كينيا تلغي التأشيرات الإلكترونية لجميع رعايا الدول الإفريقية وبينها المغرب باستثناء الصومال وليبيا    أيت ملول.. توقيف رجل عرض إبنة زوجته البالغة من العمر ثلاث سنوات للضرب والكي حتى الموت    الاتحاد الأوربي يدين اعتقال الجزائر للكاتب بوعلام صنصال ويطالب بإطلاقه    الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي بتنظيم التنقلات قبل السفر بمناسبة العطلة المدرسية    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم بالإجماع المبادرة المغربية للحكم الذاتي لصحرائه    تعادل مثير بين نهضة بركان وآسفي    شخص يقتل زوجته بسبب رفضها للتعدد    الرباط ونواكشوط نحو شراكة استراتيجية تاريخية في الطاقة والبنية التحتية    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    طنجة المتوسط يعزز ريادته في المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    شركة "باليراريا" تطلق أول خط بحري كهربائي بين إسبانيا والمغرب    نقابة موخاريق تهدد بالكشف عن "جهات" تفرض عليها "ضغوطا" خلال مناقشة قانون الإضراب في البرلمان    ترويج مؤهلات جهة طنجة في معرض "فيتور 2025" بمدريد    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف شرطي بسبب شبهة تحرش    حادثة سير مروعة تسفر عن وفاة 3 أشخاص (صور)    "الكوديم" يفرض التعادل على الجيش    الحكومة تطمئن المغاربة: وضعية تموين الأسواق ستكون جيدة في رمضان    الحكومة تكشف حصيلة "مخالفات السوق" وتطمئن المغاربة بشأن التموين في رمضان    بايتاس : الشائعات حول التلقيح تزيد من تفشي داء الحصبة    إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب.. وزارة الصحة تواصل تنفيذ التزاماتها بخصوص تثمين وتحفيز الموارد البشرية    فيلم "إميليا بيريز" يتصدر السباق نحو الأوسكار ب13 ترشيحا    مجلس النواب يعقد جلسته العمومية    المغرب يستعد لاستضافة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025 وسط أجواء احتفالية    الجزائر تسلم 36 مغربيا عبر معبر "زوج بغال" بينهم شباب من الناظور    المغرب يتألق في اليونسكو خلال مشاركته باليوم العالمي للثقافة الإفريقية    حركة "حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    لحجمري: عطاء الراحل عباس الجراري واضح في العلم والتأصيل الثقافي    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    المغرب يلغي الساعة الإضافية في هذا التاريخ    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    دوري لبنان لكرة القدم يحاول التخلص من مخلفات الحرب    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    أبطال أوروبا.. فوز مثير ل"PSG" واستعراض الريال وانهيار البايرن وعبور الإنتر    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرحبا‮ بكم‮ في‮ النادي‮
