كانت ساعة من التساقطات المطرية الغزيرة، التي تهاطلت على مدينة فاس ونواحيها مساء أول أمس الأربعاء، كافية لإغراق جل أحيائها وشوارعها، وتحويلها إلى بحيرات مائية وفيضانات اختلطت فيها مياه الأمطار بمياه قنوات الصرف الصحي، وجرت معها عددا من أثاث منازل أحياء صفيحية في المدينة. ودفعت مخلفات هذه الفيضانات عددا من المتضررين إلى الخروج أفواجا في مسيرات احتجاجية انتهت بمواجهات عنيفة بين العشرات من المحتجين ضمنهم طلبة المركب الجامعي ظهر المهراز، قبل أن يتم اقتحام المركب الجامعي من قبل أزيد من 15 سيارة أمن. وقد تأكدت «المساء» من وجود 30 حالة اعتقال في صفوف الطلبة. فقد غرقت العشرات من البراريك في حي ظهر المهراز الصفيحي، الذي تقطنه عائلات أغلبها من متقاعدي الجيش، ووجدت الأسر صعوبات بالغة في إنقاذ أثاثها الذي جرفته الفيضانات. واضطر العشرات من شبان هذا الحي، في غياب أي تدخل من قبل المنتخبين، إلى اللجوء إلى استعمال وسائل تقليدية لإبعاد مجاري مياه هذه الفيضانات عن منازل هذا الحي، دون جدوى. والتحق طلاب المركب الجامعي بهم لدعمهم، قبل أن يدفع الغضب ساكنة الحي، رفقة الطلاب، إلى الخروج في مسيرة غاضبة في اتجاه وسط المدينة. وتزامنت هذه المسيرة مع خروج ساكنة عدة أحياء للاحتجاج ضمنها دواوير حديثة الالتحاق بالمجال الحضري للمدينة بعدما كانت، في السابق، تابعة لجماعة أولاد الطيب القروية. ورشق محتجو ظهر المهراز، ومعهم طلاب الجامعة، عناصر قوات الأمن بالحجارة، فيما استعملت هذه العناصر الهراوات لتفريقهم. وعمد عدد من المتضررين إلى «اقتحام» منازل لا زالت في طور الإنجاز من أجل إعادة إيواء دور الصفيح، وحولوها إلى منازل تؤويهم بعدما أجهزت الفيضانات على دورهم الصفيحية. وقالت إحدى المسنات ل«المساء»، وهي تصيح غضبا: «لقد وعدنا شباط بإحداث شاطئ اصطناعي في المدينة، وها هي المدينة بسوء تدبير المسؤولين تتحول إلى شاطئ اصطناعي كبير نرغم مع منازلنا وما تحتويه من أثاث على الغرق فيه». وعرت التساقطات المطرية البنيات التحتية الهشة للمدينة. فقد توقفت قنوات الصرف الصحي عن العمل. وتحولت جل شوارع المدينة إلى بحيرات عجزت السيارات عن عبورها، وغزت المياه عددا من المنازل والمحلات التجارية المجاورة لهذه الشوارع. وانقطع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء. ولم تسلم عدد من مصالح وأقسام المستشفى الجامعي الحسن الثاني من الغرق. فقد أغرقت المياه جل طوابقه السفلى، وغزت قسم المستعجلات، وتعطلت مصاعده، وتعرض تياره الكهربائي للانقطاع لما يقرب من 4 ساعات. كما تعرضت محطة القطار التي تم تدشينها، مؤخرا، بعد إعادة بنائها وفق تصميم وصف بالعصري للغرق. وغرق الممر السككي بحي زواغة الشعبي، وتحول بدوره إلى بحيرة مائية، وهو الذي لم يمض على إحداثه، بالتعاون بين المجلس الجماعي والمكتب الوطني للسكك الحديدية، سوى ما يقرب من 6 أشهر.