خلال نهاية الأسبوع الأول من مارس 2010، عادت خنيفرة لتعيش لحظات استثنائية من العزلة إثر انقطاع كل الطرق التي تشكل أبوابا لها، حيث وقع ب"تگط" انهيار خطير بالطريق التي تربطها بمكناس، وتحطمت قنطرة أوباشا الواقعة بزاوية الشيخ على الطريق الرئيسية رقم 8، مما سبب أزمة خانقة في حركة العبور، بينما قطعت المياه الطوفانية طريق أبي الجعد عبر كهف النسور، أما طريق القباب فقد ظلت مقطوعة بسبب انغلاق قنطرة "دونة"، وكل من يود دخول القباب عليه قطع مسافة أطول عبر سيدي يحيى وسعد، بينما تم تعميم ما يفيد أن قنطرة تربط الطريق الإقليمية رقم 3214 بالطريق الجهوية رقم 503 قد جرفتها مياه الفيضانات كذلك، ثم الطريق الوطنية الرابطة بين خنيفرة ومكناس التي ظلت مقطوعة في وجه حركة السير لعدة ساعات على واد تيغزة ضواحي مدينة مريرت، بينما لا تزال حالة طريق أداروش على حالها المتردي، إنه مدخل لوضع استثنائي كان طبيعيا أن يحمل السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبة والوقاية المدنية على التحرك في كل الاتجاهات وإعلان حالة طوارئ قصوى تحسبا لكل الاحتمالات، مع اللجوء إلى خطاب التحذير والإنذار المبكر، ومطالبة السكان بتوخي ما يلزم من الحيطة. أحوال الطقس السيئة والأمطار الغزيرة لم تتوقف بإقليميخنيفرة وميدلت، ولم تكن تترك لنور الشمس إلا "زيارة قصيرة" لتعود بفيضاناتها المهولة التي ظلت شبه مألوفة، وكلما عادت الأسر المتضررة إلى منازلها عند أي انفراجات جوية تضطر مرة أخرى للخروج منها، وليس في الأمر ما يثير الضحك عند تناسل التعاليق والمخاوف، وربما لا غرابة في ما إذا قابلك أحدهم بعبارة "كيف الأوحال؟" (عوض كيف الأحوال؟)، وقد عاد نهر أم الربيع ليغضب من جديد، ويرتفع منسوب مياهه إلى 7,4 متر، وتسببت الأمطار الغزيرة التي تَواصل هطولها على المدينة، في إحداث خسائر مادية كبيرة، حيث غمرت المياه الطوفانية والأوحال الثقيلة العديد من الأزقة والشوارع، وأغلقت الكثير من البالوعات وقنوات الصرف الصحي، وشوهد المآت من السكان وهم يلجؤون إلى أسطح بيوتهم، كما حاصرت المياه الطوفانية العشرات من المنازل والأحياء الممتدة على طول النهر، وقد لجأت الوقاية المدنية إلى استعمال زوارق الإغاثة، إلى ذلك غمرت المياه مساحة كبيرة من ردهات المحكمة الابتدائية عبر قنوات الصرف الصحي اللصيقة بمجرى نهر أم الربيع. الطوفان عندما يشتط غضبا مصالح الوقاية المدنية بخنيفرة تدخلت لمساعدة المواطنين المتضررين وإجلائهم من بيوتهم ونقلهم إلى الفضاءات التي تم تحويلها إلى مراكز إيواء، بينما اختار بعضهم اللجوء لدى الأقارب والمعارف في انتظار أن يتحسن الوضع، ولم تسلم عدة أحياء سكنية من "غضب الطوفان"، وبينها بْوازو وأحطاب وآيت خاصة وبامحمد وعلي بوشي وحمرية والدباغة وغيرها من الأحياء والدروب التي دفعت بعض هيئات المجتمع المدني إلى المطالبة بجعلها "مواقع منكوبة"، وفي الوقت الذي ظلت فيه السلطات الأمنية والإقليمية والمجلس البلدي بمثابة لجنة يقظة، كان طبيعيا أن يظل المآت من السكان يتنقلون باتجاه النهر، والاصطفاف على طوله، رغم عملية التطويق التي تقوم بها الشرطة والقوات المساعدة، ومن الناس من كانت يده على قلبه منتظرا هدوء الطبيعة ومنهم من يده على آلة التصوير يلتقط صورا للذكرى، ولم يفت الجميع تتبع حالة "قصبة موحى وحمو الزياني" التي أخذت تتهدم شيئا فشيئا، وهي من المعالم الشهيرة التي تشهد