شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب 2024.. مشاركة 340 عارضا وتوافد أزيد من 101 ألف زائر    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الحياة إلى حديقة «ليرميطاج» في الدار البيضاء بعد سنوات من النسيان
كلف ترميمها 40 مليون درهم وثلاث سنوات من العمل ويعود إنشاؤها إلى 90 سنة خلت
نشر في المساء يوم 24 - 06 - 2011

تعد حديقة «ليرميطاج» واحدة من أقدم حدائق مدينة الدار البيضاء، أسست بين سنتي 1917 و1920، وهي ثاني أكبر حديقة في المدينة، بعد حديقة «الجامعة العربية»،
بمساحة تقدر ب14 هكتارا. تتوسط هذه الحديقة التاريخية أحياء شعبية عديدة، منها أحياء درب السلطان الفداء، وأحياء «ليرميطاج»، ودرب الطلبا، ودرب الشرفاء، والرياض العالي وغيرها. وقد كلف برنامج تهيئتها ما يناهز 40 مليون درهم وما يزيد على ثلاث سنوات من العمل. وقد فتحت الحديقة أبوابها أمام زوارها من جميع الفئات، في الوقت الذي تدور بين بعض البيضاويين شائعة إمكانية خوصصتها. كما أن بعض الزوار لم يحبذوا بعض التغييرات التي طرأت على تصميم الحديقة، سواء عبر برنامج ترميم الحدائق التاريخية أو قبلها، إزالة الملعب الذي كان معروفا في السابق باسم «الشيلي»، والذي مارس فيه كرةَ القدم نجوم كبار، أمثال الظلمي واسحيتة والحداوي والنيبت ، وغيرها من التعديلات، يقول عمر العسري، رئيس قسم الحدائق والمنتزهات في مجلس المدينة، إن برنامج الترميم احترم التصميم السابق للحديقة وهو يقوم بها.
فتحت حديقة «ليرميطاج» التاريخية، بعد ثلاث سنوات من الأشغال، أبوابها، مجددا، لكل البيضاويين الذين يتطلعون إلى الهروب من «جدران البيوت» وتمتيع أنظارهم بجمالية الطبيعة وخضرتها، التي يفتقدونها وسط «غابة الإسمنت» التي يعيشون فيها.
استعادت هذه الحديقة التي تعد واحدة من أقدم حدائق العاصمة الاقتصادية، بهجتها بعد سنوات من التهميش، حولتها إلى مرتع للمتشردين وإلى مطرح قمامة يرمي فيه السكان المجاورون مخلفاتهم.
«لدي ذكريات طفولة جميلة في هذه الحديقة. جميل أنهم أعادوها إلى سابق عهدها»، يقول إبراهيم أبو علي، شاب في العشرينات من عمره، جاء رفقة أصدقائه إلى الحديقة في زيارة خفيفة، ويضيف أن حال الحديقة بات أفضل، بعدما تم إهمالها لمدة طويلة.
شيدت حديقة «ليرميطاج» على يد المهندس المعماري الفرنسي هنري بروبست بين سنتي 1917 و1920، حيث شكلت «حديقة البستنة»، كما تسمى أيضا، متنفسا لسكان مدينة البيضاء، خصوصا أنها تعد ثاني أكبر حديقة في المدينة، بعد حديقة الجامعة العربية.
تستقبل حديقة «ليرميطاج»، الواقعة بالقرب من شارع الناظور، على مساحة تقدر ب14 هكتارا، زوارا من مختلف الأحياء البيضاوية، منها ليرميطاج، درب المتر، بوشتنوف، الرياض العالي وأحياء درب السلطان الفداء، درب الطلبا ودرب الشرفاء، فضلا على استقطابها سكان أحياء أخرى، سمعوا عن افتتاحها منذ أواخر شهر ماي المنصرم. وتفتح الحديقة أبوابها كل يوم أمام الزوار ابتداء من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء، حسب التوقيت الشتوي، فيما يمتد وقت الزيارة خلال فصل الصيف، الذي يتزامن مع شهر رمضان المبارك، حيث يفضل بعض المغاربة قضاء لياليه خارج البيت.
