا لاعتبارات أخرى. - سنعود إلى هذه النقطة، ولكن قبل ذلك يجب توضيح ما قلته حول «تفعيل الاندماج» لأنه في الواقع لم يتم والأدلة موجودة: انسحب القادري وتبعه الوزاني وبينهما طردتم برلمانيين وغادر يحيى يحيى، وبالتالي فالاندماج لم يتم ولن يكرس في المؤتمر؟ < يجب التوضيح أولا أن السؤال السياسي فرض نفسه علينا وكنا على أبواب انتخابات محلية وطرح السؤال هل سنبدأ من الصفر أو سندخل إلى حزب ما أو سندخل إلى حزب صغير ونغيره، وكان الجواب بطريقة براغماتية محضة هو تجربة فريق الأصالة والمعاصرة في البرلمان، فلما دخل فؤاد عالي الهمة إلى البرلمان هو وبعض أصدقائه بدون انتماءات سياسية وتشكلت الفرق البرلمانية بقي بعض ممثلي الأحزاب الصغيرة بالإضافة إلى اللامنتمين وشكلوا كتلة برلمانية من 36 نائبا برلمانيا وأطلقوا عليها اسم فريق الأصالة والمعاصرة، فقلنا لماذا لا نتقدم بعرض سياسي على كل هؤلاء الفاعلين من أجل تشكيل حزب سياسي وفي النهاية وصلنا إلى قناعة أنه بالإمكان تأسيس حزب انطلاقا من اندماج كل تلك الأحزاب الصغيرة المشكلة للفريق. وهنا سأجيبك عن سؤالك حيث إنه لتفادي صعوبات الاندماج شكلنا لجنة داخلية من كل الأمناء العامين المندمجين بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص وهم: فؤاد عالي الهمة ومحمد الشيخ بيد الله وعبد ربه أطلقنا عليها اسم لجنة العلاقات العامة وكانت المهمة المنوطة بها هي تدبير تفعيل الاندماج منذ يوم الاندماج وإلى حدود المؤتمر الوطني الأول. وهكذا قمت أنا بصفتي أمينا عاما للحزب بمنح كل أمين عام للأحزاب المندمجة تفويضا لتدبير الشؤون المالية لأحزابهم التي حلت. ثانيا كان لا بد من تدبير وتقييم وضعية كل حزب على حدة من المندمجين لأن كل واحد منهم يقول إن له كذا وكذا من المنتخبين وكذا وكذا من المنخرطين، فكان ضروريا وجود أداة لتقييم ما لدى كل حزب حقيقة وليس ما يقال فقط. كنا ننتظر أن الصعوبات ستأتي من منتخبي هاته الأحزاب، فنظمنا اجتماعات متعددة مع هؤلاء، لكن المفاجأة كانت هي أن الاندماج بين القواعد كان سلسا وهائلا، لأن هؤلاء الناس كانت لديهم رغبة في الخروج من أحزاب صغيرة والانخراط في تجربة كبيرة تمنحهم قوة، وهكذا بدأت تظهر الصعوبات على مستوى القيادات، ونحن كنا نفترض أن القيادات قد حلت معها كل المشاكل قبل الاندماج، لأن هؤلاء زعماء أحزاب وماداموا وقعوا على الانخراط في تجربة الأصالة والمعاصرة فهم قد فكروا جيدا في قرارهم، وكنا نقول إنه تحصيل حاصل على مستوى القيادات «إن الاندماج قد تم»، وهنا لم نعد نفهم أي شيء، وصار هؤلاء الزعماء يقولون كلاما في الاجتماعات ويصرحون بكلام آخر للصحافة، وفي النهاية وجدنا أن لدى هذه القيادات موقف تفاوضي وهو التالي: صاروا يطالبون بضمانات. - ما هي الضمانات التي طالب بها القادري مثلا؟ < القادري قال: «أنا أريد أن أكون رئيسا للأصالة والمعاصرة» وصرح بذلك للصحافة وكان ذلك أسبوعا بعد أن عاد من عطلته، وعندما عبر عن رغبته لنا لم نقل له أي شيء وصرحنا له في المكتب بأن المؤتمر قادم وسنرى ما سيحدث، ولكن رفض وقال: «لا خصني ضمانات»، أكثر من ذلك ذهب إلى مكتبه الذي أعده بطريقة فخمة وكتب عليه «مكتب الرئيس» (يضحك) وأقام بجانبه مكتبا صغيرا سماه بمكتب «الأمين العام» بحال شي كاتب ديالو، وقام بأشياء صبيانية، وقررنا في المكتب السياسي أننا لن نشتغل في أي من مقرات الأحزاب الخمسة المندمجة وسنبحث عن مقر جديد، وكان ذلك أول خلاف مع القادري عندما رفضنا أن نعقد اجتماعاتنا في مقرات الحزب الوطني الديمقراطي، وفي تلك الفترة بدأ يصرح: «أنا أريد ضمانات، أنا أريد شروطا، أنا أريد عقد المؤتمر»، وبدأ يبحث عن فتوى قانونية من أجل القول إن حزبه لم يحل، فالتجأ إلى القضاء ونحن في الحقيقة صرفنا الانتباه عما يقوم به. - وماذا عن الوزاني؟ < بالنسبة إلى الوزاني بدأت نفس المشاكل تطرح: تردد، خطاب مزدوج، مصالح خاصة... إلى أن جاءت قضية النائب شعو، القريب منه، وماذا وقع؟ وقع أنه في الوقت الذي كنا نتلقى فيه هجومات سياسية طبيعية من كل جانب، لأنهم استكثروا علينا تأسيس حزب جديد اسمه «الأصالة والمعاصرة»، في هذا الجو يأتي السي شعو ويقول: «أنا أقدم استقالتي من حزب الأصالة والمعاصرة» ليس ذلك فقط، فقد قدم استقالته وأطلق على الإنترنت حملة هجومية ضد قياديين في الحزب وعلى التجربة، فكان من الطبيعي أن نجتمع في المكتب السياسي ونتداول في أمره، هو وهداك اللي معاه، من النواحي ديال الشاوية، قبة، وهذا الأخير تداولنا في أمره لاعتبارات أخرى لأن عددا من الأشخاص اشتكو منه ونحن تحرينا ووجدنا أن عليه مجموعة من المآخذ ومجموعة من الأشياء يمكن أن يأتي وقت لنصرح بها، وللصدفة سيتخذ قرار ضد شعو وقبة في نفس الوقت، وقلنا آنذاك في المكتب السياسي إنه ينبغي أن تكون لدينا الشجاعة لتنقية صفوف حزبنا منذ البداية، واتخذنا قرار الطرد، لكن نجيب الوزاني رفض ذلك لأن له ارتباطات قوية بالنائب شعو، وأعلن تحفظه في ثاني اجتماع، لأنه يتغيب كثيرا بما أنه عضو لجنة الداخلية وفي كل مرة يريد فيها أن يتغيب عن اجتماع كان يقول إن لديه اجتماعا طارئا في لجنة الداخلية، وعندما حضر أحد الاجتماعات عبر عن تحفظه حول القرار ونحن من جانبا سجلنا تحفظه، لكن هناك فرق ما بين التحفظ وما بين القول أن قرار المكتب الوطني لم يكن صحيحا، لأن قانون الأحزاب يقولها صراحة فخلال المرحلة الانتقالية ما بين الاندماج وصولا إلى عقد المؤتمر الوطني الأول فإن المكتب الوطني يقوم مقام باقي مؤسسات الحزب بما فيها لجنة التأديب. في النهاية كل هذا لن يوقفنا عن الاشتغال والاستمرار في نهجنا المتطور ونحن الآن نتحاور مع أحزاب أخرى لن أذكر أسماءها من أجل الاندماج والتحالفات والاتحادات. - في هذا الصدد دائما: لقد رفعتم منذ البداية شعار «مناهضة البلقنة الحزبية»، وعلى هذا الأساس اتخذتم قرار الاندماج، لكن التطورات الأخيرة تؤكد أنكم قد تكونون السبب في بلقنة حزبية جديدة، بما أن جزءا ممن أدمجتموهم عادوا إلى مواقعهم الأولى، والبقية قد تأتي؟ < من يظنون أنهم بمجرد خروجهم أو مغادرتهم سوف يؤسسون أحزابا، وسيجدون تجاوبا من طرف الإدارة هم على خطأ وأنا مقتنع بما أقوله، والمنهجية التي نتبعها في حزب الأصالة والمعاصرة مدبرة بوعي دقيق وهو أنه يجب علينا أن نواجه هؤلاء وهذا التيار، وسنواجههم بالممارسة السياسية فنحن نقول إن حزب الأصالة والمعاصرة سيكون على شكل فيدرالية من 16 حزب بل إنه على أساس 16 جهة في المغرب، نحن بصدد تأسيس أحزاب جهوية تضمها فيدرالية وطنية مركزية، وبرنامج المؤتمر الوطني يقوم على أساس بناء هذه الأحزاب الجهوية بمعنى أننا ننقل السلطة من المركز إلى الجهات حتى مسألة التزكية والتمويل فالجهات هي من يقررفيها. - هل معنى هذا أن ما دفع كلا من الوزاني والقادري إلى الانسحاب هو صراع مواقع؟ < بالتأكيد هو صراع مواقع ليس إلا، واختلاف في المقاربة التنظيمية. هم يقولون هذا نائب ديالي هذا مستشار ديالي ونحن نقول إن النائب أو المستشار هو ملك للناس الذين صوتوا عليه. وهنا وقع اصطدام بين ثقافتين سياسيتين. - ذكرت أن هناك هجومات على الحزب، لماذا يهاجم الأصالة والمعاصرة؟ < ببساطة لأننا في الأصالة والمعاصرة نقول: «حنا ولاد اليوم». المغرب يسير في مسلسله الديمقراطي، وانتقل من الديمقراطية المراقبة ومر بديمقراطية توافقية، ولكن توافقات فوقية، التي كانت ضرورية ربما في نهاية التسعينات، ودخل إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة الممارسة الديمقراطية، وهنا اصطدمنا بوجوه المرحلة السابقة التي تتوفر على مواقع موروثة عن المرحلة السابقة، وكل واحد منهم، لاعتباراته الخاصة، اعتبر ما أسموه ب»الوافد الجديد» شيئا سيلخبط قواعد اللعبة والتوازنات و»التوافقات»، وبعضهم قالها لنا صراحة: «هاد الشي مزيان ولكن ماهو موجود حاليا رغم رداءته هو أحسن من والو». فهم خائفون من شيء جديد قد يمس بالتوازنات وبالمواقع. - ولكنكم هاجمتم الإسلاميين منذ دخولكم المشهد؟ < لا. نحن لم نهاجم الإسلاميين لكننا جئنا لنقول لهم إننا «نحمل مشروعا وننتصر لمشروع لا يواجهه في الساحة إلا مشروعكم، ونحن لا نقبل مشروعكم المجتمعي ونحن بكل صراحة ضده، وهذا ليس هجوما وإنما توضيح لتموقع سياسي على المدى الاستراتيجي، ونحن صرحنا بوجهة نظرنا انطلاقا من عملية تفكير قامت على صورة كاذبة جعلت الجميع، في الخارج والداخل، يعتقد أنه لم يعد موجودا في الساحة السياسية المغربية إلا المشروع السياسي للإسلاميين، وخصوصا في الغرب، الذي صار يعتقد أنه لا يمكن مواجهة التطرف إلا بالإسلاميين المعتدلين، ونحن نقول للجميع إن هنالك في المغرب بديلا عن هذا البديل، وإذا كان لا يستطيع أن يعبر عن نفسه فلأن الآلة السياسية فيها خلل وهي كل هاته الأحزاب السياسية، الأحزاب ذات المرجعية التاريخية أو الأحزاب الثورية المعروفة فهذه الأحزاب يجب أن تشعر بحاجة إلى تجديد مرجعياتها. نحن مقتنعون بأنه في المغرب هناك شرائح واسعة لا تجد نفسها في مشروع الإسلاميين ولكنها لا تجد أدوات للتعبير عن نفسها سياسيا. الحركة.. المؤتمر والهمة < أين وصلت التحضيرات للمؤتمر، الذي كان من المنتظر أن يعقد بداية هذا الشهر؟ - أولا، نحن لم يسبق أن حددنا تاريخا معينا، ولكننا حريصون على عقد المؤتمر في أقرب وقت ممكن، ولقد أسسنا اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التي يشرف عليها النائب حميد نرجس، وهذه اللجنة مرتبطة بلجان فرعية على رأسها لجنة المعايير وما دام هذا هو المؤتمر الأول فسيعهد لها الإشراف على اختيار المؤتمرين وسيشرف عليها محمد الشيخ بيد الله، بعد أن كان يشرف عليها نجيب الوزاني المنسحب، وهناك لجنة الإعداد الأدبي للمؤتمر وسيشرف عليها صلاح الوديع من أجل إعداد ورقة مذهبية ستوضح الخطوط العريضة لما نطرحه وورقة سياسية لتحليل الوضع السياسي كما سيكون هناك بالطبع تقرير أدبي حول نشاط الحزب طيلة هذه المرحلة (6 أشهر)، وهناك ورقة توضح التوجهات العامة، والمؤتمر سينعقد خلال خمسة أسابيع على أبعد تقدير. < العديد ممن شاركوا في الملتقى الوطني الأخير لحركة لكل الديمقراطيين المنعقد بالرباط مؤخرا طالبوا بتوضيح العلاقة بين الحزب والحركة، كما أن هذا الأمر كان من بين مطالب أحد المنسحبين من حزب الأصالة والمعاصرة؟ - نحن فصلنا نهائيا بين الحركة والحزب، فالحزب لا مستقبل له إذا كان مرتبطا بالحركة والحركة كذلك لا مستقبل لها إذا كانت مجرد ذيل أو أداة في يد الحزب. < ما حقيقة ما راج حول عزوف الهمة عن حضور اجتماعات الحزب وغضبه من التطورات الأخيرة وعزمه الخروج من التجربة؟ - إلى حدود يوم أمس (الثلاثاء الماضي) كنت أشتغل وفؤاد إلى غاية الثامنة والنصف ليلا في اجتماع حول التحضيرات للمؤتمر. وفي الاجتماع كانت المداخلة اللافتة للانتباه هي مداخلة فؤاد بخصوص نقاش المؤتمر، وقبل ذلك بخمسة عشر يوما أشرفنا أنا وفؤاد في أزيلال على تأسيس المكتب الإقليمي بالمنطقة. وما يكتب يدخل في إطار الدعاية، كل ما يحدث هو أن فؤاد، مثله في ذلك مثل الباقين، تكون لديه بعض الالتزامات الأخرى، تصادف يوم الاجتماع، وعندما يتغيب فؤاد يتحول ذلك إلى حدث إعلامي، لكن حين يتغيب آخرون عن اجتماعات المكتب الوطني لا يذكرهم أحد.