شكك مستشارو حزب العدالة والتنمية سهام النقد في شفافية عدد من الصفقات والمشاريع، التي كانت للمجلس الجماعي يد فيها، في أول محطة لتجسيد المعارضة، التي اصطف فيها حزب «المصباح» بعد التصويت على إقالة ممثله داخل مكتب المجلس الجماعي لمراكش. ففي الوقت الذي شكك محمد العربي بلقايد، النائب السابق لرئيسة المجلس الجماعي، قبل أن تتم إقالته، في شفافية العقد الذي أبرمه المجلس الجماعي لمراكش مع مكتب للدراسات، الذي تم تكليفه بإنجاز مخطط التنمية الحضرية، طالب بلقايد باستدعاء المجلس الجهوي للحسابات على عجل للتدقيق في العقد المبرم مع مكتب الدراسات، الذي قال عبد السلام السكوري، المستشار بحزب «المصباح» إن حميد نرجس «هو من تكلف شخصيا بإحضاره (مكتب الدراسات) من العاصمة الرباط». وانتقد الكاتب الجهوي لحزب «المصباح»، الاستعانة بمكتب دراسات من خارج مدينة مراكش، مؤكدا خلال دورة المجلس الجماعي المنعقدة أول أمس الإثنين أن «في مراكش مكاتب وكفاءات في المستوى العالي». وقال بلقايد، الذي فاجأ الحاضرين بمداخلة تضمنت انتقادات شديدة لبعض الملفات داخل المجلس إنه «من العار أن نوقع عقدا مصادقا عليه مع مكتب دراسات جاء من الرباط بمبلغ 123 مليون درهم، ولازال المخطط لم ير النور إلى اليوم ونحن في السنة الثانية من التجربة»، وهو ما لم يتقبله عدد من المستشارين، خصوصا الموالين لحزب الأصالة والمعاصرة، خصوصا بعدما ذُكر اسم المنسق الجهوي لحزب «الجرار» على لسان ممثل حزب «المصباح» في سياق الحديث عن «شبهة» تحوم حول مكتب الدراسات. وردا على هذه «الشبهات» تساءل حميد نرجس، نائب عمدة مراكش، حول الدوافع التي حركت مستشاري حزب المصباح بعد مضي عشرة أشهر على اعتماد المكتب، ومباشرة بعد إقالة بلقايد من المكتب، معتبرا أنه لا فرق بين مكتب دراسات بمدينة مراكش أو الرباط أو وجدة.... وأكد نرجس في تصريح ل« المساء» أن العقد خضع لمسطرة قانونية، ورحب بالمجلس الجهوي للحسابات للانكباب على هذا العقد. قبل أن يضيف قائلا: «على الجميع أن يقارنوا مبلغ الصفقة في باقي المدن الكبرى والصغرى مع هذا العقد». وحول اسم مكتب الدراسات نفى المسؤول معرفته به، مؤكدا أن الاسم يعرفه موظفو المجلس. ومن جهته، لم يتقبل المستشار خالد فتاوي تهرب بعض الشركات من أداء الواجب الضريبي على اللوحات الإشهارية، التي تحرم الجماعة من مداخيل مهمة، وقال فتاوي إن مداخيل اللوحات الإشهارية، التي تحرم منها مراكش، من شأنها أن تشغل كل شباب مراكش العاطل عن العمل. وصادق المجلس الجماعي لمدينة مراكش، أول أمس الاثنين، على الحساب الإداري للجماعة برسم سنة 2010 بالأغلبية، في جلسة عرفت بدايتها نقاشا حادا بخصوص قانونية انعقادها، بعد أن سجل أعضاء حزب العدالة والتنمية مرور أكثر من ساعتين على الوقت المحدد لانطلاق أشغالها، بواسطة عون قضائي. الدورة التي استغرقت زهاء سبع ساعات، خصصت لمناقشة الحساب الإداري للجماعة الحضرية برسم سنة 2010، من خلال مناقشة مداخيل ومصاريف الجماعة والمصادقة عليها. هذا وسجل تقرير اللجنة المكلفة بالتخطيط والتنمية الاقتصادية والميزانية والمالية للمجلس الجماعي، زيادة ملحوظة في نسبة المداخيل الإجمالية للجماعة، بنسبة 22 في المائة، في مجالات الإدارة العامة والشؤون الاجتماعية والتقنية والاقتصادية، وكذا مجال الدعم، من خلال الرسوم المحلية، والرسوم المحلية المدبرة، والضريبة على القيمة المضافة. كما عرف الباقي استخلاصه - وهو ما لم تتمكن الجماعة من تحصيله من المداخيل لأسباب معينة- ارتفاعا بنسبة 10 في المائة، خاصة في ما يتعلق بالضرائب المحولة، مما استدعى تكوين لجن محلية تشمل المختصين في المجال، من أجل تصنيفه، وفق