تأجلت جلسة أخرى عُقدت زوال يوم أول أمس الأربعاء في المحكمة الابتدائية، للنظر في ملف ما أصبح يعرف ب«شبكة الدعارة الراقية في فاس» إلى يوم 3 يناير القادم، بسبب عدم حضور الشاهدة الرئيسية التي قبلت المحكمة بملتمس استدعائها لتقديم توضيحات حول ملابسات بداية تفجر الملف. وقالت خديجة الحجوبي، رئيسة جمعية «قافلة النور للتنمية الاجتماعية»، في اتصال ل«المساء» بها، إنها لم تتوصل باستدعاء من قِبَل المحكمة لحضور الجلسة، فيما قرر المتهم «أحمد س.» وهو وسيط عقاري تم اعتقاله رفقة المتهمة «ليلى م.» على خلفية هذا الملف، الإضراب عن الكلام أمام المحكمة، إلى حين مثول الفاعلة الجمعوية التي قادت إلى تفجر هذه القضية أمام المحكمة. وكانت «سلمى أ.» ابنة المتهمة الرئيسية في الملف والتي حاولت الانتحار في جناح النساء في السجن المحلي «عين قادوس»، قد أشارت في تصريحاتها أمام الشرطة القضائية إلى أن الأمر يتعلق بشبكة للدعارة الراقية تنشط في فيلا العائلة في «حي بدر» الراقي في المدينة، وحضر سهراتِها بعض المسؤولين الإداريين والأمنيين، وتم تصوير بعض مَشاهد هذه السهرات في أشرطة وصور وأقراص مدمجة. وقد تراجعت «سلمى أ.» لاحقا عن تصريحاتها، موردة أنها كانت في حالة غير عادية أثناء مرافقتها إلى المحكمة من قبل الجمعوية خديجة الحجوبي، والتي تؤكد أنها استمعت لها كفاعلة تترأس مركز استماع، قبل أن تقرر إحالتها على خلية للعنف في المحكمة الابتدائية للاستماع إليها. وربط المتهم «أحمد س.»، في رسالة توصلت «المساء» بنسخة منها، بين هذا الملف وبين ما أسماه «الحسد» ونفى أن يكون قد أدين في ملف قضائي سابق بتهمة الاتجار في المخدرات الصلبة، موردا أن التهمة التي وجهت له، والتي قضى بسببها سنة سجنا نافذة، تتعلق باستهلاك المخدرات. وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت المتهمين الرئيسيين في الملف (أحمد س. وليلى م.) وقضت المحكمة في حق المتهمة بالبراءة، بعدما أمضت حوالي 25 يوما رهن الاعتقال الاحتياطي، في حين قضت بإدانة المتهم بسنة سجنا نافذة. وتنفي الشاهدة الرئيسية في الملف «خديجة ح.» وجود أي علاقة بينها وبين هذا المتهم، مسجلة في تصريحاتها ل«المساء» أن المتهمة «ليلى م.» والتي أسست بدورها جمعية سمتها جمعية «آفاق للتربية الاجتماعية والثقافية» قدمته لها، في السابق، على أنه ابن أختها، لكنها قررت الابتعاد عنهما عندما اكتشفت، في زيارة جمعوية للسجن، أنه قد سبق اعتقالهما في ملف مخدرات. فيما يؤكد المتهم «أحمد س.» في رسالته أنه مكن المحامي الذي ينوب عنه في الملف من قرص مدمج يؤكد وجود علاقة بينه وبين هذه الفاعلة الجمعوية، ويطالب، طبقا لمصدر مقرب منه، بإجراء مواجهة بينه وبين الجمعوية التي ساهمت في تفجير هذا الملف في ال23 أكتوبر الماضي. وكانت «سلمى أ.» البالغة من العمر حوالي 20 سنة، قد أوردت في تصريحاتها المدونة في محاضر