منذ حوالي خمس سنوات، أقام عمدة فاس، حميد شباط، عرسا مدويا لابنته «ريم»، ودعا إليه كبار حزب الاستقلال وعدداً من الوزراء وكبار المنعشين العقاريين في المغرب وفرقا من «قبيلة» الصحفيين والمستشارين الجماعيين والنواب البرلمانيين، وحجز جل الفنادق المصنفة في المدينة. وما زال هذا العرس الذي خلق ضجيجا مدويا في المدينة وضواحيها وفي عدد من المدن المجاورة يُضرَب به المثل في البذخ الذي تعرفه أعراس الأعيان وعلية القوم. وربما يتجه شباط نحو استعادة هذه الضخامة في التنظيم، في استعدادات تجريها زوجته، المستشارة الجماعية في «أغلبيته الحكومية» في المجلس الجماعي ورئيسة جمعية «أوربة» للتضامن والعمل الخيري، من أجل تنظيم حفل كبير لتزويج ما يقرب من 101 شاب وشابة من شرائحَ اجتماعيةٍ فقيرة في المدينة. وسينظم الحفل، طبقا لمصادر مقربة، في أحد المركبات الرياضية في المدينة يوم 22 يونيو القادم، وسيستدعى لحضوره عدد كبير من قياديي حزب الاستقلال وعدد آخر من البرلمانيين والوزراء والصحافيين والمستشارين الجماعيين والجمعويين، وسيفتح في وجه جل الشرائح الاجتماعية في المدينة، قبل أن تنتقل السهرة من المركب في اتجاه أهم شوارع فاس... ويأتي هذا الحفل الكبير في وقت دخل فيه العمدة شباط في صراع مرير مع حزب الأصالة والمعاصرة، من أجل الظفر سياسيا بالعاصمة العلمية، التي تعد من المدن الكبرى التي تساهم في صنع الخريطة السياسية الكبرى للمغرب. وسيحضره كل من ياسين ونوفل ونبيل ونضال شباط. وسيحرص أبناء العمدة، كما في كل حملة حاسمة لأبيهم، على أن يحضر معهم الأتباع من الشبان القادمين من قلعة بنسودة، أهم المناطق التي يهيمن العمدة شباط عليها ويحتفظ بها ك«خزان انتخابي». ومن المؤكد أن يسوق كل من هؤلاء الأبناء، ذوو المسار التعليمي الذي لم يصل إلى حدود المستوى الجامعي، سياراتهم الفارهة التي يحرصون على الظهور بها، بمناسبة وبدونها. ولعل تنويع السيارات، في كل مرة، من قِبَل الأبناء الذين شاركوا، بحماسة زائدة، في الحملة الانتخابية الأخيرة لوالدهم إبان الانتخابات الجماعية ل12 يونيو 2009، يعود إلى كون نوفل شباط قد تخصص في الاتجار في السيارات المستعملة. ومن أبرز الخصوصيات التي تميز هؤلاء الأبناء كونهم لا يتحركون، في الأماكن العامة وحتى في الأماكن الخاصة، بالليل والنهار، إلا بحضور «موكب» من المرافقين، وجلهم من «فتوات» منطقة بنسودة، المعقل الذي أنجب النقابي والسياسي حميد شباط. وهؤلاء «الأنصار» المرافقون عادة ما يُتَّهمون من قبل رواد الفنادق المصنَّفة بالتسبب في مشاكل لمسيري هذه الفنادق وحراسها والهيمنة على أمسياتها وحلباتها وفرض الميولات الموسيقية الخاصة والاستحواذ على أداء الراقصات وعدم أداء مصاريف ما استهلكوه، في بعض الأحيان.. لكنَّ جل هذه المشاكل والنزاعات التي يتم الحديث عنها، بكثير من الإطناب في المجالس الخاصة، لا تصل إلى مخافر الشرطة ولا تُحرَّر بشأنها محاضر، مما يجعل هذه الاتهامات، في نظر مقرَّبين من العائلة، مجردَ اتهامات