على عظمة التاريخ الخنيفري الزياني، والمصنفة إرثا وطنيا (ظهير شريف بتاريخ 26 دجنبر 1933(- (ج. ر، رقم 1114 في 28 غشت 1934)، وبينما يتخوف المهتمون بالشأن المحلي من أن تختفي هذه المعلمة التاريخية نادى المجتمع المدني بإنقاذها من الاندثار، وتقول الروايات التاريخية أن هذه المعلمة يعود بناؤها إلى يوسف بن تاشفين في القرن التاسع، وقد تم ترميمها عام 1688 من قبل السلطان المولى إسماعيل ليتخذها بعد ذلك موحى وحمو الزياني قلعة ومقرا لقيادته. ومن حسنات الحائط الوقائي، الذي تم إحداثه على طول نهر أم الربيع، في إطار برنامج تأهيل وتنمية الإقليم للوقاية من الفيضانات، أنه ساهم بجلاء في الحد من حجم خسائر محققة كانت ستعرفها المدينة خلال غضب نهر أم الربيع، إلا أن ذلك لا يمنع من ضرورة تفقد هذا الحائط من حين لآخر، والتحلي بالمزيد من اليقظة والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وليس غريبا أن يواصل المواطنون بخنيفرة التعليق والمقارنة بين القنطرة البرتغالية التي تجاوز عمرها القرن من الزمن وظلت صامدة بكبرياء، وقنطرة إلى جانبها لم يتجاوز عمرها القليل من السنوات وبدت عليها التصدعات والشقوق التي تهددها بالانهيار في أية لحظة، ذلك حتى بالرغم من استطاعة المياه الهائجة بنهر أم الربيع حجب القنطرة البرتغالية للمرة الرابعة في أقل من شهر، وكم ارتفعت حرارة حسرة الشارع المحلي إزاء هذه القنطرة التاريخية وجزء منها يتهدم بعد صمود طويل في وجه فيضانات العصور، ويعتبرها الخنيفريون جزء لا يتجزأ من ذاكرة المدينة. تسعة "قتلى" وجنين الثلج أما "قتلى" أحوال الفيضانات على صعيد إقليميخنيفرة وميدلت، فقد ارتفع عددهم إلى تسعة، إذ بعد مصرع مواطنة مسنة في سقوط صخرة ضخمة من على جبل بوحياتي، حين حلت الضحية قيد حياتها ضيفة لدى قريب لها وفوجئت في آخر دقيقة من حياتها بالصخرة، وهي تنهار على البيت ما أدى إلى مصرعها في مشهد مأساوي، وبذلك بلغ عدد "قتلى الأمطار" إلى خمسة نساء وشابين ورجل وطفلة لقين حتفهن بأماكن متفرقة من الإقليم، مواطنتان اثنتان لقيتا مصرعهما غرقا بمولاي بوعزة حين حاولتا إنقاذ رؤوس من ماعزهما فجرفتهما المياه القوية بوادي بوصفصاف، وواحدة لقيت حتفها غرقا أيضا بوادي أم الربيع ضواحي البرج، عندما حاولت عبور هذا النهر بوسيلة تقليدية فابتلعها التيار، وكانت وقتها رفقة طفلتها التي ما تزال في عداد المفقودين، وامرأة أخرى بتونفيت حرمتها السيول الطوفانية من الانتقال لمتابعة العلاج بعد تعرضها لعضة كلب مسعور بدوار آيت وخليف، وسبق أن نقلت إلى المستشفى حيث تلقت الإسعافات الأولية، إلا أن إصابتها لم تندمل مما عرضها إلى مضاعفات لتلقى حتفها مخلفة وليدها في شهره الثالث، وكم كان الأمر مأساويا في تواطؤ رداءة الطقس بلامبالاة الجماعة القروية التي نُظمت ضدها مسيرة احتجاجية. وبزايدة، إقليم ميدلت، اختلطت كوارث الفيضانات بخبر مصرع شاب غرقا في وادي ملوية، وهو بائع متجول يساعد اسرته الفقيرة، ويبلغ من العمر 17 سنة، وقد أفادت المعطيات الأولية أن الضحية ينحدر من قلعة السراغنة، وعمره 17 سنة، تدفعه مضايقات السلطة المحلية إلى الفرار الدائم نحو ضفة نهر ملوية، وقد ظلت مصالح الوقاية المدنية تعمل من أجل العثور على جثته، أما بتغسالين فقد استيقظت هي الأخرى على إيقاع مأساة انتشال جثة شاب من واد بالمنطقة، مكتفية مصادرنا بالقول إن الضحية يشكو من خلل عقلي، وعمره