للمرة الثانية على التوالي يعلن الملك محمد السادس، في خطاب أمس بمناسبة الذكرى التاسعة لجلوسه على العرش، نيته إصلاح القضاء، حيث سبق له أن أعلن عن ذلك في خطاب العرش للسنة الماضية. وقال محمد السادس بهذا الخصوص: «إن النهج القويم للإصلاح يرتكز على ترسيخ ثقة المواطن في سيادة القانون والأمن القضائي لذا نجدد التأكيد على جعل إصلاح القضاء وصيانة استقلاله وتخليقه في صدارة أوراشنا الإصلاحية». هذا، وطغى على خطاب العرش لهذه السنة الجانب الاقتصادي، حيث افتتح الملك خطابه إلى شعبه بالحديث عن الأزمة الاقتصادية العالمية، وعن ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية وقال: «إن المغرب وبفضل نجاعة الأوراش المفتوحة والتي بدأت تعطي نتائجها، لم يتأثر بهذه الأزمة». ولم يفت الملك محمد السادس توجيه شكر خاص إلى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وأمير دولة الإمارات العربية المتحدة الأمير خليفة بن زايد آل نهيان، على مساعدتهما المالية للمغرب (500 مليون دولار أعطتها السعودية للمغرب و300 مليون دولار جاءت من الإمارات) لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة في السوق العالمية. ما ميز خطاب هذه السنة، هو حديث الملك لأول مرة عن عزمه على توسيع الطبقة الوسطى بالمغرب حيث قال: «إن الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى لتشكل القاعدة العريضة للاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع». واعتبر هذه الطبقة هي عماد التوازن في المجتمع، والطريق إلى الانفتاح ومناهضة الانغلاق والتهميش في البلاد. كما رجع الخطاب الملكي إلى أولويات سابقة كان الملك قد اعتبرها توجيهات استراتيجية، وهي إصلاح التعليم ورد الاعتبار إلى المدرسة العمومية، ثم الاهتمام بالفلاحة واقتصاد الماء، ثم البحث عن مصادر جديدة للطاقة. في ما يتعلق بالجانب السياسي الذي لم يأخذ مساحة كبيرة في الخطاب وجاء في الفقرات الأخيرة من كلمة الجالس على العرش، فقال الملك إنه مستمر في مسار التأهيل السياسي والديمقراطي، وإنه حريص على شفافية ونزاهة الانتخابات وأنه سيعين الحكومات بناء على نتائج الاقتراع، وإنه سيبقى ملكا لجميع المغاربة، في إشارة ربما إلى ما راج حول علاقة فؤاد عالي الهمة ومشاريعه السياسية بالصداقة التي تربطه بالملك وقال: «سأظل شعبي العزيز كما عهدتني ملكا لجميع المغاربة على اختلاف مكوناتهم ورمزا لوحدة الأمة فملكيتنا المواطنة تاج فوق رؤوس كل المغاربة»... وفي الختام، أعلن الملك عزمه على تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودعا المواطنين إلى نبذ نزوعات التيئيس والعدمية وإلى التفاؤل بالمستقبل. خطاب هذه السنة تأخر عن موعد بثه غير المباشر حوالي ساعة ونصف، حيث كان بلاغ وزارة القصور الملكية والأوسمة قد أعلن أن خطاب العرش سيبث على الساعة ال12 زوالا، لكن تغييرات في برتوكول الاحتفالات أجلت الخطاب ساعة ونصف عن موعده السابق. هذا، وكان لافتا توشيح الملك محمد السادس لكل من الوزير الأول السابق إدريس جطو، ووزير الخارجية السابق محمد بن عيسى بوسام العرش، في ما اعتبر تداركا لعدم توديعهما بعد انتهاء مهامهما في الحكومة، كما فعل مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي... لقطات من حفل استقبال ضيوف عيد العرش > قرأ بعض المتتبعين توشيح الملك محمد السادس لادريس الضحاك بوسام العرش العلوي، بأنه إشارة إلى قرب إقالة الضحاك من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء الذي ظل يشغله لمدة طويلة، خاصة بعد حديث الملك المتكرر عن إصلاح القضاء. > فوجئ عدد من المتتبعين باستقبال الملك لمدير القناة الاسرائيلية الثانية الذي وشحه الملك بوسام دون معرفة أسباب هذا التوشيح ولا مغازيه. > وصف الملك استمرار إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر بكونه عقابا جماعيا في حق الأجيال وفي حق الاندماج الاقتصادي المغاربي. > سأظل ملكا لجميع المغاربة.. جملة قالها الملك في نهاية خطابه وفهم منها أنها جواب على الذين يربطون بين صداقة الملك لفؤاد عالي الهمة والمشاريع السياسية لهذا الأخير المتهمة بكونها تستفيد من هذه العلاقة. > وشح الملك ادريس جطو الوزير الأول السابق بالحمالة الكبرى من وسام العرش وهي إشارة إلى تدارك عدم توديع الملك لوزيره الأول السابق بعد نهاية عمله أواخر السنة الماضية كما فعل مع عبد الرحمان اليوسفي. > أعلن الملك عزمه على تعميق الديمقراطية وانتظام الانتخابات وشفافيتها وتشكيل الحكومات المقبلة على أساس نتائج الاقتراع، وهذا يعني نهاية عهد التيقنوقراط في الوزارة الأولى.