اختتمت أول أمس وضمن فعاليات مهرجان أصيلة الندوة الدولية التي نظمتها جامعة ابن عباد الصيفية حول «تحالف الحضارات» بالرسالة التي وجهها المشاركون في الندوة إلى الملك محمد السادس، في رد من الندوة الدولية على الرسالة الملكية التي كانت مؤطرا حقيقيا لأعمالها، ولما طرحته من أفكار استباقية، من خلال التأكيد على أهمية إنجاز إطار للتفكير منبثق عن الندوة أول أمس في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية. أكدت رسالة المشاركين التي وقعها أربعة من كبار الحضور بالنيابة عن المنتدين، وهم رفاييل طوجو وزير خارجية كينيا السابق، وأوسكار ماروتوداي رومانيا ممثل منظمة الدول الأمريكية بمكسيكو، ووزير الشؤون الخارجية السابق في البيرو، والفارو دي فاسكونسولس مدير معهد الدراسات الأمنية للاتحاد الأوروبي في باريس، وحسن نافعة الأمين العام لمنتدى الفكر العربي، أكدت الرسالة على مضامين الرسالة الملكية، وعلى أن الندوة توقفت طويلا عند الأفكار التي طرحتها، وبالأخص في ما يتعلق بتحقيق المواطنة الكونية والنظام العالمي المنصف. كما ثمنت الرسالة الدعوة التي أطلقها محمد السادس من أجل إجراء دراسة معمقة ومسح شامل للفضاء الإفريقي الإيبيرو-لاتينو-أمريكي بمختلف مكوناته. وأشار المشاركون في الندوة إلى أنهم يضعون كل إمكاناتهم الفكرية والمعرفية والعلمية تحت تصرف مؤسسة أصيلة لإنجاز هذا المشروع المتكامل على الوجه الأكمل. من جهة أخرى، واصلت ندوة «تحالف الحضارات» أشغالها بمداخلات نخبة من الأسماء المشاركة في هذه الندوة الدولية. وسير الجلسة الختامية فيكتور باربوسا، رئيس الشؤون الخارجية السابق في رأس الرجاء الأخضر، وتطرقت إلى دور الأممالمتحدة في تحالف الحضارات، وقد وضع المسير أرضية للندوة لخصها في الدور الذي تضطلع به الأممالمتحدة في الدفع قدما بحوار الحضارات. وقال يجب أن نتحدث اليوم عن مسألة الحكم السديد وعلاقة ذلك بالديمقراطية وأن يكون القانون أقوى من كل شيء، أي أن تكون قوة القانون أقوى من القوة. وأشار إلى أن المنظومة الدولية تتكون من حكومات ومن أطراف غير حكومية، ووراء هذا كله هناك الأفراد الذين يحملون ثقافتهم الخاصة، وبالتالي فنحن نحدد وضعنا في العالم انطلاقا من الثقافة المحلية وليس من شيء آخر. واعترف بأن العلاقات الدولية تزداد تعقيدا، كما أن هناك توجها إلى تبسيط الأمور وقولبتها، وهذا ما تقوم به وسائل الإعلام في عالم اليوم. ولفت النظر إلى أنه في ظل العصرنة قد تميل الدول إلى التركيز على الفوارق أكثر من التركيز على الاختلافات، في شبه عودة إلى العصبيات المحلية. وذهب إلى أن تحالف الحضارات هو موضوع بالغ الأهمية، ويحاول أن يتخطى حدود الظاهر إلى الباطن، والأمور الباطنة غالبا ما تعود بنا إلى هيئة الأممالمتحدة وإلى مكوناتها وتركيبتها. ومن ثمة، لا بد من الإصلاح المثالي للأمم المتحدة. الأمر الذي لن يتحقق، وأشار إلى أن تحقيق الأمن العالمي رهين بدور رجال المال، وإذا لم يتحقق ذلك فإن الأمن والسلام لن يتحققا. منتهيا إلى أن هناك مفارقة بين الخطاب والممارسة من خلال انتصار غريزة استعمال القوة. سيبستيان كارباخال، النحات المكسيكي الذي أنجز