لم يسبق للطلب العالمي على الذهب أن قفز إلى المستوى المسجل في السنوات الأخيرة، فالبحث عن ملاذ آمن في ظل الهزات التي يعرفها الاقتصاد والأسواق العالميين لا ثمن له. هكذا ينظر إلى الذهب، وهو ما تجلى أكثر خلال الأربع سنوات الأخيرة. المستويات غير المسبوقة التي سجلتها أسعار المعدن النفيس، تفضي إلى تراجع الطلب عليه، بل إنها ما فتئت ترتفع لتعزز توقعات بعض الخبراء الذي يرون أن ثمة سنوات سمان أخرى أمام الذهب.. الذين يستفيد من أزمة المديونية في الاتحاد الأوروبي وتراجع قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار البترول والاضطرابات الجيوسياسية.. تلك عوامل، انضافت إليها رغبة بلد مثل الصين، في رفع حصته ضمن احتياطياته، لتكرس الذهب ملاذا آمنا. وهذا ما يعكسه سلوك المستثمرين. وتشير بعض التقارير إلى أن بعض الحكومات ساهمت في ارتفاع سعر الذهب، حيث يشير تقرير «سيكلوب» الذي يقدم مسحا سنويا لأسواق المواد الأولية، إلى أن الذهب يمثل 40 في المائة من الاحتياطيات الخارجية للبلدان الغربية، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، مقابل 5 في المائة للبلدان السائرة في طريق النمو. غير أن التقرير يلاحظ أن هاته الأخيرة تعمل على التحول إلى مشتر حقيقي للذهب، لأنها تبحث عن تنويع احتياطياتها. وأكدت دراسة لمجلس الذهب العالمي أن الذهب تمكن من أن يحافظ في ظل أقسى الظروف الاقتصادية وعلى مدار أربعة عقود، على مكانته كأداة للاحتياط ضد المخاوف الاقتصادية، متوقعة أن يستمر في هذا الدور خلال الأزمة المالية الحالية، بالنظر إلى حالة عدم الاستقرار التي تجتاح العالم، مشيرة إلى أن المعدن النفيس استطاع استعادة مكانته السابقة كملجأ آمن للمستثمرين في مختلف أنحاء العالم، والتي بدأت منذ العام 2007 مع ظهور أولى مؤشرات الأزمة المالية العالمية، بدليل ارتفاع أسعاره منذ ذلك الوقت وحتى الآن بما لم يتصوره أحد. ولاحظ عن مجلس الذهب العالمي أن الذهب تمكن على المدى الطويل من المحافظة على قيمته الحقيقية، غير أن ثمة ستة عوامل تؤثر عليه كثيرا متمثلة في الضغوط المالية والاضطرابات السياسية وأسعار الفائدة المرتبطة بالعقار والتضخم ونشاط البنوك المركزية وسعر صرف الدولار الأمريكي. وبلغ الطلب العالمي على الذهب في الربع الثاني من العام الجاري 919.8 طنا، فيما وصل حجم احتياطيات الدول إلى 27.3 ألف طن، وهو ما يمثل 11 في المائة من احتياطيات النقد الأجنبي لدى دول العالم، و تبوأت الولاياتالمتحدة المرتبة الأولى ب8.1 آلاف طن من الذهب، حيث يشكل الذهب 75 في المائة من احتياطيات النقد الأجنبي لدى الولاياتالمتحدة، وجاءت ألمانيا في المرتبة الثانية باحتياطي بلغ 3.4, آلاف طن من الذهب، يمثل 71 في المائة من إجمالي احتياطيات ألمانيا من النقد الأجنبي.