نشر في المساء يوم 23 - 03 - 2011

لا‮ يسع‮ المرء‮ سوى‮ أن‮ يشعر‮ بالسعادة‮ وهو‮ يرى‮ أن‮ الغالبية‮ الساحقة‮ من‮ الشعارات‮ والمطالب،‮ التي‮ رفعها‮ المتظاهرون‮ في‮ شتى‮ ربوع‮ المملكة‮ يوم‮ 20‮ مارس‮ الأخير،‮ كنا‮ سباقين‮ إلى‮ المناداة‮ بها‮ والمطالبة‮ بتحقيقها‮.‬
وعوض‮ أن‮ نظل‮ لوحدنا‮ نصرخ‮ كل‮ يوم‮ في‮ أعمدتنا،‮ أصبحنا‮ مدعومين‮ بعشرات‮ الآلاف‮ من‮ كتاب‮ الأعمدة‮ الذين‮ يحررون‮ شعاراتهم‮ ومطالبهم‮ وآراءهم‮ وتحاليلهم‮ المركزة‮ والذكية‮ للوضع‮ فوق‮ لافتاتهم‮ ويافطاتهم‮ وقمصانهم،‮ ثم‮ ينزلون‮ بها‮ إلى‮ الشوارع‮ والساحات‮ لكي‮ يبلغوها‮ إلى‮ من‮ يهمهم‮ الأمر‮.‬
مرحبا‮ بكم‮ جميعا‮ في‮ النادي،‮ فقد‮ أدمنا‮ الصراخ‮ لسنوات‮ طويلة‮ كل‮ يوم‮ منددين‮ بلصوص‮ المال‮ العام‮ ومفسدي‮ الحياة‮ الاقتصادية‮ والسياسية‮ والأخلاقية،‮ لكن‮ لا‮ أحد‮ أراد‮ الاستماع‮ إلى‮ صراخنا،‮ وها‮ أنتم‮ تضمون‮ مسيراتكم‮ الصاخبة‮ إلى‮ صراخنا‮ اليومي،‮ لعل‮ هؤلاء‮ المصابين‮ بالصمم‮ في‮ أبراجهم‮ العاجية‮ يفتحون‮ آذانهم‮ قليلا‮ لسماع‮ صوت‮ الشعب‮ القادم‮ من‮ الأزقة‮ والساحات‮.‬
ولا‮ بد‮ أن‮ أولئك‮ الذين‮ ظلوا‮ ينعتوننا‮ بزرّاع‮ اليأس‮ والسوداويين،‮ ويسمون‮ انتقاداتنا‮ للمسؤولين‮ الذين‮ يسيرون‮ الشأن‮ العام‮ سبا‮ وقذفا‮ وتشهيرا‮ واعتداء‮ على‮ حياتهم‮ الخاصة،‮ سيجدون‮ أنفسهم‮ مجبرين‮ على‮ مراجعة‮ حساباتهم‮ وهم‮ يكتشفون‮ أن‮ كل‮ الذين‮ شملهم‮ نقدنا‮ رفعت‮ أسماؤهم‮ وصورهم‮ في‮ المسيرات‮ والوقفات‮ الاحتجاجية‮ للمطالبة‮ بمحاسبتهم‮.‬
في‮ تطوان،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ عليها‮ صور‮ مديرة‮ دار‮ الثقافة‮ سميرة‮ قدري‮ ومندوب‮ وزارة‮ الثقافة‮ وابن‮ المستشار‮ الملكي‮ الراحل‮ مزيان‮ بلفيقه،‮ مطالبين‮ بمحاسبتهم‮. وقد‮ كنا‮ أول‮ من‮ كسر‮ الصمت‮ حول‮ تجاوزات‮ مديرة‮ دار‮ الثقافة‮ وزوجها‮ المهندس‮ ومندوب‮ وزارة‮ الثقافة،‮ واحتكارهم‮ لصفقات‮ الوزارة‮ في‮ جهة‮ تطوان‮ طنجة،‮ واستفادة‮ الفنانة‮ سميرة‮ قدري‮ من‮ ميزانيات‮ الوزارة‮ لصالح‮ جمعيات‮ تتولى‮ تسييرها‮ هي‮ وسعادة‮ المندوب،‮ وتوفرها‮ على‮ حسابات‮ بنكية‮ في‮ الخارج‮ تودع‮ بها‮ العملة‮ الصعبة‮ دون‮ علم‮ مكتب‮ الصرف‮ أو‮ مكتب‮ الضرائب‮.‬
وفي‮ الدار‮ البيضاء،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ تطالب‮ برحيل‮ شركة‮ «‬ليدك‮» والعمدة‮ ساجد‮ المتواطئ‮ معها‮ على‮ نهب‮ جيوب‮ ساكنة‮ الدار‮ البيضاء‮ الكبرى‮. وربما‮ نحن‮ أول‮ جريدة‮ تهددها‮ «‬ليدك‮» بالمتابعة‮ القضائية‮ عبر‮ مساحات‮ إعلانية‮ تقتنيها‮ هذه‮ الأيام‮ في‮ بعض‮ الجرائد‮. والسبب‮ هو‮ أننا‮ لم‮ نخضع‮ لإغراء‮ هذه‮ الشركة‮ مثلما‮ فعل‮ البعض،‮ وبقينا‮ على‮ موقفنا‮ المنتقد‮ لطريقة‮ تدبيرها‮ لماء‮ وكهرباء‮ ونظافة‮ ملايين‮ المواطنين‮.