لا يتجاوز 26 سنة، ذلك قبل أن تتناقل الألسن خبر شخص آخر لقي حتفه داخل كوخه ببومية جراء الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على المنطقة، وبحسب مصادر متطابقة فالضحية معاق، وعمره 65 سنة، وقد غمرت السيول الطوفانية بيته الطيني بدوار تيغزة لتجرفه في مشهد مروع، ومن آيت حنيني، وقبل أسابيع قليلة، كانت جهات مختلفة في السلطة الإقليمية قد توصلت بنداء إغاثة لإنقاذ حياة امرأة حامل في دقائقها الأخيرة، حيث جاءها مخاض عسير يستدعي القيام بما يلزم من العمل الفوري لإخضاع الحالة لعملية قيصرية، ولم يتم شق الثلوج إلا بصعوبة كبيرة ليتم حمل المرأة الحامل على متن جرار فلاحي نحو الطريق الرئيسية حيث نقلت إلى المستشفى الإقليميبخنيفرة فأجريت لها العملية بنجاح، وكم هي الساعات التي وضع فيها سكان آيت حنيني أيديهم على قلوبهم من شدة الهلع إزاء الحالة الحرجة التي مرت منها المرأة في الوقت الذي ما يزال فيه الجميع بهذه المنطقة يتحدثون عن شبح الموت الذي حصد في وقت سابق أرواح عدد من النساء. أي استنفار لأية نتيجة؟ وسبق لعامل الإقليم، واعلي حجير، أن كشف في كلمة له أمام مستشاري بلدية خنيفرة، خلال افتتاح دورة فبراير 2010، "أن عدد المنازل المتضررة من الفيضانات على مستوى المدينة قد بلغ 200 منزلا"، ليرتفع عددها إلى 400 منزل إثر فيضانات نهاية الأسبوع الأول من مارس 2010، وقد كشف عامل الإقليم عن لجنة مختلطة "تم تكوينها وعهد إليها العمل على تشخيص الحالة المرتبطة بمخاطر الفيضانات، واقتراح الحلول الناجعة لمواجهتها، ودراسة إمكانية الزيادة في علو الحائط الوقائي على طول الأحياء المجاورة للوادي مع دراسة الصيغ الملائمة لمشكل التطهير السائل الذي ألحق أضرارا بليغة بمجموعة من المنازل"، مشيرا إلى "أن العدد الأكبر من المساكن التي غمرتها المياه كان بسبب اختناق قنوات التطهير السائل"، داعيا المجلس البلدي إلى التفكير مستقبلا في اتخاذ كافة الوسائل المادية والبشرية لمواجهة الكوارث الطبيعية من فيضانات وغيرها بغاية التقليل ما أمكن من الخسائر. كما أشار المسؤول الإقليمي إلى العدد الكبير من المساكن المبنية بالطين أو ما شابه ذلك (دكاكين الإسكافيين، البنايات المجاورة للمسجد القديم، بعض قاعات الحلاقة التقليدية مثلا)، والتي تشكل خطرا على سلامة المواطنين، وفي هذا الصدد رأى أنه من الضروري "اتخاذ قرارات للهدم ومطالبة أصحاب هذه المحلات بإعادة البناء، علما أن هذا النوع من البنايات يكون معرضا للانهيار في أية لحظة، مما يلحق أضرارا سواء بمالكي هذه المحلات أو المكترين أو المارة"، يقول عامل الإقليم. منازل ومدارس وأشباح موت في ذات السياق، سُجل انهيار عدد من البيوت بأكثر من منطقة على صعيد إقليميخنيفرة وميدلت، وفي هذا الإطار أفادت مصادر متطابقة من مريرت خبر انهيار منزل بحي المسجد القديم، ومن حسن الحظ لم يخلف ضحايا في الأرواح، علما أنه مجاور لبقعة غير مبنية ويتخذها الأطفال الصغار مرتعا للعب، فيما عاشت مريرت بدورها فيضانات مهولة بوادي تطوين، مما تسبب في انقطاع الطريق التي تربطها بكل من فاس ومكناس، وقبل أسبوعين عاشت المدينة تحت رحمة رياح قوية وتساقطات مطرية غير معهودة نتج عنها انقطاع التيار الكهربائي قضت الساكنة بسببه ليلة كاملة تحت ظلام دامس ورعب شديد، وأكدت مصادرنا وجود مجموعة من المنازل آيلة للسقوط في أية لحظة مما يتطلب من المعنيين والجهات