لم يعد أمر شكايات «التظلم» من العمدة شباط، في هذه الأيام، «حكرا» على مواطنين بسطاء «يترصدونه» في الكراسي الوثيرة في الفنادق الفخمة التي يتنقل بينها كلما حل بالمدينة، بمكتبه «المتنقل» و»أتباعه» من المقربين، لكي يعرضوا عليه ملفاتهم ويحل لهم مشاكلهم البسيطة في أحيائهم السكنية التي تعيش كل مظاهر «البؤس»، مهما رقَت، من حيث النظافة وتردي الوضع الأمني وغياب التجهيزات التحتية المناسبة. فقد بادر أربعة مستشارين من حزب الاستقلال، وهو الحزب الذي صعد شباط إلى لجنته التنفيذية، في خطوة مثيرة، إلى صياغة رسالة مفتوحة، توصلت «المساء» بنسخة منها، يتحدثون فيها عن معاناتهم مع «التهميش» و«التقزيم» و«المضايقات»، ويشيرون إلى فتور كلي لهياكل حزب الاستقلال في المدينة وإلى عدم توفرهم على آليات وظروف الاشتغال أمام ضخامة المشاكل. المستشارون الأربعة الذين يتولون «حقائب» مهمة في مقاطعة فاس العتيقة، ومنها «حقيبة» التعمير، ورد الاعتبار لفاسالمدينة، ورئاسة لجنة المالية، ولجنة البيئة والتعمير، وغيرها، قالوا إنهم تلقوا وعودا من العمدة شباط لكي «يتواصل» معهم، لكن دون جدوى. وأشار أحد هؤلاء المستشارين، في حديث إلى «المساء»، إلى أن عمدتهم لم ينظم أي لقاء معهم منذ أن تم تشكيل مكاتب كل من المجلس الجماعي والمقاطعات الست التابعة له، بعد الاستحقاقات الجماعية ل12 يونيو 2009. ولم يتردد هذا المستشار، الذي سبق له أن وجه وابلا من «السب» لمسؤولين جماعيين استقلاليين في المدينة على هامش التجمع الجماهيري الذي نظمه شباط مؤخرا ووجه فيه وابلا من الانتقادات اللاذعة لحزب الأصالة والمعاصرة، (لم يتردد) في التأكيد على أن هياكل حزب الاستقلال في المدينة العتيقة أصبحت «صورية» وعدد منها (مقر «باب الخوخة» ومقر «الرصيف») أغلق مباشرة بعد انتهاء الحملة الانتخابية ل2009. أما مقر الحزب في «بوجلود» فهو مجرد «واجهة» لا تعقد فيها أي أنشطة. وقال هذا المستشار إنه وزملاءه في المدينة العتيقة يجدون صعوبات في الالتقاء بالمواطنين الذين يطالبون بمستشارين قريبين منهم، يتدخلون مثلا لنقل الأتربة التي تتكوم بالقرب من منازلهم المهددة بالانهيار، والحرص على النظافة، ووصف وعود عمدته لعقد لقاءات معهم للنظر في هذه الملفات ب«الزائفة» واستغرب الدعوات التي أطلقها العمدة لشباب «فايسبوك»، والتي أبدى فيها استعداده للتحاور معهم، موردا أن هذا العمدة نفسه لا يتواصل مع مستشاري حزبه، فكيف له أن يتواصل مع هؤلاء الشباب. وقبل هذه الرسالة المفتوحة، التي وقعها هؤلاء المستشارون الاستقلاليون، توصل رئيس المجلس، ومعه والي الجهة ووزير الداخلية، برسالة مجهولة يتحدث فيها صاحبها عن «اختلالات» في تدبير صفقات المجلس ومقاطعاته، مطالبا بفتح تحقيق في الموضوع، وموردا أن لفاس «طرابلسيها» (نسبة إلى طرابلسي تونس). وتضمنت هذه الرسالة معطيات دقيقة حول صفقة لتجهيز المركب الثقافي للمدينة، وهو من أكبر المركبات الثقافية في العاصمة العلمية. وتوقع، بناء على مؤشرات، وقبل فتح الأظرفة، أن تفوز مقاولة بعينها بهذه الصفقة، مقابل تأديتها «رشوة»، وأكد أن ما أسماه الفساد في المجلس الجماعي يتم ب«مساندة موظفين في مصالح الجماعة». وفي السياق ذاته، وجه ما يقرب من 19 ودادية سكنية في حي «مونفلوري» الراقي في المدينة رسالة إلى الصحافة تطالب فيها الجهات المسؤولة بتقصي الحقائق حول غض الطرف من قبل رئيس مقاطعة سايس ونوابه عن حل المشاكل «الأزلية» في منطقتهم وعدم استفادة حيهم «الراقي» من «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، في ظل ما يعاني منه من خصاص في الإنارة العمومية، والنظافة وغياب تعبئة الحفر المنتشرة في شوارع وأزقة الحي وتبليطها بالزفت، مع ترصيص الأرصفة.