وفي‮ الرباط،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ بها‮ صور‮ سميرة‮ سيطايل‮ ونور‮ الدين‮ الصايل‮ والعرايشي،‮ مطالبين‮ برحيلهم‮. وربما‮ نحن‮ الجريدة‮ الوحيدة‮ الممنوعة‮ من‮ المرور‮ عبر‮ شاشة‮ القناة‮ الثانية،‮ بسبب‮ انتقادنا‮ للانحدار‮ الإعلامي‮ الذي‮ وصلت‮ إليه‮ القناة،‮ بتوصية‮ شخصية‮ من‮ سميرة‮ سيطايل،‮ والتي‮ لازالت‮ تشغل‮ منصبها‮ ضدا‮ على‮ القانون‮ الذي‮ يقول‮ إن‮ زوجة‮ السفير‮ لا‮ يجب‮ أن‮ تشتغل‮ وإن‮ عليها‮ أن‮ ترافق‮ زوجها‮ إلى‮ مقر‮ سفارته‮ لتمثيل‮ المغرب‮.‬
ورغم‮ أن‮ سميرة‮ سيطايل‮ استعملت‮ نفوذها‮ لدى‮ الطيب‮ الفاسي‮ الفهري‮ لكي‮ ترقي‮ زوجها‮ من‮ قنصل‮ في‮ فرنسا‮ إلى‮ سفير‮ في‮ بروكسيل،‮ فإنها‮ تحدت‮ القانون‮ وتشبثت‮ بمنصبها‮ كمديرة‮ للأخبار‮ في‮ القناة‮ الثانية‮ ولم‮ تلتحق‮ بزوجها‮ السفير‮.
أما‮ مدير‮ المركز‮ السينمائي‮ المغربي،‮ الذي‮ وضعه‮ المتظاهرون‮ في‮ خانة‮ أفراد‮ البوليس‮ الإعلامي‮ الذي‮ يجب‮ تنحيته،‮ فقد‮ تابع‮ الجميع‮ كيف‮ حشد‮ العشرات‮ من‮ أصدقائه‮ المخرجين‮ والصحافيين‮ وكتاب‮ السيناريو‮ الدائرين‮ في‮ فلكه‮ والمقتاتين‮ من‮ فتات‮ مائدة‮ دعمه،‮ لكي‮ يوقعوا‮ عريضة‮ ضدنا‮ لمجرد‮ أننا‮ طالبنا‮ القضاء‮ بإعمال‮ النظر‮ في‮ تقارير‮ المجلس‮ الأعلى‮ للحسابات‮ التي‮ تتحدث‮ عن‮ التجاوزات‮ والاختلالات‮ المالية‮ التي‮ عرفها‮ المركز‮ السينمائي‮ على‮ عهده‮.‬
أكثر‮ من‮ ذلك،‮ عوض‮ أن‮ ينكب‮ القضاء‮ على‮ تقارير‮ المجلس‮ الأعلى‮ للحسابات‮ ضد‮ نور‮ الدين‮ الصايل،‮ فضل‮ الانكباب‮ على‮ الشكاية‮ التي‮ قدمها‮ هذا‮ الأخير‮ ضدنا‮ والتي‮ يتهمنا‮ فيها‮ بشتمه‮ والتدخل‮ في‮ حياته‮ الخاصة،‮ رغم‮ أننا‮ لم‮ نفعل‮ غير‮ انتقاد‮ المنتوج‮ السينمائي‮ المنحط‮ الذي‮ يدعمه‮ بأموال‮ دافعي‮ الضرائب،‮ والتعليق‮ على‮ إقدام‮ زوجته‮ على‮ التعري‮ على‮ غلاف‮ مجلة‮ نسائية‮ وهي‮ حامل‮.‬