«ليرميطاج» تعود إلى الحياة
تشير الساعة إلى العاشرة صباحا. الجو مشمس وجميل، الهدوء يعم الحديقة وزوارها منغمسون في سكونهم أو في مقرراتهم الدراسية أو يمارسون الرياضة. في هذه الأجواء، لفتت معدات التصوير السينمائية والطاقم التقني والفني انتباه عدد من الزوار. يتعلق الأمر بتصوير مَشاهد من مسلسل مغربي جديد، لفائدة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.
«لقد سبق أن صوروا مشاهد في حديقة «مردوخ»، التاريخية، ويستكملون باقي المشاهد هنا. إنهم يملكون الحق في ذلك، بما أنهم حصلوا على رخصة من الولاية ومن مجلس المدينة، لكنْ يجب عليهم أن يحترموا الشروط المتفقَ عليها»، يقول عمر العسري، مهندس دولة ورئيس قسم «الحدائق والمتنزهات»، التابع للمجلس، دون أن يخفي غضبه مما قام به بعض أفراد الطاقم من وضع آلات التصوير ومعدات أخرى فوق العشب، بشكل عشوائي.
في مكان غير بعيد عن موقع التصوير، هناك حوض مائي، يعمل بالقرب منه بستانيون يزرعون شتلات العشب الأخضر. يخلو الحوض المائي من أي كائنات حية، لكن رئيس القسم يعتزم أن يجلب إليها أسماكا كانت تعيش في متنزه «سندباد»، التي أغلقت أبوابه.
حديقة أنجبت نجوما في كرة قدم
كلفت إعادة ترميم حديقة «ليرميطاج» 40 مليون درهم، مولها مجلس الدار البيضاء، بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، بعد اتفاق وقعه الطرفان سنة 2007، يندرج في إطار برنامج «ترميم الحدائق التاريخية». ويكمن الهدف العام من هذا البرنامج، حسب المؤسسة، في إعادة تأهيل هذا الموروث البيئي، الذي يهم بشكل مباشر أزيد من 50.000 من الساكنة.
يحتفظ بيضاويون كثر بذكريات طفولة جميلة عن هذه الحديقة، التي كانت، في السابق، تضم حوضا مائيا كبيرا سبح فيه أطفال، إلى جانب طيور من أجناس مختلفة: «هنا لعبت كرة القدم، في ملعب ترابي كبير، لعب فيه قبلي نجوم في كرة القدم المغربية»، يقول إبراهيم أبو علي، الشاب البيضاوي، ويسانده في كلامه أصدقاؤه، الذين استرجعوا أيضا ذكريات اللعب في ملعب أطفال كان في الحديقة. «وكنا ندفع درهما ونصف ثمن تذكرة الدخول»، يقول أحدهم.
محت الأشغال الجديدة «معالم» عدة كانت تعيد إلى أذهان سكان درب السلطان، على وجه الخصوص، ذكريات خاصة مع كرة القدم. «كانت هذه الحديقة تضم، في السابق، أربع ملاعب لكرة القدم، يبقى أهمها الملعب الذي كان يسمى «الشيلي»، والذي تخرج منه نجوم كبار في الكرة المغربية، من بينهم الظلمي وسحيتة، والراحل بكار والراحل بيشتو والحداوي وعبد الرحيم الحمراوي ونور الدين النيبت وغيرهم»، يقول أحد سكان المنطقة، مضيفا، بنبرة فيها حزن وحنين إلى الماضي، أن كرة القدم رحلت عن درب السلطان يوم رحلت حديقة «ليرميطاج»، التي كانت تعد المتنفَّسَ الوحيدَ لممارسة هذه الرياضة: «مشات الكرة من درب السلطان نهارْ مشات ليرميطاج»!...
يقول العسري إن الحديقة لم تكن تضم أي ملعب رسمي وإنها كانت مجرد فضاءات مارس فيها شباب الحي كرة القدم، شباب تأسفوا على اندثارها، بما فيها الملعب الذي يحمل اسم «الشيلي»، الذي أزالته السلطات المحلية في سبعينيات القرن الماضي وتحول إلى شارع «ممر دي لود»، يفصل بين «حي الرجاء» و«ليرميطاج».