نصب الأخوة المكسيكي المغربي، أكد أن الفنان ينظر إلى الأمور نظرة أخرى، وقال إنه مهووس بالهندسة الأوقليدية، ولديه لهجة فنية خاصة به، ويريد أن يترك أثر ذلك في العالم وفي المناطق التي زارها. وعبر عن اعتقاده أنه بفعل الفنون تتغير الأوضاع، وقدم نموذجه الفني المهدى إلى الفنان بيريرا، وهو عبارة عن لعبة المكعب رباعي الأبعاد الذي ينتهي في نهاية المطاف في علبة. وشبه الخصوصيات الثقافية بهذه المكعبات متعددة الأبعاد. رفاييل غروسي، مدير عام التنسيق السياسي في وزارة الخارجية الأرجنتينية، أشار إلى تجربة الأرجنتين في تحالف الحضارات، وهي تجربة ذات خصوصية، فأصل الأرجنتين يعود إلى مهاجرين قادمين في سفن، نزلوا إلى البر، بكل قيمهم وثقافاتهم، مما أدى إلى تنوع إثني كبير، وبالتالي فإن حماس الأرجنتين لموضوع تحالف الحضارات متأت من هذا الجانب. واعتبر أن تحالف الحضارات يمكن تجسيده في الحيز الإيبيرو-أمريكي-لاتينو، كما أن هناك أطرا أخرى في إفريقيا وفي العديد من بلاد العالم مستعدة لإنجاز هذا التحالف. وانتهى إلى أن تحالف الحضارات ينبغي ربطه بموضوع المرأة، وهذا موضوع معقد ويجر إلى الحديث عن حوار الأديان والشباب والطفولة، في حين أن أكثر من 77 في المائة من البنات الصغيرات لا يذهبن إلى المدرسة في العالم. أحمد ماهر، وزير الخارجية المصري السابق، قال إن حوار الحضارات معنية به الشعوب وليس الأنظمة، وهذا يقتضي التعرف المتبادل وقبول الغير وليس التسامح. وأكد أنه على هذا الحوار أن يشرك الجميع، ويتجاوز فجوات التاريخ، ويشرك الشباب في هذا النقاش، وعدم التذرع بالعولمة، لأن العولمة يمكن اليوم أن تكون محايدة. حسن نافعة قال إنه لابد من إصلاح الأممالمتحدة. وأشار إلى أنه أمام الأممالمتحدة فرصة نادرة لكي تلعب دورها التاريخي بحكم الإجماع الذي تتمتع به، لكنها لم تستطع أن تمضي في اتجاه فكرة النظام العالمي الجديد، وبالتالي لا توجد اليوم شرعية للنظام الدولي. ففي السابق كان الحديث عن الأمن الدولي، واليوم هناك حديث عن الأمن الغذائي والأمن الصحي. عبد الله ساعف، أستاذ العلوم السياسية ووزير التربية والتعليم السابق في الحكومة المغربية، رأى أنه إذا أردنا أن نستنبط نظاما جديدا علينا أن نعيد النظر في النظام نفسه وفي آليات عمله، وذهب إلى أن تحالف الحضارات عملية طويلة المدى وأهدافها لن تتحقق اليوم، ولن تكون دعوة سهل التجاوب معها أو الاستجابة لها. ورأى أن هناك خطابا شموليا، عبر اللجوء إلى المشروعية الدولية من أجل التحكم في العالم، مما ساهم في التقوقع، حيث أصبح كل واحد يعيش في عالمه، وهذا خطر آخر قد يهدد تحالف الحضارات. وذهب ساعف إلى أنه لا يجب إغفال البعد السياسي، واستعمال القوة لفرض الأمر الواقع، وتساءل: هل يمكن أن تعد الحضارات أطرافا سياسية؟ وانتهى إلى Bن الحضارات ليست أطرافا سياسية، وإذا حصل ذلك، فسيكون بالغ الخطر. محمدو كروما، وزير الخارجية السابق في حكومة السيراليون، أكد بدوره على ضرورة إصلاح منظمة الأممالمتحدة. وتعرض للعولمة وانعكاساتها السلبية، مما جعل حضارة معينة قيمة مطلقة، مما يقتضي عند الحديث عن تحالف الحضارات الكلام عن صون الحضارات.