تعطي شركات الإشهار والوكالات صورة أميرية للعارضات، حتى يخيل للناس بأنهن يأكلن بملاعق من ذهب، لكن الحقيقة أن مثل هذه الصور وعروض الأزياء تجعل من هؤلاء الحسناوات نجمات فوق العادة. فتيات فارعات الطول، مرهفات الأحاسيس، يكن موضع حسد وغيرة من طرف جميع الفتيات، كما يكن موضع رغبة وتقرب من أغلب الرجال. لكن حياة العارضات ليست وردية كما يتخيل البعض، ولا تشبه صورهن خلال أسابيع الموضة أو على صفحات المجلات. عمل يسحر أي فتاة بدخوله، لشهرة أصحابه وكثرة أسفاره والمبالغ المالية التي يحصلون عليها، خاصة مع تطور سوق المجلات النسائية والمتخصصة في المغرب، حيث ازداد الطلب على عارضات الأزياء في الآونة الأخيرة «فهذه المهنة تجذب الشابات، لأن العارضات شابات جميلات وأنيقات» تقول سناء مبتسم. العارضات، كما نشاهدهن على خشبات البوديوم، هن مزيج من عالمي الجمال والرفاهية فنتخيلهن «مسجونات» في مناطق قرب بحيرات خيالية أو قرب جزر هواي الجميلة، لكن الحقيقة بعيدة عن هذه الحكايات الخرافية، فالعارضة، إن لم تكن ناعومي كامبل أو كايت موس، وتبدأ في خطو أول خطواتها في هذا المجال فإنها لا تشرب الشمبانيا خلال وجبة الفطور ولا تطعم كلبها المدلل من نوع « كانيش» كبد الإوز. فالعارضات المبتدئات لا يلجن الفنادق الفاخرة ولا يذهبن إليها إلا في حال وجود عروض بها، فالحياة الفاخرة لا تتذوقها العارضات المغربيات إلا من خلال جلسات التصوير، حيث يلجن أرقى الأماكن ويلبسن أغلى الملابس، لكن الأكيد أن العارضات المغربيات، خاصة المبتدئات لا يعشن تلك الحياة البراقة التي نشاهدها كل يوم على صفحات المجلات والقنوات العالمية كحياة عارضات من طينة كلاوديا شيفر، فالعارضة المغربية قد تجد نفسها محشورة في غرفة أحد الفنادق مع عارضة أخرى مما يحرمها حتى من خصوصيتها. فتيات صغيرات يحرمن من حياتهن العادية من أجل الوقوف أمام عدسات المصورين ف16 سنة، هي السن المثلى لبداية العمل كعارضة، لكن هناك عارضات بدأن العمل في هذا المجال قبل هذه السن، رغم قلتهن. لكن وفي ظل غياب وكالات متخصصة في اكتشاف العارضات، فإن الفتيات الحالمات بعالم يطبعه السفر والشهرة يكون طريقهن الوحيد إليه هو المشاركة في المسابقات التي تنظم على هامش عروض الأزياء. طريق الشهرة لا تكون دائما سهلة خاصة في ظل غياب مدارس ووكالات لتكوين العارضات مما يجعل هذه المهنة، غير المقننة، مهنة محفوفة بالمخاطر، رغم أنها المهنة الوحيدة التي تحصل فيها العارضة على دخل أعلى من الرجل، فيكن ملزمات بالقيام بأعمال أخرى من أجل عيش حياة كريمة. بالرغم من أن عروض الأزياء تدر على صاحبها ما بين 1000 درهم و2000 درهم بالنسبة للعارض الرجل وبين 2000 و3000 درهم بالنسبة للعارضة الفتاة، أما خلال عروض الأزياء التقليدية فقد تحصل الشابة على 3500 درهم، ورغم ذلك فهي لا تضمن حياة كريمة لصاحبها لأنها تتميز بالموسمية والقلة. «لا مستقبل لهذه الحرفة بالمغرب» تقول وداد، وتضيف «فضلت أن أبقى هاوية ومنشغلة بدراستي أولاً، لأن هذا المجال لم يقنن بعد ولا يؤمن مستقبل العارضة وحقوقها كباقي المهن على غرار ما هو موجود في دول أوروبا وغيرها من الدول التي توجد بها شركات عرض الأزياء المتخصصة.