قضت المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية غيابيا، أول أمس الاثنين، بسجن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي لمدة 35 عاما لكل منهما، بعد إدانتهما بالاستيلاء على أموال عامة. وتلا القاضي الحكم بالسجن في قاعة المحكمة بعد النظر في القضية التي تشمل التهمتين الأوليين اللتين يواجههما بن علي وزوجته من أصل 93 قضية مدنية وعسكرية، وشمل الحكم أيضا دفع غرامة تصل قيمتها إلى 92 مليون دينار تونسي (نحو 66 مليون دولار)، ومصادرة الأموال والمجوهرات التي عثر عليها في قصرين رئاسيين. وتتعلق القضية الأولى التي يلاحق فيها بن علي وزوجته ب«الاستيلاء على أموال عامة والاختلاس، أما القضية الثانية فتأجل البت فيها إلى الثلاثين من الشهر الجاري ويلاحق فيها بن علي بمفرده، وتتعلق باستهلاك وترويج مخدرات والمتاجرة فيها وحيازة أسلحة وذخيرة وقطع أثرية. وكان ممثل المدعي العام التونسي قد طالب بن علي وزوجته بدفع مليار دولار أمريكي «تعويضا عن نهب أموال الشعب التونسي وثروات البلاد» طيلة ال23 عاما التي أمضاها في حكم تونس. وذكر أن الرئيس المخلوع سحب ب«تعليمات شفهية» أكثر من 16 مليون دينار تونسي (11.5 مليون دولار) من الموازنة السنوية التي تخصصها الدولة لرئاسة الجمهورية، ووضعها في «صندوق أموال أمنية لرئاسة الجمهورية» كان بن علي قد استحدثه سنة 1992 ولا يخضع لرقابة مالية. وأضاف ممثل المدعي العام أنه تمّ الكشف في لبنان عن حساب بنكي للرئيس المخلوع فيه نحو 19.4 مليون دولار، كما عثر في أحد قصوره على 41 مليون دينار (29.6 مليون دولار). من جانبه، أوضح المحامي التونسي عبد الستار المسعودي، الذي كلفه القضاء بالدفاع عن بن علي، أن «الشعب والقضاء في تونس هما اليوم أمام امتحان يراقبه كل العالم، وعليهما أن يثبتا أن القضاء أصبح مستقلا وبإمكانه إجراء محاكمة عادلة». وبسبب غياب المحامييْن الفرنسي جان إيف لوبورنيان واللبناني أكرم عازوري، اللذين عينهما بن علي وزوجته للدفاع عنهما، فإن الهيئة الوطنية للمحامين عينت خمسة محامين آخرين للدفاع عنه. وقدم الدفاع ملاحظاته بخصوص إجراءات استدعاء المتهم الموجود حاليا في الخارج، وتقتضي أن يكون ذلك قبل 30 يوما من موعد المحاكمة في حين لم يرسل هذا الاستدعاء إلا بتاريخ 14 يونيو الجاري. وطلب المحامون تأجيل هذه المحاكمة حتى يتسنى لهم الاطلاع على ملفات القضايا المطروحة ومعاينة الأدلة التي تدين موكلهم، إلى جانب فسح المجال أمام السلطات المعنية لاستدعاء المتهم بالطرق القانونية للمثول أمام المحكمة. ووصفت صحف تونسية المحاكمة ب«التاريخية»، واعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، مختار الطريفي، أن المحاكمة في حد ذاتها «أمر جيد لتحقيق العدالة». يذكر أن السلطات التونسية وجهت 93 تهمة إلى الرئيس المخلوع ومقربين منه، تمت إحالة 35 منها على القضاء العسكري على خلفية ارتكاب جرائم قتل متعمد، وحالات تعذيب يمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام.