ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من أداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - ما هي أصول أسرة بوجمعة؟ < أصلي أمازيغي لكن والدي حل بمدينة القنيطرة مند أمد بعيد، ولدت في هذه المدينة ونشأت بها وسأموت بها، طبعا إن شاء الله. - لماذا ظل بوجمعة مرتبطا بالقنيطرة دون أن يغير وجهته؟ < كان لدينا حب خالص للمدينة وللنادي القنيطري، لقد عرض علي مسؤولو الجيش الملكي الانضمام للفريق، لكنني رفضت لأن قميص النادي كانت مكانة خاصة عندي، إضافة لقميص المنتخب الذي اعتبره علما وطنيا. - متى شعرت بأن مستقبلك مرهون بكرة القدم؟ < بدأت مسيرتي الكروية منذ سنة 1964، التحقت بفتيان النادي القنيطري، وبعد خمس مباريات نودي علي لتعزيز فريق الكبار، كانت بنيتي قوية ولم أشعر بالفارق بين الفئتين، وفي سنة 1977 توقفت مسيرتي كلاعب، مباشرة بعد مشاركتي في دورة تكوينية للمدربين في ألمانيا، ومع الفريق الوطني أنهيت مشواري سنة 1974 بعد أن شعرت بالظلم لأن الحكم المادني سامحه الله، طردني في إحدى المباريات وأصدرت الجامعة حكما يقضي بتوقيفي لمدة سنة كاملة، ثم تقلص إلى ستة أشهر، ثم صدر العفو في آخر المطاف، لكن شعوري بالظلم دفعني إلى توقيف مشاركاتي مع المنتخب وأنا حينها من اللاعبين الرسميين، ومع النادي القنيطري توقفت بعد ثلاث سنوات أخرى، وأنا في قمة مستواي لأنني لا أريد أن أغادر الميادين مهانا. - لماذا لم تضع خبرتك الطويلة رهن إشارة النادي القنيطري؟ < لست من طينة الأشخاص الذين يقبل التدخل في عمله، أقبل المقترحات والأفكار لكن أن يفرض علي مسؤول وجهة نظره، فهذا شيء غير مقبول بالنسبة لي، الآن أصبح المدرب يبعث بطلب عمل يلتمس من المسؤولين تشغيله، في القنيطرة اشتغلت مديرا تقنيا للفريق الأم وحين انتهى الموسم عدت إلى بيتي، لكن في أسفي ألح علي ماء العينين وكان عاملا للإقليم على تمديد مهامي كمدرب للفريق، لكن المكتب المسير كان يعيش خلافات فالتمست من العامل العودة إلى القنيطرة لأن حسن الصفريوي طلب مني حينها تدريب اتحاد الشرطة. - كان الفريق مهيكلا، لكن لماذا لم تستمر مع الفريق؟ < كانت مبادئي أساسية ولا رجعة فيها، وربما هذا الأمر لا يعجب الكثير من الناس، تصور أنه في أول تجمع مع اتحاد الشرطة بأكاديمية القنيطرة، لاحظت بأن الحارس خربوش القادم من الرجاء البيضاوي كان يجلس في مائدة إلى جانب المسؤولين، طلبت منهم تصحيح الوضع وإعادة الحارس إلى مكانه الأصلي في موائد اللاعبين، فقال لي رئي الفريق باسو دعه إنه برتبة ضابط، قلت له ضابط في مركز الشرطة وليس في ملاعب الكرة. - تشددك جلب لك بعض المتاعب وحال دون استمرارك في الميادين أليس كذلك؟ < عندما كنت مدربا لاتحاد الشرطة كان من بين اللاعبين ابن أختي، وكان لاعبا جيدا لكنني لا أدمجه في التشكيلة الأساسية، واحيانا لا يجلس في كرسي الاحتياط، وحين يسألني الرئيس لماذا لا تدمجه ضمن التشكيلة، أقول له أنا لا رجل مبادئ إذا كان مستواه أفضل من بقية اللاعبين فلابأس، أما إذا كان من نفس المستوى فالأفضل أن أتجنب المشاكل. - هل حصلت لك مواقف مماثلة؟ < كنت مدربا لنهضة القنيطرة، وكان معي مدرب مساعد طلب مني يوما المشاركة في المباريات، بعد أن لمس في نفسه القدرة على العطاء، قلت له لا مانع لكن شريطة التحول من مدرب مساعد إلى لاعب، لكنه أراد التمتع بالصفتين معا، وحين عرف موقفي فضل مهمة المساعد. - وحكاية ابنك الذي توفي وأنت في معسكر المنتخب الوطني؟ < في سنة 1971 كنت رفقة المنتخب الوطني المغربي في معسكر مغلق بالمحمدية، استعدادا لمباراة هامة ضد مصر، وفي الصباح الباكر تلقيت مكالمة هاتفية وأنا في غرفتي بالفندق وكان يقطن معي في نفس الغرفة اللاعب الفيلالي، حملت المكالمة خبر وفاة ابني الذي كان عمره أربعة أشهر، وهو الوحيد وسط ثلاثة بنات، على الفور سافرت إلى القنيطرة والتحق بي الخميري رحمه الله، دفناه وعدنا إلى المحمدية، ولعبت ضد المنتخب المصري وفزنا بثلاثة أهداف لصفر، علما أننا خسرنا في مصر ذهابا بثلاثة مقابل واحد. - موقف غريب حقا؟ < من يفعل مثل هذا أكيد سيظن البعض بأنه أحمق، لكن حب الوطن فوق كل الاعتبارات. - لماذا تقاطع مباريات النادي القنيطري ولا تذهب إلى الملعب؟ < ابتعد عن الملعب و لا أشاهد مباريات النادي القنيطري من المدرجات تجنبا للتأويلات، فحين يحضر مدرب في الملعب يقول البعض إنه يبحث عن منصب، لهذا فالباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه وأستريح، لكنني أتابع مباريات الفريق عبر الشاشة وحين يكون مهزوما لا أستطيع متابعة المباراة فأغادر البيت. - متى تقام مباراة تكريمية على شرفك؟ < يوم يتغير مفهوم التكريم ويصبح موقفا لتكريم رموز الكرة، وليس فعلا مرتبطا العوز والمرض، يكرم اللاعب لتاريخه الكروي وليس لشيء آخر، الحمد لله تقاعدت من التعليم وأنا مستور. - لعبت في أكثر من مركز هل صحيح؟ < لعبت في كل المراكز وحرست مرمى النادي القنيطري مرتين ضد الجيش والفتح.