لا تغيير دون إعلام ولا إعلام دون تغيير، هذه قاعدة لا خلاف حولها. وما دام التلفزيون غائبا عن هذه القاعدة، إن لم نقل إنه يعاكسها إلى درجة الابتذال والاستخفاف بمشاعر المشاهدين، فلا يمكن توقع أي تغيير. مرة، سئل أحد خبراء الإعلام عما يجب فعله لربط المشاهد المغربي بتلفزيونه، فرد قائلا إن التلفزيون مثل جزيرة تقصدها الطيور من أنحاء العالم، لأن طقسها وموقعها يبعثان فيها الاطمئنان. وإذا حدث أن هاجرت تلك الطيور لسبب من الأسباب، فإنها لا تعود أبدا. وهذه هي حال المشاهدين المغاربة الذين هجروا قنواتهم التي تكاد تصل إلى عشر. طبعا، في الرقم وليس في الجدوى. المطلوب الآن أن يجد الشباب المطالب بالتغيير نفسه في تلفزيون يمول من جيوب دافعي الضرائب. ولعل المثال الساطع الذي صدر عن تظاهرة الرباط، والذي يقول «الجزيرة فضاحة ودوزيم شطاحة»، أفضل ما يختصر العلاقة بين المغاربة وتلفزيونهم. ليس مقبولا أن يمضي مسؤول على رأس ما يعرف ب«القطب الإعلامي» أكثر من عشر سنوات في منصب لم يجلب إلا الإفلاس الإعلامي، وليس مقبولا أن تتحكم شركات وصداقات وأنواع من الزبونية في احتكار المشهد الإعلامي بدون حسيب أو رقيب. وإذا كانت الأعراف الإدارية تفيد بأن بقاء شخص في المسؤولية لأكثر من أربع سنوات ليس مجديا، فما بالنا بمن يقضون السنوات في هدم الصرح الإعلامي، ثم يستمر وكأن لا شيء يحدث. يا ناس، كل الانتفاضات والثورات تبدأ وتنتهي في فضاء الإعلام، والاستثناء الوحيد في مغرب يتحرك هو أن تلفزيونه جامد وفاسد ومبتذل ولا خير يرجى منه إذا استمرت الأوضاع على حالها.