يفتخر محمد بريول بمساره في مجال الموسيقى الأندلسية. ويردد أنه يعشق هذه الموسيقى، وهذا سر نجاحه. ينحدر بريول، الذي يترأس فرقة الحاج عبد الكريم الرايس، وهي من أقدم الفرق الأندلسية في المغرب، من قبائل «الحياينة»، لكن عشقه لهذا النوع الموسيقي واجتهاده في تلقي فنونه من كبار الموسيقيين جعلا اسمه يتردد في هذا المجال سواء على الصعيد الوطني أو خارج المغرب. ولد بريول، الذي يدير كذلك المعهد الموسيقي بفاس، سنة 1954. درس الموسيقى الأندلسية منذ الصغر في فاس، والتحق بمعهد الرباط ليتم تخصصه العلمي في هذا المجال، وبعدها عاد إلى عاصمة الموسيقى الأندلسية سنة 1974 ليدرس في المعهد الموسيقي. الفرقة التي يترأسها محمد بريول كانت في السابق تدعى جوق محمد البريهي الذي سمي مقر التلفزة المغربية على اسمه. ويشير بريول إلى أن تاريخ إحداث هذه الفرقة يعود إلى سنة 1912. وبعد وفاة البريهي تسلم عبد الكريم الرايس المشغل وترأس الفرقة. ويقدم بريول الموسيقي الرايس على أنه من أكبر أساتذة الموسيقى الأندلسية في المغرب. ويقول إن له الفضل الكبير في الحفاظ على هذه الموسيقى وتطويرها وتحبيبها إلى الجمهور. وبعد وفاة الرايس في سنة 1996 تسلم بريول مشعل هذا الجوق الذي التحق به كموسيقي منذ 1969. عندما يتحدث بريول عن هذه الموسيقى يحس المستمع بأن الرجل يغرق في الحديث دون أن ينتبه إلى الوقت، يتحدث عن التاريخ وعن الرجالات وعن الواقع، يتحدث عن التاريخ بكثير من الاعتزاز وعن الرجالات بكثير من الاحترام، لكنه عندما يتحدث عن الواقع يتأسف ويقول إن بعض المتطفلين يسيئون إلى هذا النوع الموسيقي. ويطالب بدون تردد المسؤولين عن القطاع بضرورة اعتماد معايير واضحة لتأسيس الأجواق والتحدث باسم الموسيقى الأندلسية والادعاء بالانتماء إليها. ويذكر أن مجموع الفرق المحسوبة على الموسيقى الأندلسية في المغرب يقارب 15 فرقة موسيقية. أما الجوق الذي يترأسه فيصل عدد أعضائه إلى 15 عضوا، جلهم لديه وظائف أخرى، خمسة منهم فقط يعيشون على الموسيقى، «ووضعيتهم، للأسف، هشة». عندما يتحدث عن الواقع يذكر بمرارة واضحة أنه تعرض لمشاكل كثيرة من قبل بعض من يعتبرون أنفسهم أوصياء على الموسيقى الأندلسية. هؤلاء يقول عنهم إنهم يعتبرون، بشيء من التمييز، أن الموسيقى الأندلسية يجب أن تبقى فقط حكرا على «أهل فاس» دون سواهم. «وهذا خطأ كبير، لأن الموسيقى، أي موسيقى، فن إنساني يسوق للجمال والحب. والموسيقى الأندلسية ترمز إلى التعايش والاختلاف والسلم، إذ هي إرث لمزيج من الثقافات والحضارات بالأندلس أيام زمان». ولا يخفي هذا الموسيقي هاجس الحفاظ على هذه الموسيقى ونقلها من التداول الشفوي إلى التدوين مخافة الضياع في زمن العولمة التي تأتي على كل ما هو شفوي. وفي هذا الإطار، يشير إلى أنه سبق له أن دون إحدى عشرة نوبة بالنوتة الموسيقية في كتاب، وحصل هذا الكتاب الذي تم طبعه بإمكانيات خاصة على جائزة وزارة الثقافة للآداب والفنون سنة 1985. ويضيف أنه يتوفر على الكثير من الأعمال التي تنتظر الطبع. ولتحقيق هذا الحلم يجب أن تتدخل الجهات المعنية لإخراج هذه الأعمال إلى حيز الوجود. وشح محمد بريول من قبل الملك محمد السادس بوسام العرش من درجة فارس، وحصل سنة 1999 على جائزة أديسون للموسيقى الكلاسيكية بهولندا مقابل عمل يمزج بين الموسيقى الأندلسية والموسيقى الأوربية في زمن القرون الوسطى. وقدم هذا العمل بمعية موسيقي أمريكي يدعى جويل كوهن. كما ساهم في إخراجه موسيقيون ينتمون إلى الديانات السماوية الثلاث. والرسالة دائما هي تعميق قيم التعايش والسلم بين هذه الديانات. وشارك في عدة مهرجانات وطنية ودولية. وفي سنة 2006، واحتفالا باليوم العالمي للموسيقى، ترأس أكبر جوق موسيقي بلغ عدد أفراده 107 موسيقيين وبثت السهرة مباشرة من موقع شالة بالرباط على شاشة التلفزة المغربية. لمحمد بريول العديد من الذكريات مع نجوم السياسة في العالم. فهو يقول إنه التقى بيل كلينتون، على هامش حفل أحيته الفرقة بالولايات المتحدةالأمريكية. كلينتون عبر له عن إعجابه بهذه الموسيقى ووعده بزيارة مراكشوفاس للاستمتاع أكثر بهذا النوع الموسيقي. أما إلياس الهراوي، الرئيس اللبناني الأسبق، فقد تأثر بدوره بهذه الموسيقى وقال مخاطبا أصدقاءه في حفل يعود إلى سنة 1993 إن هذه الموسيقى تمثل الموسيقى العربية الأصيلة.