الشرطة أن هذا المتهم بنسج علاقات جنسية غير شرعية مع والدتها قد قام باغتصابها رفقة أختين لها، وأنه قد سجل أشرطة ومَشاهد خليعة لسهرات ماجنة في فيلا العائلة. لكنها تراجعت بعد ذلك عن هذه الأقوال، وقام دفاع والدتها المتهمة بتضمين شهادتين طبيتين في الملف تشيران إلى أن بكارتا البنتين سليمتان. وقامت السلطات الأمنية بالحجز على حاسوب وأقراص مدمجة وهواتف نقالة في ملكية المتهم «أحمد س.» وأشارت نتائج التحاليل المخبرية إلى أنها لم تتضمن ما يؤكد اتهامات الفتاة «سلمى». وتورد الفاعلة الجمعوية خديجة الحجوبي أنها لم تقم إلا بما يمليه عليها ضميرها وواجبها كرئيسة لمركزين للاستماع، فيما يقول المتهم بنسج علاقات جنسية غير شرعية مع المتهمة «ليلى م.»، في رسالته، إن هذه الجمعوية تريد أن تمزق وتشتت أسرة بكاملها، مضيفا أن «له نية جمع شتات هذه الأسرة»، التي سيبقى «وفيا لها»، حسب التعبير الذي جاء في هذه الرسالة. وتنفي الفاعلة الجمعوية خديجة الحجوبي وجود أي خلافات سابقة بينها وبين المتهمة في الملف وتعتبر أنها قررت الابتعاد عن المتهمة بعدما اكتشفت ملفها السابق في مجال المخدرات، في حين يسجل المتهم في رسالته أن الخلاف بين الجمعويتين له علاقة بمبلغ مالي حصلت عليه جمعية المتهمة من البرنامج التلفزيوني «نسولو النجوم»، والذي وصلت قيمته إلى 117.500 درهم. وفي خضم «المستجدات» التي يحبل بها هذا الملف، قرر حوالي 50 فاعلا جمعويا في المدينة التوقيع على «عريضة تضامنية» مع رئيسة جمعية «آفاق للتربية الاجتماعية والثقافية»، المتهمة الرئيسية في الملف، يتهمون فيها الشرطة القضائية بتلفيق التُّهم لها أثناء التحقيق معها، بغرض «النيل من شرفها» و«ثنيها عن الأعمال الخيرية» التي كانت تقوم بها، ويصفون إثارة هذا الملف ب«مؤامرة دنيئة» تتعرض لها هذه الفاعلة الجمعوية التي يقولون إنها «متفانية» في «مساعدة الضعفاء». وكانت هذه الجمعوية المعتقَلة قد حاولت مساء يوم الجمعة 3 دجنبر الجاري الانتحار داخل جناح النساء في السجن المحلي «عين قادوس». وتزامنت هذه المحاولة مع استعانة زوجها بحراس خاصين من أجل «إغلاق» فيلا العائلة التي قُدِّمت في تصريحات على أنها كانت تحتضن سهرات ماجنة. وبرر الزوج قراره، طبقا لمصادر متتبعة، برغبته في التخلي عن هذه الفيلا التي شوهت صورة عائلته، وهو المنعش العقاري الذي يتوفر على عدد كبير من الممتلكات والمشاريع في كل من فاس ومكناس والدار البيضاء والقنيطرة، وقام بتنقيل أبنائه (ثلاث بنات وطفل) إلى بيت أحد المقربين من الأسرة. ومن المرتقَب أن يعرف ملف هذه «الشبكة» تطورات أخرى جديدة في الجلسة المقبلة. فقد سبق للجمعوية خديجة الحجوبي أن أكدت، في اتصال سابق، أنها إنها ستدلي، أثناء مثولها كشاهدة أمام المحكمة، بكل المعلومات التي توفرت لديها حول الملف منذ بدايته، فيما عبَّر المتهم عن تمسكه بإجراء مواجهة بينهما.