وهكذا‮ عوض‮ أن‮ يحكم‮ القضاء‮ لمصلحة‮ الشعب‮ ويجبر‮ الصايل‮ على‮ رد‮ الأموال‮ التي‮ بددها‮ إلى‮ خزينة‮ الدولة،‮ حكم‮ علينا‮ القاضي‮ العلوي‮ من‮ جديد‮ قبل‮ شهر‮ بدفع‮ تعويض‮ مالي‮ للسيد‮ نور‮ الدين‮ الصايل،‮ جزاء‮ لنا‮ على‮ انتقاد‮ ذوق‮ سعادته‮ السينمائي‮ والتعليق‮ على‮ «‬تزبيط‮» السيدة‮ حرمه‮ على‮ غلاف‮ المجلة‮.‬
وفي‮ الرباط،‮ رفع‮ متظاهرون‮ لافتة‮ تطالب‮ بالاقتصاص‮ من‮ الموثقة‮ القوية‮ صونيا‮ العوفي،‮ ابنة‮ الوكيل‮ العام‮ للملك‮ في‮ الرباط،‮ التي‮ تدخل‮ لها‮ والدها‮ من‮ أجل‮ توفير‮ الحماية‮ لها‮ وتجنيبها‮ المتابعة‮ بعدما‮ تورطت‮ في‮ ملف‮ تحفيظ‮ عقاري‮ ذهب‮ بسببه‮ آخرون‮ إلى‮ السجن‮ مكانها‮.‬
وقد‮ كنا‮ أول‮ جريدة‮ تطرقت‮ إلى‮ نفوذ‮ هذه‮ السيدة‮ المتعاظم‮ في‮ الرباط،‮ وكيف‮ تحولت،‮ بقدرة‮ قادر،‮ وفي‮ ظرف‮ زمني‮ وجيز،‮ إلى‮ واحدة‮ من‮ الموثقات‮ المليارديرات‮ في‮ العاصمة‮ بعد‮ مشوار‮ دراسي‮ فاشل‮ في‮ شعبة‮ البيولوجيا‮.‬
وليس‮ مفاجئا‮ بالنسبة‮ إلينا‮ أن‮ نلاحظ‮ كيف‮ أن‮ تسعين‮ في‮ المائة‮ من‮ شعارات‮ ومطالب‮ المحتجين،‮ التي‮ رفعوها‮ في‮ لافتاتهم‮ ويافطاتهم‮ في‮ كل‮ ربوع‮ المملكة،‮ هي‮ نفسها‮ الشعارات‮ والمطالب‮ التي‮ كنا‮ دائما‮ سباقين‮ إلى‮ رفعها‮ يوميا‮ في‮ هذه‮ الجريدة،‮ فقد‮ كانت‮ قناعتنا‮ دائما‮ أننا‮ نسير‮ على‮ إيقاع‮ النبض‮ اليومي‮ للشارع‮ والرأي‮ العام‮.
الجميع‮ اليوم‮ ينزل‮ إلى‮ الشارع‮ لكي‮ يرفع‮ شعارات‮ ضد‮ الدستور‮ المتقادم‮ وضد‮ «‬أمانديس‮» وضد‮ فساد‮ القضاء‮ وتخلف‮ الإعلام‮ وجشع‮ المقاولين،‮ ومطالب‮ بمحاكمة‮ المفسدين‮ وإرجاع‮ الأموال‮ المنهوبة‮ والمساءلة‮ الجنائية‮ لرموز‮ الفساد‮.