فضاءات متنوعة
تشتمل حديقة «ليرميطاج» على فضاء يسمى «حدائق العالم»، حيث غُرِست نباتات متنوعة يتم زرعها محليا، إلا أنها من أصول أسترالية ولاتينية وأخرى إفريقية. زرعت هذه النباتات، التي ما زالت لا تتوفر على لوحات التعريف عن كل صنف، على مساحة تقدر بأربعة هكتارات، تتوسط الحديقة. وبالقرب من منها توجد حديقة «التجارب»، وهي حديقة بيداغوجية تم إنشاؤها على وجه الخصوص لفائدة تلاميذ مدارس التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، قصد الاستفادة من دروس في أشغال البستنة وأنواع الغرس وأسماء النباتات، فضلا على زراعة نباتات تخصهم والسهر على رعايتها. وتملك كل مؤسسة تعليمية الحق في الاستفادة من هذه الحديقة، حسب العسري، بالتنسيق مع المصلحة المختصة في مجلس المدينة، قصد تحديد أوقات الزيارة والتزود بالمعدات والمعلومات الضرورية.
في الحديقة هناك بعض النقط التي يسميها العاملون فيها «النقط السوداء»، تتمثل أساسا في الأماكن الواقعة بالقرب من الحوض المائي وبالقرب من النباتات العالمية. فهناك تجد تشددا في الحراسة قصد منع بعض الزوار «المزعجين» من لعب كرة القدم على العشب أو محاولة السباحة في مياه الحوض المائي أو اقتلاع النباتات، دون الحديث عن الباعة المتجولين أو عمن يصطحبون معهم كلابهم أو دراجاتهم، «وهذه أمور ممنوعة»، يقول العسري، إلا أنه لا توجد في الحديقة لوحات تنبيهية تشير إلى ذلك.
وإضافة إلى حديقة «التجارب» وحدائق «العالم»، هناك حديقة الألعاب، وهي حديقة صغيرة مخصصة للأطفال الصغار، فزوار الحديقة من كل الفئات والطبقات وينقسمون، عموما، إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تأتي في السادسة صباحا قصد ممارسة الرياضة، من نساء ورجال، يتراوح عددهم عموما بين 300 و400 شخص يوميا، تليها فترة ما قبل الزوال، ويكون روادها من التلاميذ والطلبة الذين يدرسون في المدارس والمعاهد المجاورة، حيث يفضلون قضاء وقت فراغهم أو تجديد نشاطهم في هذه الحديقة، وفترة المساء وهي التي يأتي فيها عادة السكان المجاورون للحديقة، الذين يحبّذون الاستمتاع بهدوء الطبيعة وخضرتها. كما تعرف الحديقة اكتظاظا أيام السبت والأحد، حيث يقصدها أفراد الأسرة جميعا من أجل الاستمتاع بأوقاتهم.
شائعات حول خوصصة الحديقة
تضم «ليرميطاج» أشجار الأوكالبتوس والنخيل ونباتات متنوعة بألوان مختلفة وزهور جميلة، تضفي على المكان هدوءا وجمالا. لكن صراخ هذا وكلمات نابية من ذاك تكسر هذا السكون، «مثلما تفعل ضحكات وقهقهات مستفزة لمراهقين وحتى سلوك مخل بالآداب»، هكذا يقول أحد العاملين في الحديقة، الذي لا يملك حق التدخل لمنعها، لكونه مسؤولا عن الحراسة فقط: «حاول أحد العاملين التدخل، فلقي ردا قاسيا من ذلك الشخص الذي أحرجه أمام الجميع، وهو يعلم أن الحارس لا يملك الحق في ذلك».
يواجه حراس الحديقة مشاكل يومية في عملهم، بين حراسة الحدائق ومراقبة الأطفال «المشاغبين»، الذين يفضلون التسلل من فوق سور الحديقة ونهي المراهقين الذين يصطحبون كلابهم، التي تترك فضلاتها في كل مكان. ورغم ذلك، يتهمهم بعض الزوار بالتكاسل وبعدم أدائهم واجبهم: «نشتغل من الساعة السابعة صباحا حتى السابعة مساء، طيلة الأسبوع، كما أننا نضطر إلى التناوب على الحراسة في فترة الغداء»، يقول أحد الحراس -رفض الكشف عن اسمعه- مضيفا أن عملهم يبدو، للوهلة الأولى، بسيطا، إلا أنه لا يخلو من صعوبات، فهم يتقاضون أجرا لا يتعدى 1200 درهم في الشهر. وإلى جانب الحراسة، ما زالت بعض أعمال الصيانة جارية، حيث تتم زراعة العشب الأخضر في الأماكن التي تحتاج ذلك، فضلا على عمليات التشذيب والسقي وغيرهما من المهام الموكولة لعمال شركة «vibeiras»، البرتغالية.
