تعيش مدينة مراكش على إيقاع حراك سياسي مميز، وبوادر بنائية لتأسيس مرحلة سياسية جديدة في تدبير شأنها العام، مرحلة وصفها مجموعة من المراقبين والمتتبعين بالنقلة النوعية ، خاصة بعد إقالة القيادي بحزب العدالة والتنمية محمد العربي بلقايد، النائب الرابع لعمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري، وإختيار أعضائه الدخول في المعارضة، بعد أن كانوا يشكلون جزءا أساسيا من فسيفساء الأغلبية المسيرة لمدينة الرجال السبعة إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة،في سابقة تدبيرية سريالية إختصت بها مراكش دون سائر مدن المملكة، ذات نظام وحدة المدينة. من مرحلة اساسية جنينية ، ترجمتها لافتات وشعارات ومتظاهرون خارج المجلس، خطط و مزايدات داخل المجلس، كواليس وأسرار ، حسابات دقيقة وتوازنات مرعبة بين النقيضين، تملقات وعدوات، وغياب مدروس من مستشاري حزب الإستقلال ، تاركين المهندس بنشقرون فقط لكتابة ما جرى، فخاخ وقشور موز تلقى هنا وهناك من أجل توريط هذا، وإقصاء الآخر، متعلمون وأميون ، أكاديميون وجهلة، زعماء وأتباع، مهرولون وصامتون، إنمائيون وخبراء، كيديون ونبلاء، ومتآمرون ومزايدون ، تنضاف إلى وجوه داخل المجلس الجماعي لمراكش ظلت تراقب الوضع الذي تفنن في إخراجه قيادات محلية ووطنية حزب العدالة والتنمية رفقة البرلماني الشهير لحسن الداودي، وتتابعه بنظرات تتأرجح مرة بين تأمل ومرات داخل بوثقة اللامبالاة،تحت قوة وسيطرة منطق التحالفات . تلك هي الملابسات الأولية التي عرفتها مجريات إقالة محمد العربي بلقايد ، القيادي بحزب العدالة والتنمية من منصبه كنائب رابع لفاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الجماعي لمراكش ... حيث تمت إقالته على خلفية تصريحات مضادة لموقعه، في برنامج إذاعي محلي إتهم من خلالها المجلس ببطء وتيرة أدائه، وتقاعسه عن خدمة المواطنين، إذ تمت إقالته بموافقة 72 عضو من المجلس مقابل 2 أصوات رفضت إقالته، في حين كان الممتنعون أربعة أصوات ، وكان متتبعون وفاعلون جمعويون وسياسيون قد إنتقدوا التصريحات الإذاعية لبلقايد وإعتبروها إزدواجية في الخطاب، تعكس خطابا مع المواطنين وخطابا آخرا داخل كواليس وردهات المجلس الجماعي، في سلوك إعتبرته ذات المصادر متجاوزا ومتقادما من شأنه الإساءة للمؤسسة الجماعية والمنتخبين المنتمين إليها، ومن خلالهم إلى جميع ساكنة مراكش. على واجهة أخرى، تم إعتبار تصريحات العضو القيادي للعدالة والتنمية بلقايد من طرف وداديات سكنية بكل من مقاطعتي المنارة وجليز، تناقضا كبيرا، خاصة وأن الرجل صرح بأقواله المنافية لمحض تكليفاته، كنائب رابع لرئيسة المجلس الجماعي، وبالتالي ليس من المعقول أن يكون حكما وخصما ضمن مجلس ومكتب لا يقبل إشتغاله أو طريقة تدبيره للمدينة، وهو الأمر الذي إعتبره مراقبون تناقضا ضمنيا من القيادي محمد العربي بلقايد، من شأنه أن ينعكس سلبا عن تطورات الحزب الميدانية بالمدينة الحمراء، في ظل تجميد يونس بنسليمان قيادي آخر بذات الحزب لنشاطه بالمجلس، وغيابه عن أشغال الجلسة الجماعية التي عرفت إقالة زميله السابق، في حين تؤكد مصادر أخرى إلتحاقه بأصدقاء عبد العزيز البنين ، في حزب التجمع الوطني للأحرار . من جهة أخرى ، إعتبرت أوساط حقوقية وجامعية بمراكش أن إقالة بلقايد كانت ” قرارا سياسيا منطقيا بامتياز، وأنه من أبجديات التسيير الديمقراطي في كل أصقاع العالم” وأكدت ذات الأوساط أن هذا العمل هو خطوة فعالة من أجل توضيح المواقف لكل الفرقاء الحزبيين بالمدينة، ما وصفوه بمناهضة إزدواجية الخطاب التي تدخل في إطار المزايدات والتي تنتسب إلى الزمن الماضي حيث كان يتم الإستخفاف بعقول المراكشيات والمراكشيين” ضدا عن التوجه العام للحياة التدبيرية الرامية إلى تعزيز وتأهيل الموارد المالية والبشرية بالمجلس الجماعي لمراكش، وتشجيع تبادل الخبرات ، والتحسيس والمرافعة في القضايا المعيقة لتأسيس شروط تنمية مراكشية محلية ناجعة . . في الوقت الذي استنكر فيه بشدة بيان صادر عن الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي بمراكش ، جميع التدخلات اللامسؤولة لأعضاء المجلس الجماعي المنتمين لحزب العدالة والتنمية، والتي تدعو إلى الفتنة وتمس بأمن البلاد ومصالحها العليا، ومن ضمنها لإقدام عضو جماعي من العدالة والتنمية بتشبيه ما وقع في مراكش بأحداث تونس وزاد عن ذلك بأن ما عرفته تونس كان نتيجة تكميم الأفواه وسيطرة الحزب الوحيد وهو ما أثار زوبعة من الإحتجاجات والردود السريعة، وأجج الجلسة، ودفع بعض المستشارين إلى التدخل لتصحيح الفكرة. كما شجبت المستشارة ميلودة حازيب ورئيسة مقاطعة النخيل، كل تسييس انتخابوي لعملية الإقالة، معتبرة أنها جاءت عن قناعة من الأعضاء الممارسين داخل المجلس الجماعي، بناء على ما صدر من النائب الرابع، وعدم قيامه بالمهام المنوطة به، منددة بما وصفته بالتلفظات الصادرة عن أعضاء الحزب العدالة والتنمية. في حين عرفت جنبات مقر المجلس الجماعي بشارع محمد السادس وباحاته تنظيم تظاهرة إحتجاجية ،من طرف أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة ضد إقالة محمد العربي بلقايد، ضمت 14 برلمانيا يتقدمهم نائب الحزب البرلماني الداودي مئات من المحتجين رفعوا شعارات من قبيل “لا لتكميم الأفواه” و « pam dégage ووصفت حزب المصباح بالشريف والصالح، ونددت بإقالة المستشار بلقايد من منصبه كنائب عمدة مراكش، وخلال الندوة الصحفية التي عقدها حزب العدالة والتنمية بمقره، ذكر بلقايد أن لجنة المداخيل التي كان يشرف عليها بالمجلس الجماعي ارتفعت في 2010 الى 69 مليار بدل 53 مليار في سنة 2009 ، وأكد أن مستشاري حزبه سيمارسون المعارضة الداعمة والبناءة، وأنهم دائما سيظلون مع الصالح العام لمراكش والمراكشيين . وخلال كلمتها التي إسترعت إنتباه وإهتمام الحضور،والإعلاميين ذكرت المستشارة ورئيسة مقاطعة النخيل ، أنه لا يمكن بناء مؤسسات جماعية ديمقراطية وقوية، في ظل ما أسمته بالإتهامات المجانية، والمفردات اللاأخلاقية كالتطويع، مشيرة أن ممثلي ساكنة المدينة ليسوا كلابا أو قططا يتم تطويعهم ، ومؤكدة أنها تفتخر بإنتمائها السياسي ضمن هيئة حزبية تروم تشييد دولة الحق والقانون، وتراهن على أن أي تقدم لا يمكن أن يكون بدون إصلاح عميق للمجلس الجماعي لكونه أصبح فطب الرحى في أية تنمية إجتماعية أو اقتصادية. وأوضحت الرئيسة