هاجم كريستوبال مونتيرو، الناطق الرسمي باسم الحزب الشعبي المعارض، وزير الاقتصاد الإسباني، معتبرا أن تدخله لا يفعل شيئا غير الزيادة في درجة الخلط والغموض، مذكرا بأن الحكومة لا يمكنها أن تفي بوعودها المتمثلة في عدم الإضرار بالسياسات الاجتماعية المتبعة. لا شك أن هذا الصيف مختلف بالنسبة إلى السياسيين الإسبان، ليس بسبب كونه جاء ساخنا وتأخر عن موعده، بل لأنهم ضجروا من الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلادهم منذ شهور، وجعلتهم يشعرون بالاختناق، فقد وضعت الأزمة حكومة ثباتيرو في وضعية حرجة إلى درجة أن رئيس الوزراء الإسباني وجد جميع الأحزاب السياسية تعارضه في المقترحات العامة التي تقدم بها من أجل سنة 2009، ووجد سهاما حادة توجه إليه ليس فقط من طرف الحزب الشعبي اليميني المعارض، بل أيضا من لدن الأحزاب القومية الصغيرة التي كانت متحالفة معه في الولاية السابقة، والتي طالبته بتعديل سياسته التي ينهجها من أجل حل الأزمة، وهو ما جعل رجل المونكلوا الأول يعيش لحظات عزلة خلال هذا الأسبوع، وانصبت أهم الانتقادات الموجهة إليه حول تدبير الأزمة الاقتصادية والنظام المالي المتبع، لذلك حذر الناطق الرسمي باسم حزب اليسار الموحد الإسباني رئيس الوزراء الإسباني من مغبة اقتطاع الدعم المالي للمناطق الجهوية. ويعول ثباتيرو كثيرا على قيام المناطق الجهوية ببعض الإجراءات العاجلة من أجل التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، مثل مراجعة مواثيق المونكلوا التي صودق عليها عام 1977. ودعا جوسو أوركوريكا، الناطق الرسمي باسم الحزب القومي الباسكي رئيس الوزراء الإسباني إلى ضرورة العمل من أجل الوصول إلى اتفاق مبدئي بين مختلف القوى البرلمانية حول طريقة معالجة الأزمة الاقتصادية، واتفقا على أن الأزمة الحالية التي يتخبط فيها الاقتصاد الإسباني تحتاج إلى توافقات سياسية والعمل بين مختلف المكونات بروح المسؤولية. وفي هذا السياق، اعترف وزير الاقتصاد بيدرو سولبيس بحدة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، لكنه دعا إلى التفاؤل بعدما تدخل أمام لجنة الاقتصاد والمالية في البرلمان قصد إعطاء تفسيرات حول الوضعية الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، وكشف أن الاقتصاد الإسباني سيسجل عجزا خلال العام الجاري، بيد أن العد التنازلي لهذه الأزمة سيكون العام المقبل، معترفا بأن النمو الاقتصادي سيبلغ خلال عام 2008 نسبة 1.6 في المائة، في الوقت الذي لن يتجاوز فيه 1 في المائة خلال سنة 2009. وبذل سولبيس مجهودا من أجل طمأنة البرلمانيين بكون الإجراءات التي تتخذها الحكومة من أجل التخفيف من نجاعتها ستعطي أكلها في القريب العاجل، لذلك فإن الحكومة متحلية ب«الصراحة» و«الثقة» في معالجة الأزمة، مشددا على أنه لا وجود لحلول سحرية، ونفى سولبيس أن يكون هناك تدخل من طرف الحكومة من أجل مساعدة بعض الشركات التي تعيش وضعية مالية صعبة مثل مارتينسا فاديسا، التي يوجد فرع لها في المغرب، موضحا أن عدم تدخل الدولة يعد تدبيرا مسؤولا من جانبها، فالمساهمون في الشركة هم الذين