وهذا‮ لوحده‮ يعتبر‮ إيذانا‮ بمغرب‮ جديد‮ يقطع‮ مع‮ عهد‮ الخوف‮ الذي‮ سكن‮ أجيالا‮ من‮ المغاربة‮ ومنعها‮ من‮ التعبير‮ الحر‮ والجريء‮ عن‮ آمالها‮ ومطالبها‮ وانتظاراتها‮.‬
في‮ ساحات‮ المدن‮ وشوارعها‮ وأزقتها،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ شعارات‮ تعبر‮ عن‮ اختلاف‮ وجهات‮ نظرهم‮ ومرجعياتهم‮ السياسية‮ والفكرية‮ والإيديولوجية‮. وهكذا،‮ تنتقل‮ الشعارات‮ من‮ المطالب‮ الاجتماعية‮ كالشغل‮ والسكن،‮ إلى‮ المطالب‮ السياسية‮ كرفض‮ الجمع‮ بين‮ السلطة‮ والثروة،‮ إلى‮ المطالب‮ العلمانية‮ كفصل‮ الدين‮ عن‮ الدولة،‮ إلى‮ المطالب‮ الثورية‮ الراديكالية‮ التي‮ تطالب‮ بتغيير‮ النظام،‮ إلى‮ المطالب‮ الساخرة‮ والتي‮ جسدتها‮ عبارة‮ مكتوبة‮ فوق‮ قميص‮ الطبيبة‮ النفسانية‮ التي‮ سبق‮ لها‮ أن‮ تزعمت‮ حركة‮ «‬مالي‮» للإفطار‮ العلني‮ في‮ رمضان‮ والتي‮ تقول‮ «‬لست‮ بحاجة‮ إلى‮ ممارسة‮ الجنس،‮ لأن‮ الحكومة‮ تمارسه‮ علي‮ يوميا‮».
الجميع‮ رفع‮ شعاره‮ وعبر‮ عن‮ مطلبه‮ بطريقة‮ حضارية،‮ وفي‮ الأخير‮ جمع‮ كل‮ واحد‮ شعاره‮ وطوى‮ لافتته‮ وعاد‮ إلى‮ بيته‮ دون‮ أن‮ تتكسر‮ أسنانه‮ أو‮ أضلاعه‮ أو‮ تتعرض‮ واجهة‮ محل‮ واحد‮ للتكسير‮.
هذا‮ يعني‮ شيئا‮ واحدا‮ فقط،‮ وهو‮ أن‮ الديمقراطية‮ التي‮ تسمح‮ للجميع‮ بالتعبير‮ عن‮ رأيه‮ وموقفه‮ بطريقة‮ سلمية‮ وحضارية‮ هي‮ الحل‮. أما‮ العنف‮ فجواب‮ العاجزين‮ والمستبدين‮ والباحثين‮ عن‮ تأليب‮ الدولة‮ ضد‮ المجتمع‮ من‮ أجل‮ الحفاظ‮ على‮ مصالحهم‮ الضيقة‮ والاستمرار‮ في‮ لعب‮ دور‮ رجل‮ الإطفاء‮ المولع‮ بإضرام‮ النيران‮.‬
والآن،‮ بعدما‮ أوصلت‮ كل‮ هذه‮ الآلاف‮ من‮ المغاربة‮ مطالبها‮ وشعاراتها‮ إلى‮ آذان‮ من‮ يهمهم‮ الأمر،‮ وتحول‮ المواطنون‮ الذين‮ ظلوا‮ مكتفين‮ بقراءة‮ ما‮ يكتب‮ في‮ الصحف‮ إلى‮ كتاب‮ بدورهم‮ يشاركون‮ بأعمدتهم‮ وتعليقاتهم‮ وشعاراتهم‮ في‮ المسيرات‮ التي‮ تجوب‮ الشوارع،‮ هل‮ سنرى‮ تفاعلا‮ فوريا‮ وإيجابيا‮ مع‮ هذه‮ المطالب‮ والشعارات،‮ أم‮ إن‮ هؤلاء‮ الذين‮ يهمهم‮ الأمر‮ سيكتفون‮ بتسجيلها‮ و‮«‬ترقيدها‮» كما‮ تعودوا‮ أن‮ يفعلوا‮ دائما؟
