سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«مونفلوري».. أحد الأحياء «الراقية» في مدينة فاس يتحول إلى «جحيم لا يطاق» مسلحون يقطعون الطريق.. إنارة عمومية مفقودة.. حديقة تتحول إلى «غابة».. وأزبال تهدد الصحة العامة
تحولت أزقة وشوارع حي «مونفلوري»، الذي يُصنَّف ضمن «أرقى» الأحياء في وسط مدينة فاس، إثر التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة، في الآونة الأخيرة، إلى «جحيم لا يطاق»، حسب تعبير عضو في إحدى ودادياته السكنية التي هددت بالعودة مجددا إلى الاحتجاج، بسبب عدم تنفيذ السلطات الإدارية والمنتخَبة الوعودَ التي قدمت لها منذ حوالي 3 أشهر، إثر لقاءات عقدتها معها ما يقرب من 12 ودادية سكنية. وقد «أحيت» هذه الوداديات السكنية ملفا من الشكايات «المتقادمة»، التي سبق لها أن وجهتها إلى السلطات المحلية منذ بداية السنة الجارية، لمطالبتها بالتدخل لحل مشاكل الترصيف والنظافة والإنارة العمومية والأمن وتنقية «المجال الأخضر». «غابة الأمازون» قالت إحدى هذه المراسَلات التي وُجِّهت إلى عمدة المدينة، حميد شباط، إن «غابة موسكو»، التي يصفها السكان ب»غابة الأمازون» يغلب عليها الطابع الغابوي، ما حولها إلى «وكر لتجمع المنحرفين والمشردين وإلى مواقع تستر كل الممارسات اللا أخلاقية والإجرامية، وأصبحت «سوقا» لبيع المخدرات والكحول واستهلاكها»، عوض أن تحظى ب«العناية» ك«فضاء أخضر» أصبح يشكل عملة نادرة في المدينة، يورد أحد أعضاء ودادية «فريدة». وتفتقر هذه «الغابة» للإنارة العمومية، ما يجعل عبورها في الليل من أصعب «المهمات» التي تعترض سكان الحي. وتعد هذه الغابة بمثابة معبر إلى مجموعة من المرافق العمومية، كالمؤسسات التعليمية والمسجد ودار الشباب والسوق المركزي. وعلاوة على ذلك، تشير المراسلة إلى أن هذه «الغابة» أصبحت مصدر تلوث بالنسبة إلى السكان، بسبب الأزبال المتراكمة فيها. غياب الإنارة تفتقد عدد من «دروب» هذا الحي للإنارة العمومية، ما يجعلها «قِبلة» لبعض الفارين من الشرطة، أثناء مطاردتهم في «غابة الأمازون». وتهدد بعض الأعمدة الكهربائية حياة المواطنين، بسبب تقادمها. وتطالب الوداديات السكنية بتحديث هذه الأعمدة التي تسجل، بين الفينة والأخرى، حالات تماس كهربائي، خصوصا عند هبوب العواصف أو الرياح أو أثناء رميها بكرة طائشة لأطفال يلعبون. وتحدثت المراسلة عن سوء ربط الحي بالشبكة الكهربائية عن طريق «خيوط جد متشابكة وقريبة جدا من النوافذ وجلها معلَّق في جدران المساكن»، مضيفة أن ذلك من شأنه أن يسبب عدة أخطار للسكان، في حي يعرف كثافة سكانية عالية ويعد معبرا في كل الاتجاهات. وانتقدت الوداديات السكنية الموقعة على هذه الرسالة تعامل الشركة المكلفة بجمع أزبال فاس مع حيهم، مُورِدين أن هذه الشركة لم تعد تقوم بمهامها في حيهم، ما يؤدي إلى «إغراق» حاويات الأزبال ومحيطها بالنفايات. ويجد سكان الحي «صعوبات كبيرة» في المرور عبر شارع «الكرامة»، بسبب «غزو» الباعة المتجولين لجميع جنباته. وتنظم السلطات، بين الفينة والأخرى، حملات ل«تنقية» هذا الشارع، لكن «الباعة» سرعان ما يغزونه من جديد، أمام أنظار أعوان السلطة ورجال القوات المساعدة ورجال السلطة. وإلى جانب عمدة المدينة، وُجِّهت نسخ من هذه المراسلة إلى مقاطعة سايس وإلى مدير الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء وإلى مدير شركة النظافة. وقالت المصادر التي تحدثت