استفادوا من أرباحها خلال السنوات الماضية، وبالتالي فإنهم المسؤولون عن تدبير الأزمة التي تتخبط فيها في الوقت الراهن. وهاجم كريستوبال مونتيرو، الناطق الرسمي باسم الحزب الشعبي المعارض في اللجنة، وزير الاقتصاد الإسباني، معتبرا أن تدخله لا يفعل شيئا غير الزيادة في درجة الخلط والغموض، مذكرا بأن الحكومة لا يمكنها أن تفي بوعودها المتمثلة في عدم الإضرار بالسياسات الاجتماعية المتبعة. سايس خائف من القاعدة فجر ألبيرتو سايس، المدير العام للاستخبارات الإسبانية، قنبلة مدوية عندما اعترف بأن تفجيرات 11 مارس 2004 نفذتها خلايا مستقلة عن تنظيم القاعدة كان لها ارتباط فكري وإيديولوجي بها، وهي أول مرة تصدر فيها عن مسؤول إسباني تصريحات بهذا الشكل تنفي ضلوعا مباشرا لتنظيم القاعدة في تفجيرات قطارات الضواحي، أو حتى الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة التي كان يشار إليها بالبنان طيلة شهور في التحقيقات التي بوشرت بعد الحادث أو المقالات الصحافية التي صدرت في كبريات الصحف الإسبانية. ولم يخف سايس قلقه الشديد من استمرار اعتبار إسبانيا هدفا لخلايا تنظيم القاعدة، وخصوصا تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وهو ما يمثل تهديدا أخطر بكثير من ذلك الذي كانت تواجهه البلاد سنة 2004. وأوضح الرجل الأول في الاستخبارات الإسبانية، في مداخلة له على هامش ندوة في أرانخويس بضواحي العاصمة مدريد على هامش أنشطة أكاديمية لجامعة خوان كارلوس حول الصحافة والاستخبارات بعد تفجيرات 11 مارس 2004، أنه في بلاده تنشط جميع الحركات الإرهابية الموجودة في أوروبا، كما أنها صارت دولة مستهدفة من طرف هذه التنظيمات، مشددا على أن جزءا مهما منها مرتبط بتنظيم فرع القاعدة في شمال المغرب العربي والمنتشر في منطقة الصحراء الكبرى، موضحا أن قوات الأمن الإسبانية باتت تمتلك خبرة في التعامل مع هذه التنظيمات، كما أنها استطاعت أن تُفشل الكثير من العمليات الإرهابية التي استهدفت إسبانيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكانت مرتبطة مباشرة بتنظيم القاعدة. ومن ضمن الأمثلة الواضحة والميدانية بشأن هذا الاستعداد ارتفاع نسبة المعتقلين خلال الأربع سنوات الأخيرة بتهمة الإرهاب في صفوف الجاليات العربية والإسلامية، حيث تجاوز الرقم 300 معظمهم من البلدان المغاربية. وذهب سايس إلى أن إسبانيا توجد في وضع يسمح لها بمواجهة التهديدات الإرهابية مقارنة بسنة 2004، فقد اتجهت إلى تكوين عدة أطر من أجل فهم ظاهرة الإسلام المتطرف والتعاون مع استخبارات عدة دول راكمت تجارب في هذا المجال، موضحا أن الاستخبارات الإسبانية تتوفر في الوقت الراهن على ثلاثة آلاف فرد بعدما كانت تتوفر علي ألفين منذ أربع سنوات، وارتفعت نسبة الميزانية ب60 في المائة خلال الأربع سنوات الأخيرة. الاقتصاد وسبتة ومليلية مع التطورات المتسارعة التي بات يعرفها ملف سبتة ومليلية، بات من حق لاعب كرة السلة القديم ووزير الاقتصاد والمالية المغربي صلاح الدين مزوار التدخل في ملف سبتة ومليلية، بحكم أنه صار ملفا اقتصاديا أيضا، فمزوار كان