نتساءل، أين كانت الودادية الحسنية للقضاة حين انتهك القانون بشكل صارخ خلال حملة التطهير سيئة الذكر في سنة 1996؟ نتساءل كذلك، أين كانت هذه الودادية حين خرقت قرينة البراءة بشكل واضح في العديد من الملفات في قضايا الأحداث الإرهابية ل16 ماي 2003؟ ونتساءل كذلك، بل وسنتساءل دائما، عن موقف الودادية الحسنية للقضاة من الحكم الجائر الصادر في حق رشيد نيني المتابع من لدن آلة خارقة للاتهام يقودها أعداء الديمقراطية. فجأة، خرجت الودادية عن صمتها، بل إنها رفعت صوتها عاليا وب«نرفزة» غير مفهومة، ليس من أجل التنديد بالتجاوزات التي تعرفها المساطر القضائية الماسة بالحياة اليومية للمتقاضين، وإنما للتعبير عن رفضها فتح باب العضوية في المجلس الأعلى للقضاء أمام شخصيات ومؤسسات لا تنتمي إلى هيئة القضاء، كما ينص على ذلك مشروع الدستور الجديد. وبصرف النظر عن «وجاهة» هذا القرار الذي اتخذته لجنة المنوني من عدمها، فإنه مثير حقا أن نسمع الودادية تقول إن من شأن هذا القرار، في حال ما إذا تم تفعيله، أن يمس باستقلالية القضاء، كما لو أن قضاءنا الحالي هو جسم منسجم وقوي ومستقل لا يهدده سوى احتمال انضمام أعضاء من خارج القضاء إلى المجلس الأعلى. كان بالإمكان أن يكون موقف الودادية الحسنية للقضاة مشروعا ومفهوما لو أنها كانت تخرج عن صمتها في كل مرة تخرق فيها مسطرة قضائية لتطالب بإلحاح شديد بإصلاح الخطأ. كنا نأمل سماع صوتها في قضية رشيد نيني وفي قضايا أخرى مماثلة انتهكت فيها استقلالية القضاء بصورة صارخة، لكن التاريخ يسجل أن «وداديتنا» تختار «عقيدة» الصمت في كل قضية حساسة ولا تملك الشجاعة إلا إذا تلقت الضوء الأخضر عبر أسلاك الهواتف. دعونا نخوض تجربة إدماج شخصيات من خارج المجلس الأعلى للقضاء في هذا المجلس، فمن يدري، ربما تسمح هذه التجربة بتدارك الأخطاء القضائية التي ارتكبتها هذه الودادية في تاريخها والدفع في اتجاه استقلالية حقيقية للقضاء. صحيح أن كل هيئة يجب أن تتكون فقط من الأعضاء المنتمين إلى جسمها، لكن في حالة قضائنا، الذي خيب آمال أجيال من المغاربة وكدر صفو حياتهم، سيكون الانفتاح على هيئات أخرى مرحبا به إذا كان سيضمن فعلا استقلالية القضاء، وبالأخص فعاليته ونزاهته. فالمسألة، في نهاية المطاف، مسألة أخلاقيات.