يشتكي بعض الزوار من قلة عدد الكراسي في الحديقة، وهو ما يضطر الناس إلى الجلوس فوق العشب، وهذا من شأنه أن يؤثر على المنظر العام للحديقة، ومن كون عدد رجال الأمن قليلا: «لاحظتُ، أنا وأصدقائي، ضعف الأمن في محيط الحديقة، حيث يتعرض عدد من المارين بالقرب منها لحوادث سرقة، خاصة الفتيات، لذلك أناشد، من هذا المنبر، أن يتم توفير حماية أكبر للزوار»، يقول إبراهيم أبو علي. كما دعت فتيات، كنا يتنزهن في هذا الفضاء، المشرفين على الحديقة إلى منع الأشخاص الذين يصطحبون كلابهم من دخول الحديقة، لأنهم يتركونها تركض في كل مكان ويدخلونها، أحيانا، إلى الحوض المائي. «لا يعجبنا هذا المنظر، كما أن تلك الكلاب تبث الرعب فينا، وهذا أمر غير مستحَب». بينما تساءل يونس الغوري، شاب في أوائل العشرينات من عمره، حول شائعة تحويل هذه الحديقة العامة إلى حديقة خاصة، يجب بعدها أن يدفع كل من أراد دخولها ثمن ذلك، «ربما هي مجرد شائعة يتداولها الناس في ما بينهم، بعدما رأوا عودة الحديقة إلى جمالها السابق»، يقول «يونس» وهو يبتسم.
هل ستبقى الحديقة على حالها؟
يقول عمر العسري، رئيس قسم الحدائق والمتنزهات، إن مجلس المدينة بصدد مناقشة تنظيم أنشطة منوعة، بالتنسيق مع فعاليات من المجتمع المدني، تتعلق بالثقافة والفنون وبرامج التحسيس والتوعية والتربية البيئية. «المشكل أنه حتى لو أنشأنا حدائق ورعيناها وقمنا بصيانتها فهناك عدد كبير من المغاربة لا يحترمون هذه الفضاءات»، يقول العسري.
غالبا ما تفرض الدول المتقدمة على المخالفين للقوانين وعلى من لا يحترمون الأماكن العمومية والمساحات الخضراء عقوبات، تتباين بين أداء غرامات مالية أو أداء ما يعرف عندهم بالخدمة الاجتماعية، والتي تعني أداء المواطن المخالف للقانون خدمة اجتماعية، ككنس الشوارع أو تنظيف الحدائق من الأزبال أو غيرها. «هذه ثقافة تسود في مجتمع حضاري واع ومثقف. للأسف أغلب المغاربة لا يحترمون حتى من يعملون في الحديقة، فكيف سيحترمون من ينهاهم عن ارتكاب فعل ما أو يطالبهم بأداء خدمة اجتماعية؟»، يقول العسري، معتبرا، كما العديد من المغاربة، أن المشكل في المغرب هو مشكل تطبيق قوانين وليس وضعها.
تهدف الأنشطة الثقافية، أيضا، إلى الحفاظ على حيوية الحديقة حتى لا تهمل وتبقى حية، فتوالي هذه الأنشطة وإشراك الناس فيها وتفاعلهم معها سيجعل من حديقة «ليرميطاج» حديقة تنبض بالحياة وليس مجرد مساحة خضراء. ويطمح المشرفون عليها إلى أن يتعلم الناس من خلالها شؤون البستنة وأسماء النباتات وأنواعها وأن يحظوا بفرصة التفاعل مع بعضهم البعض وقضاء مزيد من الوقت الممتع والمفيد مع أبنائهم، بدل البقاء في المنازل أمام شاشات الحاسوب أو التلفزة. كما ستمكنهم من إعادة إحياء حب الطبيعة إلى قلوب سكان المدن وتحسيسهم وتوعيهم بضرورة الحفاظ عليها من أجلهم ومن أجل الأجيال اللاحقة.
وكانت حديقة «عين الشق» قد شهدت، في الأسابيع القليلة الماضية، نشاطا من هذا النوع، شارك فيه فنانون، موسيقيون ورسامون أبدعوا لوحات فنية راقية.


ملايين الدراهم لترميم الحدائق
انطلق برنامج ترميم الحدائق التاريخية عام 2004، وهي السنة التي تأسس فيها قسم «الحدائق والمتنزهات والمناطق الخضراء» في مجلس المدينة، وتكمن مهمة هذا القسم في إعادة تهيئة الحدائق القديمة، المندرجة في هذا البرنامج، الذي تشرف عليه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة ويساهم فيه، إلى جانب مجلس المدينة، شركاء آخرون، هم المديرية العامة للجماعات المحلية، ولاية الدار البيضاء الكبرى و«إسمنت المغرب» و«لافارج» -المغرب و«ألطاديس»
-المغرب و«نيسلي المغرب» وشركة «ليدك».
قُسِّمت مدينة الدار البيضاء إلى 10 مناطق، تشتغل فيها حوالي 8 شركات، كل شركة أو شركتان تتكلف بمنطقة للحفاظ على المستوى الذي بلغته أشغال تهيئة الحدائق والمتنزهات فيها، كما قسمت إلى 5 مناطق تتعلق بأشغال الصيانة لأشجار التصفيف في الشوارع والمدارات والمداخل الرئيسية.
وحسب عمر العسري، رئيس قسم الحدائق والمتنزهات والمناطق الخضراء، فإن المنتزهات التاريخية التي رممت تتمثل في حديقة «ليرميطاج»، بمساحة 14 هكتارا، وحديقة «أليسكو»، في سيدي عثمان، وتقدر مساحتها ب8 هكتارات، وحديقة «مولاي رشيد»، بمساحة هكتارين، والواقعة في مقاطعة مولاي رشيد، وكذا متنزه «مردوخ»، في مرس السلطان، بمساحة 4 هكتارات، وحديقة «عين الشق» في المقاطعة التي تحمل نفس الاسم، وتبلغ مساحتها حوالي 3 هكتارات، ثم حديقة «بورنازيل» في مقاطعة مولاي رشيد، بالإضافة إلى حدائق أخرى قيد الأشغال أو شارفت الأشغال فيها على الانتهاء، ولا تصنف كحدائق تاريخية، ومنها حديقة «البرنوصي»، بمساحة 8 هكتارات، وحديقة «فلسطين»، في مقاطعة الصخور السوداء، بمساحة هكتارين، ومثلها بالنسبة إلى حديقة «الأزهر» في سيدي مومن، وحديقة «العواصم العربية»، في عين الشق ب4 هكتارات، وحديقة «عين السبع»، بمساحة 12 هكتارا، والتي من المتوقَّع أن تفتح أبوابها قريبا، بينما ستبدأ الأشغال في كل من حديقتي «الشباب» (8 هيتكارات) و«إفريقيا» (هيكتاران) في بنمسيك، على التوالي خلال شهري يوليوز وأكتوبر.
ويبقى أهم المشاريع التي ما زالت قيد الدراسة مشروع ترميم حديقة «الجامعة العربية»، التي تبلغ مساحتها 35 هكتارا، وتقع في مقاطعة سيدي بليوط، وستبدأ الأشغال فيها خلال شهر نونبر المقبل، بكلفة تقدر بحوالي 260 مليون درهم. وقد تم تأجيل تأهيل هذه الحديقة التاريخية إلى حين الانتهاء من باقي الأشغال، لكونها الأكبر من حيث المساحة، كما أن 16 هكتارا منها تم الترامي عليها، حسب العسري، حيث بنيت فوقها مقاه ومساكن عشوائية وغير ذلك. وستعمل السلطات على استرجاع تلك الأرض وهدم كل ما بُني فوقها، على أساس أن يتم بناء موقف للسيارات تحت الحديقة، مكون من طابقين ويسع لما يقارب 700 سيارة، بالإضافة إلى إنشاء مرافق ترفيهية ومقاه وغيرها، ستُدرّ موارد مالية مهمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.