متفائلا جدا عندما حدد حل ملف سبتة ومليلية في أفق عشر سنوات أو عشرين سنة، وأخبر الإسبان خلال زيارته لمدريد يوم الاثنين الماضي بأنه يتفهم حساسية هذا الملف بالنسبة إلى المغاربة والإسبان، وقال موضحا أمام المقاولين الإسبان الذين قاسموه وجبة الفطور: «المغرب لا يمتلك أية خطة من أجل ممارسة الضغط على الإسبان في هذا الشأن، مثلما أنه لن يدخل في صراع مع إسبانيا بسبب هذا الملف، فالروح الإيجابية هي التي ستغلب في النهاية». لكن مزوار سيعود للتأكيد على تشبث بلاده بمغربية المدينتين، مضيفا أن «إسبانيا هي بلد صديق، نريد أن نؤسس معه المستقبل»، معلقا أن «المستقبل بين البلدين سيكون بدون حدود فاصلة، لأن المستقبل يمر عبر الاندماج في المحيط الأورومتوسطي، مما سيوجد سياقا مختلفا عن ذاك الذي نعيش فيه اليوم وسيسهل معه إيجاد حل لمثل هذا النوع من المشاكل، فالوقت وحده كفيل بحل هذه المشكلة». وبدأ هذا المشكل يطرح نفسه بالنسبة إلى رجال الأعمال الإسبان، أولا بسبب المشاكل السياسية التي يثيرها بين الفينة والأخرى بين البلدين، إضافة إلى ارتفاع أصوات رجال الأعمال في مدينة سبتة ومليلية الذين يخشون انهيار اقتصاد المدينتين بعد اندثار التهريب برفع الحواجز الجمركية في أفق سنة 2012. حشيش للجميع مع اشتداد حرارة فصل الصيف، تفوح العلاقات بين الرباطومدريد برائحة الحشيش، فهذه المادة السحرية التي تعبر مضيق جبل طارق منذ عقود، تمثل عامل استقرار بين البلدين، فمن جهة، هي تحسن صورة المغرب لدى الشباب الإسباني الذي يثني على جودة الحشيش المغربي، فالضفة الجنوبية لا تصدر فقط جثث المهاجرين السريين، بل أيضا هي مصدر للمتعة، فحسب منطق هؤلاء، فإسبانيا كانت ستكون أقل سعادة بدون الحشيش المغربي، مثلما أن محاربة تجارة الحشيش وتطوير وسائل العمل بين سلطات الرباطومدريد أسفرا عن إنشاء مخافر مشتركة في طنجة والجزيرة الخضراء، وهو التقارب الذي ساهم الحشيش في صناعته، لذلك فهذا منتوج كله «بركة»، ولا يمضي أسبوع في فصل الصيف دون أن يعلن عن ضبط كميات من الحشيش المغربي العابر للقارات. وكانت أكبر ضربة وجهتها الشرطة الإسبانية إلى مافيا الاتجار في المخدرات هو ضبطها خلال هذا الأسبوع ل25 طنا من الحشيش بين مدينة قاديس وميناء الجزيرة الخضراء، لكن أكبر كمية في إطار هذه العملية هي تلك التي ضبطت في شاحنة بميناء الجزيرة الخضراء، كانت قادمة من مدينة طنجة، بعدما تلقى الحرس المدني الإسباني إخبارية بأن شاحنة محملة بالحشيش موجودة في إحدى البواخر القادمة من مدينة البوغاز، وتعود ملكية الشاحنة إلى شركة مغربية مختصة في النقل بين المغرب وفرنسا، وبلغت قيمة الحشيش الذي تم ضبطه مليون أورو. وضبطت شاحنة أخرى من طرف السلطات الإسبانية في سانليكار دي باراميدا، إذ حجزت 4200 كيلوغرام من المخدرات، وحجزت كمية من الأموال بلغت 1.2 مليون أورو، وقاربين لنقل الحشيش من الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، وكانت توزع المخدرات عبر نهر الوادي الكبير في إشبيلية بعد إدخاله من شمال لمغرب الذي تحول إلى أشبه بمزرعة إسبانيا الخلفية لإنتاج الحشيش.