في واقعة هي الأولى من نوعها في تركيا، بدأت أمس الخميس في إسطنبول محاكمة 196 من الضباط الأتراك السابقين والحاليين بتهم التخطيط للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكمة في تركيا. وقد فجر المجلس الأعلى للقضاء والادعاء العام مفاجأة في اللحظات الأخيرة قبل بدء تلك المحاكمة عندما أقال كبير قضاتها. واستبعد القاضي ظفر باشكورت، الذي كان ينظر في قضية ما يزعم أنها مؤامرة انقلابية عرفت باسم «المطرقة» قبل أقل من 48 ساعة من بدء المحاكمة. وعلل وزير العدل سعد الله أرجين هذا الاستبعاد بأنه تم بإجماع آراء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إنه على الرغم من تبريرات وزير العدل فإن استبعاد القاضي من القضية قبيل انطلاق أولى جلساتها أثار الكثير من التساؤلات. ويطالب الادعاء العام بسجن المتهمين بأحكام من 15 إلى 20 عاما بتهمة «محاولة الإطاحة بالحكومة واستخدام القوة والعنف لمنعها من تأدية مهامها». ومن أبرز المتهمين قائدان سابقان للجيش التركي الأول وقائدان متقاعدان للقوات البحرية والجوية، فضلا عن عقيد حالي. وكانت التحقيقات في القضية قد بدأت قبل عام تقريبا إثر أنباء وتحقيقات نشرت حولها في الصحف التركية. وتعود تفاصيل القضية إلى عام 2003، أي العام الذي تلا وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. وتتهم الحكومة مجموعة العسكريين بالوقوف وراء عدد من التحركات لزعزعة الاستقرار ابتداء من الاعتداءات على المساجد إلى تحطم طائرة مقاتلة تركية خلال اشتباك مع الطيران اليوناني لتوفير أجواء الفوضى المواتية للانقلاب. ومن أبرز المتهمين الجنرال السابق جيتين دوجان، الذي كان يتولى آنذاك قيادة الجيش الأول المتمركز في إسطنبول، وهو متهم بأنه العقل المدبر لما عرف ب«عملية المطرقة». وينفي الجنرال دوجان هذه الاتهامات، مؤكدا أن الوثائق التي تسلمها القضاء صدرت عن ندوة عقدت في مارس 2003 ناقشت عددا من الخطط والسيناريوهات الافتراضية. ويقول إن الخطة المذكورة لم تكن سوى واحدة من بين خطط أخرى، تصف وضعا متخيلا يسوده التوتر لتقويم أفضل الوسائل للتحرك في أزمة مماثلة. وتردد أن مخطط «المطرقة» كان يتضمن نسف مسجدين كبيرين في إسطنبول، وهجوما على متحف عسكري ينفذه أشخاص يتنكرون في أزياء تشير إلى أنهم من الأصوليين الإسلاميين وإثارة توترات عسكرية مع اليونان. وكان الهدف من وراء هذه الأحداث إلقاء البلاد في أتون من الفوضى تسمح للجيش بإعلان حالة الطوارئ في البلاد والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية (ايه كيه) الذي يرأسه. ويعد اعتقال الأشخاص، الذين يشتبه في تورطهم بعد كشف مخطط الانقلاب، هو الأول من نوعه في تاريخ تركيا، من حيث المناصب والرتب العسكرية للضباط، الذين كانوا يعتبرون فيما سبق أشخاصا «لا يمكن المساس بهم». وقد أطلق سراح كل المشتبه بهم بعد ذلك إلى حين حلول موعد المحاكمة. غير أن وزارتي الداخلية والدفاع التركيتين لجأتا إلى قانون لم يستخدم منذ عقود، لتسريح ضابطين برتبة جنرال وأدميرال بحري من منصبيهما، للاشتباه في ضلوعهما في المخطط في خطوة اعتبرت تأكيدا قويا لسلطة الحكومة على الجيش. وتعتبر هذه القضية هي الحلقة الأحدث في مسلسل المؤامرات التي تم الكشف عنها وأعدتها المؤسسة العسكرية وأوساط من المعارضة ضد الحكومة التركية الحالية.