حازيب أن تخليق الحياة العامة كفيل ببث روح العدالة في المجتمع المراكشي، وروح الثقة في مختلف مؤسساته من أجل تحقيق إقلاع تنموي اقتصادي واجتماعي شمولي ومستديم بتشجيع الإستثمار والمبادرة. من جهة أخرى، فوضت فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، بناء على بنود الميثاق الجماعي، بعضا من مهامها إلى نوابها أعضاء المكتب المسير للمجلس الجماعي، من أجل إضافة دينامية جديدة على تدبير الشأن المحلي بالمدينة ، حيث تم تفويض عبد العزيز البنين في مجال جودة السير والجولان،وتتبع الأشغال المرتبطة بتصميم التنقلات الحضرية في جميع مراحلها التقنية والمالية، والإشراف على التشوير الطرقي والضوئي، والترخيص بالمرور لشاحنات نقل البضائع ومواد البناء لمدة مؤقتة داخل تراب الجماعة الحضرية، وتتبع وتنفيذ المقتضيات التعاقدية مع شركة النقل الحضري والسياحي، وتنفيذ المقتضيات التعاقدية مع شركة التنمية المحلية المكلفة بمواقف السيارات بمراكش، وتفويض عدنان بن عبد الله بالإشراف وتتبع الإنارة العمومية والنظافة والتطهير الصلب، والمساحات الخضراء والنافورات والأثاث الحضري، وتسمية الشوارع والأزقة والساحات العمومية، وصيانة الطرق وتفويتها. وتفويض محمد الحر بالإشراف على المكتب الجماعي لحفظ الصحة والمطرح العمومي والعلاقة مع المستشفيات والنفايات الطبية وجودة الهواء، وتتبع إنجاز المشرحة الجماعية، والبرامج المقررة في إطار الاتفاقية المبرمة مع وزارة الداخلية والعلاقة مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء والمكتب الوطني للكهرباء، كما تم إعطاء تفويض لحميد نرجس في مجال التعاون والشراكة، من أجل وضع التصور والبرامج والأنشطة المرتبطة بهذا الإطار على المستوى المحلي والجهوي والوطني والدولي، في حين تم تفويض عبد اللطيف أبدوح، الذي فضل عدم حضور جلسة إقالة بلقايد، في مجال زجر المخالفات في مجال التعمير وتفويض المحامي يونس بنسليمان، القيادي المجمد لعضويته من حزب العدالة والتنمية في ضبط القضايا والدعاوى المرفوعة ضد الجماعة الحضرية لمراكش وتتبعها، وتفويض عبد المجيد الدمناتي في المجال الجبائي الذي يشمل الوعاء الضريبي، والتحصيل والمنازعات المتعلقة بميدان الضرائب المحلية؛ حيث يستثنى من هذا التفويض مجال المرافق الاقتصادية الكبرى. كما قامت رئيسة المجلس الجماعي لمراكش بتفويض حميد الشهواني بالإشراف التنظيمي والمالي على سوق الخضر والفواكه بالجملة، سوق الحبوب، وسوق الفواكه اليابسة، وسوق الدجاج، والمجازر الجماعية، وسوق السمك القديم والمرتقب، وسوق الجلد، وسوق الدراجات النارية والعادية، وسوق السيارات المستعملة، والأسواق الموسمية، وتفويض عبد العزيز مروان في مجال تدبير الممتلكات الجماعية، والمعاملات العقارية المرتبطة بالملك الخاص الجماعي، واحتلال الملك غير المرتبط بالرخص الاقتصادية، وتحفيظ الممتلكات الجماعية، وتنظيم المعارض . وذكر بلاغ صحفي صادر عن رئاسة المجلس الجماعي ، أن المفوض لهم آمرين بالصرف بالنيابة في مجالهم، مع ضرورة تقديمهم لتقارير دورية لرئاسة المجلس، طيلة مدة صلاحية هذه التفويضات والتي ستنتهي في آخر يوم من السنة الحالية. حسن حمدان