المسؤولية التدخل العاجل لتفادي ما هو أسوء بدل الانتظار حتى وقوع الواقعة. أما ببومية، فلم يفت مصادر حقوقية تأكيد تتبعها لتطورات الوضع بالمنطقة خلال التساقطات المطرية الأخيرة التي تسببت في انهيار عدد من المنازل، وشلت حركة التنقل بينعدد من الأحياء و الأزقة،بينما كشفت عن هشاشة البنيات التحتية وانعدام قنوات صرف المياه، تضيف مصادرنا الحقوقية، وغير بعيد عن المنطقة، أدت الأمطار التي تهاطلت على تونفيت هي الأخرى، إلى انهيار عدة منازل مشيدة بالطين والحجارة، وبينما لم تسجل خسائر في الأرواح، تسبب الوضع في تشريد الأسر القاطنة تحت سقوف هذه المنازل، شأنها شأن ما وقع بآيت حنيني التي تسببت بها الأمطار الغزيرة في انهيار عدد من المنازل وخسائر كبيرة على مستوى الطرق، الأمر الذي جعل المنطقة تعيش في عزلة تامة، وسكانها يُجبرون على قطع المسافات الطويلة، بالأحرى في اللحظات التي يتعلق فيها الوضع بالنساء الحوامل أو على وشك الإنجاب. ومن جهة أخرى علم بخبر انهيار منازل بتغسالين ووَاوْمَانة، ثم ببومية التي تم إحصاء بها أكثر من 10 منازل تضررت بسبب التساقطات المطرية خاصة تلك التي بنيت على وادي تانجيجمت، أما إيتزر فقد عادت لتعيش على إيقاع كوارث جديدة، جراء انهيار عدة منازل بها بأحياء لا تقل عن إغرم وفوق الساقية والقصر القديم، انهيارا تاما أو جزئيا، مقابل الحديث عن وجود العشرات من المنازل الأخرى مهددة بالانهيار في أي لحظة، ومنها التي صنفت منذ سنة 2000 ضمن الدور الآيلة للسقوط، ورغم هول الكارثة أفادت مصادر متطابقة من المنطقة أن بعض الجهات المعنية لم تتحمل مسؤوليتها بما يتطلبه الموقف لأجل التخفيف من معاناة المتضررين الذين ظلوا في حالة عراء أو الإقامة بما يسمى بالمركب التجاري إلى أجل غير محدد، مما جعل العائلات المنكوبة تعبر عن احتجاجها لدى السلطات المحلية والاعتصام داخل الجماعة القروية، وكان بديهيا أن يعود شبح الكارثة التي عاشتها ايتزر العام الماضي وأودت بحياة مواطنة (44 سنة) وطفلها (13 سنة) إثر انهيار منزلهم. وفي ذات السياق، أكدت مصادر تعليمية أن مجموعة مدارس واومانة، والواقعة على مشارف واد واومانة، قد غمرتها المياه الطوفانية والأوحال بصورة لم تشهد لها المؤسسة مثيل منذ تأسيسيها، ومن الألطاف الإلهية لم تحصل خسائر في الأرواح رغم قوة السيول المائية التي أدت إلى إتلاف عدد من الوسائل والوثائق، وشلل على مستوى الدراسة، الأمر الذي حمل النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية على الانتقال إلى عين المكان ومعاينة الوضع ليتم الخروج بقرار إغلاق المؤسسة بصفة نهائية بعد التأكد الفعلي من استحالة الاستمرار في الدراسة بها، وأنها باتت مهددة بالانهيار بين الفينة والأخرى. وما يزال سكان آيت خاصة بخنيفرةالمدينة يواصلون نداءاتهم باتجاه أذان كل من يهمهم الأمر لأجل التدخل في سبيل إيجاد ما يمكن من الحلول المستعجلة لإنقاذ منازلهم من الانجرافات المتزايدة التي بدأت تقرب هذه المنازل من النهر، الأمر الذي ينذر بكارثة محققة، وأكدت مصادر من سكان الحي أنهم راسلوا مختلف الجهات المسؤولة بشأن وضعيتهم، وفعلا حلت لجنة خاصة بعين المكان وعاينت بنفسها حقيقة الوضع، إلا أن السكان يتخوفون من تعرض وضعيتهم للنسيان. انجرافات، ظلام وعطش في الشتاء وصلة بالموضوع أشار بلاغ حقوقي إلى خراب طال القنوات الناقلة للماء الشروب من عين باحماد إلى إيتزر، "إذ أنها المرة الخامسة في هذا الفصل ينقطع فيها الماء الصالح للشرب عن منازل البلدة"، وقد بلغت مدة انقطاعه خلال شهر فبراير من هذه السنة، حسب البلاغ، إلى أزيد من 15 يوما، ويتخوف السكان من استمرار لعنة الانقطاع هذه المرة بعد تعرض القناة الرئيسية المزودة للجماعة بالمياه إلى الانجراف، وغير بعيد عن المنطقة، أفادت مصادر مجتمعية أنه على الخط الرابط بين بوتخباي وآيت حمو وسعيد، مرورا عبر إفزوي، على تراب تيزي نغشو، حرم السكان من التسوق والأطفال من متابعة دراستهم، تماما كما هو الحال بدواوير تقع ببومية، مثل آيت علي وداوود، أو إغزديس، تنذر بكارثة خطيرة إن لم تتدخل السلطات بشكل عملي، لأن هناك قناطر مهددة بالانهيار إثر بروز انجرافات عميقة على جنباتها (الطريق الرئيسية503 )، ومن تونفيت أفادت مصادرنا أن جبلا وسط الطريق بمدخل البلدة قد تعرض للانهيار، ولم يفت ذات المصادر من تونفيت التأكيد أن عددا من الدواوير عاشت لعدة أيام عزلة تامة بسبب فيضان واد آيت عبدي الذي استطاعت حمولته المائية هزم الجدار الواقي من الفيضانات، والذي فات تشييده في إطار مشروع لحوض ملوية، أما القباب فلم تسلم هي الأخرى من مخلفات الفيضانات، إذ تعرض جزء من الطريق القريبة من مدخلها لانهيار كبير، كما سجلت انجرافات جبلية خطيرة على مشارف أحياء ودروب سكنية مثل "علي أعراب" و"بوعبيشة" و"موحى ويوسف (السلام)"، وإلى حدود الساعة لم يتم اتخاذ أي إجراء مسؤول. وقالت مصادر من بعض الجماعات القروية بأنها توصلت بإرسالية تدعوها إلى إخبار السكان المهددين بضرورة إفراغ منازلهم الطينية، دون تقديم أية حلول أو تدابير يمكن التعامل بها مع هؤلاء السكان، وكم زادت الأمطار من عزلة العشرات من المناطق بسبب وعورة المسالك وانعدام الطرق المعبدة، كما لم يفت مصادرنا على مستوى الإقليم الإشارة إلى الخسائر التي أحدثتها الفيضانات بالمحاصيل الزراعية والضيعات والحقول، وبآبار المياه الصالحة للشرب. وخلال الظروف الاستثنائية، أكدت المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء أن عمودا كهربائيا جرفته مياه الفيضانات بمنطقة "لاندا"، ضواحي القباب، وتسبب الأمر في انقطاع التيار الكهربائي على مستوى مركزي القباب وسيدي يحيى أوسعد، لتنضاف معضلته إلى معاناة ساكنة المنطقة من وضعية قنطرة "دونة" التي تقطعها السيول الطوفانية وينتج عنها حصارا وعزلة تامين، وكم هي الوعود التي أعطيت من أجل معالجة الوضع إلا أن الحالة ما تزال على ما هي عليه، ومنها إلى تونفيت التي ظلت بها فيضانات وادي تاغشت، وروافده من جبل الوردان، وأردوز وتوالت، تهدد كل السكان المقيمين على طول هذا الوادي، حالتهم حالة السكان القاطنين حول واد أگرو الذي عرض المنطقة بفيضانه لعزلة قاسية، ويعتبر من أهم الروافد التي تصب في أبي رقراق. موتى "يتنفسون" تحت الماء بكثير من الاستياء، تتحدث هذه الأيام العديد من الأوساط الشعبية بخنيفرة عن حالة مساحة واسعة من المقبرة القديمة بخنيفرة ظلت غارقة في مستنقع من المياه الموحلة، حيث غمرتها السيول المطرية وتسببت في إغراق قبور بأكملها نتيجة ارتفاع منسوب المياه بمساهمة مسلك أنشئ حديثا بطريقة وُصفت ب"العشوائية" وتسبب في احتقان المياه وتدفقها باتجاه المقبرة التي تحولت حرمتها المقدسة إلى بحيرة حمراء في مشهد لم يكن من مبالغة أن تقشعر له الأبدان والقلوب، مما خلف استنكارا واسعا لدى أوساط الرأي العام المحلي.