إن‮ الفرق‮ بين‮ مغرب‮ الأمس‮ ومغرب‮ اليوم‮ هو‮ أن‮ المواطن‮ أصبح‮ يملك‮ الجرأة‮ والشجاعة‮ على‮ الإمساك‮ بالورقة‮ والقلم‮ وكتابة‮ لائحة‮ مطالبه‮ والخروج‮ إلى‮ الشارع‮ للتلويح‮ بها‮ نحو‮ من‮ يحكمونه‮ مباشرة‮ وبدون‮ انتظار‮ وساطة‮ وسائل‮ الإعلام‮.‬
لقد‮ أصبح‮ الجميع‮ في‮ هذه‮ البلاد‮ كاتب‮ عمود‮ وصاحب‮ رأي‮ يملك‮ القدرة‮ على‮ التعبير‮ بوسائل‮ متعددة،‮ لذلك‮ تستطيع‮ سميرة‮ سيطايل‮ أن‮ تغلق‮ منافذ‮ غرفة‮ أخبارها‮ جيدا،‮ فالمغاربة‮ أصبحت‮ لديهم‮ قنوات‮ أخرى‮ للتعبير‮ عن‮ رأيهم‮ خارج‮ هذا‮ السجن‮ الإعلامي‮ العمومي‮ الذي‮ أرادوا‮ أن‮ يضعوهم‮ فيه‮ ويسلطوا‮ عليهم‮ المسلسلات‮ المكسيكية‮ والهندية‮ السخيفة‮ لتبليد‮ ذوقهم‮ وتخريب‮ أخلاق‮ أبنائهم‮ وبناتهم‮.‬
اليوم،‮ أصبح‮ كافيا‮ أن‮ يأخذ‮ المرء‮ قلم‮ حبر‮ ولافتة‮ لكي‮ يخط‮ عليها‮ مطالبه‮ ويخرج‮ بها‮ إلى‮ الشارع‮ لكي‮ تتسابق‮ لتصويره‮ وسائل‮ الإعلام‮ المحلية‮ والدولية‮.
لذلك،‮ فالذين‮ لازالوا‮ يعتقدون‮ أن‮ المغاربة‮ إذا‮ لم‮ يظهروا‮ في‮ نشرات‮ أخبارهم‮ وبرامجهم‮ فلن‮ يكون‮ لهم‮ وجود‮ واهمون‮ ويعيشون‮ خارج‮ اللحظة‮ التاريخية‮.
إن‮ المطالب‮ التي‮ كنا‮ ندافع‮ عنها‮ ونطالب‮ بتحقيقها‮ على‮ الورق،‮ نزلت‮ اليوم‮ إلى‮ أرض‮ الواقع‮ وأصبحت‮ تتحرك‮ في‮ الشوارع‮ والساحات‮ والأزقة،‮ محمولة‮ بسواعد‮ هؤلاء‮ المواطنين‮ الذين‮ كان‮ البعض‮ يعتقد‮ أننا‮ عندما‮ نخاطبهم‮ فكأنما‮ نسكب‮ الماء‮ في‮ الرمل‮.
ما‮ يحدث‮ اليوم‮ في‮ المغرب‮ يقول‮ العكس‮. ما‮ كنا‮ نسكبه‮ يوميا‮ طيلة‮ كل‮ هذه‮ السنوات‮ لم‮ يذهب‮ سدى‮. والدليل‮ هو‮ ما‮ ترونه‮ اليوم‮ على‮ الأرض‮. إقرؤوا‮ اللافتات‮ جيدا‮ وستفهمون‮ كل‮ شيء‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.