لازال الكل يترقب ويخمن نتائج استفتاء أكبر بلد إفريقي والذي بدأ في التاسع من يناير الجاري وقد يسفر إما عن ولادة دولة جديدة بإفريقيا أو عن وحدة شمال وجنوب السودان، وذلك في وقت تشهد فيه الأراضي السودانية تشديدا أمنيا غير مسبوق وإن خرقته أنباء اشتباكات بين منشقين جنوبيين مع الجيش الشعبي في الجنوب في منطقة آبيي والتي أسفرت عن سقوط 33 قتيلا على الأقل. ويبلغ عدد المسجلين للاقتراع 3 ملايين و920 ألفا و916 ناخبا، ولا بد من مشاركة 60 في المائة منهم على الأقل في الاستفتاء لتعتمد نتيجته بعد شهر من إجرائه. وأكدت مفوضية الاستفتاء، عشية إجراء الاقتراع، اكتمال كافة الاستعدادات الإدارية والفنية والأمنية لإجراء العملية المفصلية في تاريخ السودان، وبلغت حالة التأهب ذروتها، وتدفق المراقبون الدوليون والمحليون ليكونوا شهود العملية التي يرجح أن تشهد ولادة دولة جديدة. وانتهت بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في السودان الأربعاء ما قبل الماضي من عملية نقل بطاقات الاقتراع إلى 2638 مركزا في الجنوب و174 في الشمال. ويحق للجنوبيين التصويت في 80 مركزا في أستراليا وكندا ومصر وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة. وفي هذا السياق، سجلت الحكومة الأسترالية أكثر من تسعة آلاف شخص ينتمون إلى جمهورية السودان يعيشون في أستراليا تقدموا للإدلاء بأصواتهم. وقالت الحكومة الأسترالية إن هذا العدد يعد الأعلى مقارنة بالدول الغربية التي يجرى فيها التصويت. وقد فتحت ثلاثة مراكز رئيسية أبوابها للتصويت، وهي مراكز في مدينة ملبورن وسيدني والعاصمة كانبرا. وسوف يتم فرز الأصوات في أستراليا وعرضها خارج مراكز الاقتراع قبل إرسالها إلى الخرطوم لتضاف إلى بقية الأصوات. وقدمت الحكومة الأسترالية دعما ماليا يقدر بتسعة ملايين دولار أسترالي، منها مليون دولار لدعم عملية الاستفتاء في أستراليا، وخمسة ملايين دولار لدعم الاستفتاء في الجنوب، وثلاثة ملايين دولار لدعم برامج المرأة والطفل في الجنوب، انطلاقا من الحكومة الأسترالية لإنفاذ ما تبقى من بنود اتفاقية السلام الشامل. أما في بريطانيا، وحسب ما قالته السيدة آنا روبرتس، المسؤولة عن مكتب المنظمة الدولية للمهاجرين، فإن السودانيين توافدوا من كافة أنحاء أوربا إلى لندن لأن بريطانيا هي البلد الأوربي الوحيد الذي فتحت فيه مكاتب اقتراع، وذلك طبقا لقانون الاستفتاء الذي يشترط فتح مكاتب تصويت في البلد الأجنبي الذي يعيش فيه 20 ألف سوداني جنوبي. ورحب وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، برنابا ماريال بنجامين، بتصريحات الرئيس السوداني عمر حسن البشير التي أدلى بها لدى زيارته للعاصمة الجنوبيةجوبا، والتي قال فيها إنه سيحترم إرادة الشعب وسيدعم تنمية الجنوب في حالة ما إذا اختار الانفصال في استفتاء يوم الأحد. وأضاف بنجامين برانابا أنه فرح بأن الرئيس البشير سيعترف بنتائج التصويت التي ستمنح لشعب جنوب السودان الحق في تحديد مستقبله لأول مرة منذ 1898. وكان الرئيس السوداني قد قال إنه «سيكون حزينا» إذا اختار الجنوب الانفصال لكنه «سيحتفل معه»، مؤكدا استعداده لمواصلة تقديم الدعم إلى الجنوب حتى في حال ما إذا أصبح «دولة». وقال الوزير الجنوبي ردا على المواقف التي عبر عنها الرئيس البشير: «نحن سعداء بأنه في آخر المطاف ورغم المصاعب والتحديات، اضطر الرئيس البشير إلى الاعتراف بأن الاتفاق ليس بين السودانيين لوحدهم بل إنه يشمل المجتمع الدولي بأسره». ومن جانبه، قال جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي: «إن حوافز ستقدم إلى السودان في حال ما إذا مضى الاستفتاء على انفصال الجنوب بسلاسة. وقال كيري متحدثا في الخرطوم: «إن هناك تغييرا بناء قائما في الشمال»، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مستعد لإخراج السودان من القائمة الأمريكية للدول التي ترعى الإرهاب إذا قبلت الخرطوم نتيجة الاستفتاء. كما ربط كيري رفع واشنطن للعقوبات الاقتصادية أيضا بحصول تقدم نحو السلام في دارفور. ولفت إلى أنه يتعين على الولاياتالمتحدة والقوى الأخرى أن تساند عقد جولة جديدة من محادثات السلام «رفيعة المستوى» لحل الصراع في إقليم دارفور السوداني لان الجهود الحالية لا تحقق نجاحا. ومن المقرر أن تتواصل عمليات الاقتراع في هذا الاستفتاء لمدة أسبوع حتى الخامس عشر من الشهر الحالي بسبب صعوبة المسالك في جنوب السودان، أما النتيجة فقد لا تظهر قبل نهاية الشهر مع العلم بأن مسؤولة كبيرة بجنوب السودان قالت البارحة إن أكثر من 60 في المائة من الناخبين شاركوا بالفعل في الاستفتاء, مما يعني أن نتيجة التصويت سيمكن إقرارها.. ويشار إلى أن هذا الاستفتاء يجرى بموجب اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الشمال والجنوب في عام 2005 والتي أنهت عقودا من الحرب الأهلية بين الجانبين أودت بحياة ما يقدر بمليوني شخص وأجبرت أربعة ملايين على الفرار من ديارهم.