ل«المساء» إن الوداديات السكنية في هذا الحي لم تتوصل بأي رد من أي جهة من الجهات المسؤولة عن هذه الملفات، ما دفعها إلى التلويح بنقل احتجاجاتها إلى مقر ولاية الجهة، لإسماع صوت السكان المتضررين للمسؤولين. «الأمن» المفقود سبق لسكان هذا الحي أن خرجوا، في السنة الماضية، في احتجاجات ضد تنامي الإجرام في المنطقة شارك فيها مستشارون جماعيون ينتمون إلى كل من حزب الاستقلال (في الأغلبية المسيرة محليا) وحزب العدالة والتنمية (في صف «المعارضة النقدية» محليا). وجاء في رسالة وُجِّهت إلى كل من والي الأمن في المدينة وإلى وكيل الملك فيها إن حي «مونفلوري» يعرف «ترديا أمنيا خطيرا»، وسجلت بعض مظاهره في السكر العلني في «شارع الكرامة»، وهو من أكبر شوارع الحي، وفي «قيام مجموعة من الأشخاص، مدجَّجين بالسيوف وبمختلف أنواع الأسلحة البيضاء، بقطع الطريق والسرقة تحت التهديد وترهيب النساء والأطفال وتكسير زجاج العديد من المحلات التجارية والسيارات». وطالبت الرسالة السلطات الأمنية بتوفير مداومة في الشارع الرئيسي للحي وبالتدخل ل«استتباب الأمن في المنطقة وضمان أهمّ حق من حقوق الإنسان، وهو الحق في الأمن والسكينة والطمأنينة»، حسب تعبير الرسالة. وطبقا لإفادة أحد أعضاء هذه الوداديات، فإن تجار الحي يضطرون إلى إغلاق محلاتهم في وقت مبكّر، تخوفا من التعرض لاعتداءات وسرقات على أيدي المجرمين الذين يُقدَّمون على أنهم ينطلقون في هجماتهم من الأحياء الشعبية في المدينة. «وعود من عاصفة» سبق للسلطات الإدارية المحلية، منذ حوالي 4 أشهر، أن عقدت لقاء «عاجلا» مع حوالي 12 ودادية سكنية في حي «مونفلوري»، ل«حتواء» وقفة احتجاجية كانت هذه الوداديات السكنية تعتزم تنظيمها، للاحتجاج ضد أوضاع حيهم. وقد قُدِّمت لمسؤولي هذه الوداديات وعود بالتدخل لإيجاد الحلول لمشاكلهم. كما عقدت هذه الوداديات لقاء مع رئيس مقاطعتهم، الاستقلالي حميد فتاح، وتطرق اللقاء إلى نفس المشاكل، لكن الأوضاع بقيت على حالها. وقال أحد مسؤولي هذه الوداديات المعنية إن كل محاولاتهم ل«تجديد» اللقاء برئيس مقاطعتهم باءت بالفشل، بسبب انشغاله بسفرياته إلى الخارج، حيث يتنقل بين عدد من الدول الأوربية والإسلامية كمُحاضر متخصص في «الدراسات الإسلامية». وإلى جانب «غياب» رئيس المقاطعة الاستقلالي عن «مكتبه» وتكليف نائبه الذي يطلب من السكان، بشكل مستمر، التوجه لتقديم ملف مشاكلهم، بشكل مباشر، لعمدة فاس، فإن الملحقة الإدارية ل«مونفلوري» لم تعرف بعدُ «استقرارها الإداري». فقد تناوب عليها خليفتان، الأول قدّم استقالته من المهام، بعد أن «رُقِّي» من موظف في قسم الشؤون الداخلية في المقاطعة إلى مرتبة «خليفة»، تفاديا للدخول في «صراعات كبيرة». وبعد ذلك، تم استقدام خليفة ثان كان يشتغل في الملحقة الإدارية «النرجس» وأُدخِل إلى «ثلاجة» منطقة «سايس»، بعد كثرة شكايات المواطنين ضده، قبل أن يتقرر إرساله إلى الملحقة الإدارية «الزهور». وفي الحركة الانتقالية الأخيرة، استُقدِم إلى هذه الملحقة الإدارية رجل سلطة من طنجة، مع الاحتفاظ بالخليفة في منصبه. من جانب آخر، قللت مصادر إدارية من حجم هذه المشاكل، مشيرة إلى أنها مشاكل بسيطة لا يجب تضخيمها. وتحدثث المصادر ذاتها عن كون تحريك الملف في هذا الوقت بالذات لا يمكن عزله عن التحركات الانتخابية لاستحقاقات 2012، مسجلة أن العرائض التي يتم «الترويج» لها تتضمن أسماء حزبيين ومستشارين جماعيين.