منح عبد القادر الشتنوف، قاضي التحقيق المكلف بالارهاب في محكمة الاستئناف في سلا، السراح المؤقت ل«محمد ن.»، الذي اعتُقِل في مدينة آسفي على خلفية تفجيرا مقهى «أركانة» في مراكش، بعدما ورد اسمه في إفادات عادل العثماني، المشتبَه فيه الرئيسي في تنفيذ تفجير «أركانة». وبعد حوالي أسبوع من إطلاق سراحه، عمد «محمد ن.»، القاطن في منطقة «دار بوعودة» في آسفي، حيث يسكن عادل العثماني، إلى لقاء مراسلي بعض الصحف الوطنية من أجل تسليط الضوء على تفاصيل وملابسات اعتقاله وتوضيح بعض الأحداث التي عاشها خلال التحقيق معه من قِبَل المصالح الأمنية في ملف خطير كان سببا في تشريده وطرده من شركة المناولة، التي كان يشتغل فيها في «كيماويات المغرب». زنزانة بجميع المواصفات أوضح محمد انجيمي أنه في مساء يوم الاثنين، 6 يونيو الماضي، اقتاده عنصرا أمن تابعان للشرطة القضائية في آسفي، على متن سيارة أجرة صغيرة، إلى منطقة خلاء في «حي المطار»، حيث وجد هناك ست سيارات في انتظاره، ليتم وضع الأصفاد في يديه والتوجُّه به على متن إحدى هذه السيارات صوب منزله في «عقبة بن نافع» في «دار بوعودة». هناك، قامت العناصر الأمنية بتفتيش المنزل وحجز قرص مدمج خاص برياضة الملاكمة ومجموعة من الكتب الدينية المرخص لها، منها كتب لصالح بن العثيمين ومحمد ناصر الدين الألباني، وحجز أربعة هواتف، اثنان منها معطلان. وأشار «محمد ن.»، المزداد سنة 1982 في آسفي إلى أن عملية التفتيش استغرقت أزيد من نصف ساعة، التقط خلالها رجال الأمن صورا للمنزل، ليتم نقله مباشرة إلى مقر ولاية أمن آسفي، حيث أخذوا بصماته والتقطوا مجموعة من الصور الفوتوغرافية له، وفي الساعة الخامسة من صباح اليوم الموالي، سلمه رجال الأمن إلى الفرقة الوطنية لمكافحة الإرهاب في الدارالبيضاء، ليوضع هناك في «زنزانة بجميع المواصفات»، على حد قوله. السفر إلى الشيشان «طيلة مراحل البحث، كان المحققون يتعاملون معي بشكل عادي وباحترام تام، دون أن تصدر في حقي أي إهانة أو شيء من هذا القبيل».. هكذا تحدث «محمد ن.» عن ظروف اعتقاله، قبل أن يتابع قائلا: «كنت أتناول جميع الوجبات في وقتها، وكان المحققون، في بعض الأحيان، يطلبون مني إن كنتُ أريد مشروبا أو شيئا من هذا القبيل». وبخصوص العلاقة التي تربطه بعادل العثماني، المتهم الرئيسي في تفجيرات «أركانة»، أجانب أشار «محمد ن.» إلى أن علاقته بالمتهم الرئيسي لا تتعدى كون العثماني سبق له أن زوده بقرصين مدمجين حول الشيشان في سنة 2077 من أجل التفرج عليهما، واقترح عليه السفر على نفقته رفقته إلى الشيشان، مضيفا أن عادل العثماني سافر، أولا، ثم التحق به في اليوم الموالي، ليلتقيا في تركيا. وهناك، يضيف «محمد»، الذي أذهل الحاضرين بحكي ظروف اعتقاله المريحة وسفرياته المغامرة، قرر الافتراق معه، دون أن يتوجه رفقته إلى الشيشان وبقي في تركيا. العثماني يطلب «لاسيد»من محمد أما بخصوص التفجيرات التي هزّت مدينة مراكش، فقد أوضح «محمد ن.» أنه لم يكن يدرك أن المتهم الرئيسي في ملف تفجيرات «أركانة» هو عادل العثماني، حيث أوضح أنه التقى بالأخير بعد يومين من الحادث الإرهابي، حيث تبادلا السلام بشكل عادي، لكونه يسكن بالقرب من منزله، بينما كان «محمد» متأبطا ظرفا يضم مجموعة من الشواهد والوصفات الطبية. لكن حادث اعتقاله، الذي أدى إلى طرده من العمل وتشرد عائلته الصغيرة، زاد من حدة الألم والمرض الذي ألمّ به. كما كشف عن أن عادل العثماني طلب منه ذات يوم، بحكم أنه ميكانيكي في شركة خاصة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، أن يحضر له كميات من «لاسيد»، بدعوى أن قريبه يود فتح محل لإصلاح البطاريات، وهو ما لم يستجب له. وأكد «محمد ن.» أنه كان مهاجرا سريا في كل من إسبانيا وبلجيكا، شأنه في ذلك شأن عادل العثماني، الذي بدأت علاقته به خلال مرحلة الشباب، وبالضبط أيام تدخين «الشيرا» والموسيقى والهوس ب«كناوة»، إذ كانا يداومان على حضور دورات مهرجان «كناوة» في الصويرة، مشيرا إلى أنه في سنة 2005، أهمل لحيته وأصبح يتردد على المسجد لأداء الصلوات، دون أن تكون لديه أي ميول إلى لعنف أو إلى التطرف، بل إن الكتب التي كان يقرؤها هي لعلماء ينبذون العنف. رسالة واعتصام في الوقت الذي دخل عبد الصمد بطار، أحد المعتقلين الثلاثة ضمن المجموعة الأولى، في إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف الاعتقال وصدمته بتواجده في ملف يضمه مع شخص لم تجمعه معه سوى علاقة «الصباط»، حسب تعبير أحد أفراد أسرته، وجهت أسرة «عبد الفتاح د.» رسالة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان تتساءل فيها عن مصير ابنها، الذي اعتقلته الأجهزة بعد اقتحام بيتهم في حي «نجاح الأمير» في آسفي وما خلّفه ذلك من رعب وخوف لدى أفراد الأسرة، خصوصا أن «فتاح» معاق ومريض. آسفي تندد بالإرهاب في أول رد فعل ميداني لسكان مدينة آسفي، التي يوجد فيها أول ميناء لإنتاج السردين، والمشهورة بصناعة الخزف، ودفعا عنها لتهمة الإرهاب، بادرت عدد من الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات إلى التنديد بتفجيرات «أركانة»، حيث نظموا مسيرة انطلقت من مدينة آسفي صوب مراكش، للتنديد وسط ساحة «جامع الفنا» بالإرهاب وبالتفجيرات التي ضربت «أركانة». وقد ردد السفيانيون كلمة واحدة مفادها أن الإرهاب لن يُفرّق بينهم وبين المراكشيين...