عاد شبح الموت ليخيم، من جديد، على عدد من قرى الأطلس المتوسط بسبب برودة الطقس والثلوج وغياب التجهيزات التحتية ونقص الأطر والأطقم الطبية. وطبقا لمصادر طبية، فقد سجلت، في الأشهر الثلاثة الأخيرة، 7 حالات وفاة في قرية «تارغيست و7 حالات أخرى بقرية «أنفكو» و5 وفيات بقرية «مرزوك» و3 حالات بقرية «تمالوت». وتتبع هذه القرى لميدلت التي تحولت، طبقا للتقسيم الترابي الأخير، إلى عمالة، بعدما كانت تتبع إداريا لإقليم خنيفرة. ولا تتوفر دار الولادة بقرية «أنفكو» إلا على مولدة واحدة. وكانت الوزارة قد أقدمت منذ حوالي سنتين على تعويض الطبيب الوحيد القار بالقرية بطبيب داخلي غير مرسم، يتلقى تعويضاته مقابل التردد على المركز الصحي للقرية. وتضطر الممرضة الوحيدة بالمركز الصحي إلى إغلاق المركز عندما تستدعى للتنقل إلى مكان قريب من أجل الوقوف على حالة مستعجلة، وتعمد إلى إخبار الطبيب الرئيسي ببلدة «تونفيت»، وهي البلدة التي تبعد بحوالي 75 كلم. وفي غياب طبيب بالمركز الصحي بالقرية، فإن إدارة ميدلت «تنصح» المولدة ب»تحويل» النساء اللواتي يتعرضن لمضاعفات أثناء الوضع إلى مستشفيات أخرى. ويعاني مركز القرية من خصاص في الأودية وصفته المصادر بالحاد والمتكرر. وفي حال نقل المريض في هذه المنطقة، المصنفة ضمن أكثر المناطق فقرا في المغرب، على متن سيارة إسعاف عبر المسالك الوعرة إلى مستشفى ميدلت، فإن المريض هو الذي عليه أن يدفع ثمن البنزين. ويعيش هذا المركز الصحي الجماعي أوضاعا «إدارية» مختلة. فقد صدرت في حق المولدة الوحيدة به أربعة قرارات تنقيل في وقت قصير لا يتعدى 20 يوما. وقضى القرار الأول بانتقالها إلى بلدة مريرت في 04 شتنبر 2009، وعندما عمدت إلى التوقيع على استئناف العمل بهذه البلدة، فوجئت برفض الإدارة. أما القرار الجديد فقد توصلت به يوم 08/09/2009 يدعوها إلى العمل بدار الولادة ب«زاوية إسحاق» لكنها فوجئت بعد أسبوع بقرار جديد بتاريخ 14/09/ 2009 يطلب بقاءها بالمستشفى المحلي بدار الولادة بخنيفرة للتدريب لمدة شهر ثم العودة للعمل بدار الولادة ب»ايت اسحاق»، لكنها توصلت بقرار آخر بتاريخ 02/10/2009 أخبرت من خلاله بالعودة إلى المركز الصحي ب»انفكو». وفي ظل هذا «الماراطون» فقدت هذه الممرضة سكنها الوظيفي الذي منح لها بصفتها المولدة الوحيدة بالقرية. ومنح هذا السكن لممرض متعدد الاختصاصات قدم لاحقا إلى القرية. ووضعت مندوبية الصحة رهن إشارتها غرفة سكن بالجماعة قدمت على أنها آيلة للسقوط وتتسرب إليها مياه الأمطار من كل الأنحاء. وفي شهر ماي 2010 شاركت هذه المولدة في الحركة الانتقالية المحلية بخنيفرة وانتقلت إلى «زاوية اسحاق»، إلا أنها لم تتمكن من مغادرة القرية بسبب قرار إداري أخبرها بأن إحدى المولدات الجديدات لم تلتحق بعملها. وتعرضت هذه المولدة، في الآونة الأخيرة، لحادثة أثناء قيامها بتوليد إحدى النساء الحوامل بالمركز الصحي، حيث سقطت على رجلها اليسرى وأكد لها الأطباء بالمستشفى العسكري بمكناس على وجوب إجراء عملية جراحية. وقامت بإرسال شهادتين طبيتين إلى الطبيبة الرئيسة ببلدة «تونفيت» وإلى مندوب الصحة بميدلت مع إشعار بالتسلم، لكن الطبيبة الرئيسة أرسلت لها إشعارا بالعودة إلى العمل.