المجالات الاقتصادية، وتحديد ما يمكن الاستفادة منه قصد التخلص من المبالغ غير القابلة للتحصيل عن طريق وضع خطة منهجية علمية وعملية. واعتبر أعضاء من حزب العدالة والتنمية، الذين أضحوا يمثلون المعارضة داخل المجلس، أن هذه المداخيل كان بالإمكان مضاعفتها، لولا «سوء تدبير مجموعة من القطاعات، وبالتالي تضييع مداخيل مهمة على المدينة»، وفي هذا الصدد اعتبر عبد السلام سيكوري، المستشار عن العدالة والتنمية، أن مجموعة من المرافق السياحية بالمدينة «لا تؤدى ضرائب عنها رغم تحقيق الكثير منها لأرباح قد لا تحققها فنادق مصنفة»، كما أن مسابح مراكش الستة، التي تستفيد منها الفئات الاجتماعية الفقيرة، «تعاني ارتباكا كبيرا في التسيير والجودة والسلامة الصحية، وهو ما انعكس سلبا على مداخيلها»، وأضاف المتدخل ذاته «أن عائدات سوق الجملة يمكن أن تتضاعف بشكل كبير، على اعتبار أن نسبة مهمة من الخضر والفواكه تمر مباشرة إلى الأسواق والفنادق والساحات الكبرى دون أن تؤدي الضرائب القانونية للجماعة»، إضافة إلى وجود مركبات تجارية كبرى «كلفت المجلس مبالغ مالية مهمة، ولا تزال مغلقة»، كما هو الشأن بالنسبة إلى مركبات، عين ايطي، الحي المحمدي وسيدي يوسف بن علي. وبخصوص الذبائح السرية، أكد سيكوري أن هذا الأمر لا يهدد المال العام فقط، بل أصبح يشكل تهديدا كبيرا لصحة المواطن أيضا. ومن جهته، اعتبر العربي بلقايد عن نفس الحزب، أن الحديث عن تحقيق فائض في ميزانية مجلس مراكش، هو «تمويه وعدم كشف عن حقائق من أجل تبرير اللجوء إلى قروض إضافية»، مضيفا في السياق ذاته أن مراكش «يكفيها ما تراكم عليها من ديون، بلغ 150 مليار سنتيم، أي ما يعادل 15 مليون سنتيم لكل فرد، على اعتبار أن سكان مراكش يقدرون بمليون نسمة. وأوضح بلقايد أن التقرير تحدث عن فائض في الميزانية برسم سنة 2010، لكونه لم يحتسب مجموعة من المصاريف الآنية، التي يجب تسديدها، كما هو الشأن بالنسبة إلى فواتير الماء والكهرباء التي بلغت 66 مليون درهم، وديون شركة النظافة التي وصلت إلى 14 مليون درهم، و18 مليون درهم كمستحقات الموظفين، لم تدرج ضمن ميزانية هذه السنة ولا حتى السنة المقبلة، إضافة إلى المقاولات التي انتهت من الأشغال الموكولة إليها وتنتظر23 مليون درهم كمستحقات. وبخصوص مصاريف المجلس برسم سنة 2010، التي عرفت زيادة بنسبة 7 في المائة، فهي راجعة، حسب التقرير، إلى ارتفاع حجم المصاريف الإجبارية، كالمديونية ومصاريف الموظفين ومنح المقاطعات، إضافة إلى مصاريف استهلاك الماء والكهرباء. وسجل بعض الأعضاء ضعف نسبة المصاريف المتعلقة بالعمل الاجتماعي والثقافي والمخيمات ومساعدة المعوزين، وجمعيات المجتمع المدني، في مقابل سخاء كبير في العديد من المجالات، كالإطعام والاستقبالات وبعض النفقات المتعلقة بسفر الأعضاء إلى الخارج، وكذا مهرجان مراكش للفيلم الذي يكلف المجلس 3 ملايين درهم سنويا. وفي ردها على مداخلات أعضاء المجلس، أكدت فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة مجلس مراكش، أن المجلس جاء بمشروع تغييري حقيقي، وأن الحصيلة مشرفة. وبخصوص ما بقي استخلاصه من الديون، أوضحت المنصوري، أن الأمر يحتاج إلى تشخيص حقيقي يشارك فيه كل المعنيين قصد الاستفادة منه، كما أن نسبة ارتفاعه تدل على أن المجلس قام بواجبه أحسن قيام. وبخصوص الديون المتراكمة على مدينة مراكش، أكدت العمدة أن وزارة الداخلية تتحمل جزءا من المسؤولية، حيث إن المجلس الحالي تكفل بتسديد العجز المتراكم عن المجلس السابق، والبالغ 95 مليار سنتيم، مضيفة أنها مستعدة لتنفيذ كل البرامج الممكنة والتي يرتضيها المجلس، وتصديها لكل ما من شأنه أن يستنزف موارد المجلس.