فارغة هدفها الإساءة إلى سمعة العائلة. وعادة ما يتم الحديث عن تدخلات «ودية» من أجل حل كل المشاكل العالقة بين الأطراف المتنازِعة. فقد اتهم ابنه نبيل بالمشاركة في تنفيذ الاعتداء على طاقم القناة الثانية أثناء محاولتها تغطيةَ جلسة من جلسات محاكمته في المحكمة الابتدائية في الرباط بعد تصريحات نارية أدلى بها واتهم فيها المهدي بنبركة بالتورط في قتل مقاومين وأعضاء في جيش التحرير المغربي!... كما اتُّهم باختطاف أحد شبان حي بنسودة، إبان الحملة الانتخابية الجماعية الأخيرة، بسبب خلاف بين الأخير والعمدة شباط. وحكى هذا الشاب، الذي نشط ندوة صحافية في مقر حزب الأصالة والمعاصرة، تفاصيلَ دقيقةً عن عملية الاختطاف التي استُخدِم فيها شبان آخرون، بتعليمات من ابن شباط وأُبقِي عليه رهن الاحتجاز لعدة أيام في أحد مستودعات ضيعة فلاحية في ضواحي المدينة. كما أن ابن شباط «ياسين» اتُّهم، على أعمدة بعض الصحف، باغتصاب فتاة قاصر تتحدر من تطوان. وعادة ما يرد شباط على هذه الاتهامات بالقول إنه يتم تحريكها مع اقتراب موعد الانتخابات. لكن أخطر هذه الاتهامات، التي تناولتها الصحف، في الآونة الأخيرة، تتعلق بورود اسم ابن شباط «نوفل» ضمن اعترافات أحد زعماء شبكات ترويج المخدرات الصلبة في المدينة، بعدما جرى اعتقاله وتقديمه إلى المحاكمة. ومما جاء في أقوال «زعيريطة»، بمكبر صوت استعملته المحكمة من أجل التأكد من الاتهامات التي جاءت على لسانها، إشارته إلى أن «نوفل» شباط كان ضمن الأطراف التي تزوده بالمخدرات الصلبة التي يروجها، متحدثا عن ضغوطات تعرض لها أثناء الاستماع إليه من قِبَل رجال الأمن، لكي لا تُدوَّن أقواله. وقد وصلت هذه القضية، في الآونة الأخيرة إلى البرلمان، وعادت مجددا إلى الصحافة، لكن في إطار الحرب السياسية القاتلة الدائرة رحاها بين حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، وذلك عندما اتهم البرلماني عبد العزيز اللبار العمدة شباط بالتدخل لحماية أبنائه المتهَمين في ملفات الاتجار في المخدرات. وآخر ما يرد في هذه الأحاديث في المجالس الخاصة يشير إلى أن العمدة شباط أصدر «تعليمات» وُصِفت بالصارمة لأبنائه يطلب منهم وفقها الابتعادَ عن كل ما من شأنه أن يُستغَلّ سياسيا ضده، خصوصا وأنه قد دخل، في الآونة الأخيرة، في حرب ضروس مع حزب الأصالة والمعاصرة، تُستغَلّ فيها جميع الوسائل وتستعمل فيه جميع الضربات، بما فيها «ضربات تحت الحزام»!... وباستثناء «نوفل» الذي يتعاطى الاتجار في السيارات المستعمَلة ويشرف على بعض المشاريع السياحية في طنجة، فإن الأبناء الآخرين لا يُعرَف عنهم أي تخصص في مهنة من المهن، باستثناء البنت «ريم» التي لا تزال تتابع دراستها العليا في أحد المعاهد المتخصصة في المدينة. وقد سبق لبعض التقارير الإعلامية أن أوردت أن شباط قام بمبادرات، في الآونة الأخيرة، من أجل توفير المناخ السياسي المناسب لابنه «نوفل» للترشح في منطقته الأصلية في ضواحي تازة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.