هيئة من هيئات الفاتيكان، التي تعنى بوضع المسيحيين في الشرق الأوسط، دعت إسرائيل إلى الانسحاب من المناطق المحتلة. وندد أعضاء هذه الهيئة بإسرائيل على استخدامها للتوراة كي تبرر مفهوم «الشعب المختار». قيادة الطائفة اليهودية في إيطاليا انفعلت واحتجت. فالدعوة تثير الغضب ليس بسبب طلب الانسحاب، الطلب الذي يتأثر بضائقة الكنائس المسيحية في الدول الإسلامية، بل بسبب التهمة السامة، العتيقة عتق الزمان، بشأن غرور اليهود. ماذا يعني «الشعب المختار»؟ كثيرة هي التفسيرات التي أعطاها لذلك حكماؤنا، وفي معظمها يبدو واضحا الجهد لشرح أنه، منذ البداية، لم يكن اليهود مختلفين عن الشعوب الأخرى، بل إننا أخذنا على عاتقنا مهمة أعفي الآخرون منها. وببساطة العبارة الرائعة، يتلخص هذا الأمر: «الفرائض لم تعط للتمتع بل كعبء على رقابكم». جميل، غير أن التطوع في وحدة سييرت الخاصة لا يحصن المتطوعين من الغرور. عيزر وايزمن اخترع شعار «الأخيار إلى الطيران»، وربى أجيالا من المقاتلين الشجعان، بنظاراتهم الخاصة وغرورهم. وفي واقع الأمر، فإننا لم نتطوع على الإطلاق لأن نخدم في وحدة الرب الخاصة بل إن الرب، بعد أن أجرى عرضا رائعا على سفح الجبل، فرض علينا التوراة. أفليس من حقنا أن نتفاخر؟ يحتمل ألا تكون هناك حاجة إلى أن نشغل بال يهود فهيمين من أبناء عصرنا بهذه المسألة ممن لا ينتمون إلى الطوائف الأصولية. فالاستطلاعات تدل، المرة تلو الأخرى، على أن أولئك واثقون بأنه، بطبيعة خلقهم، يفوق اليهودُ الآخرين. نبرات كهذه أجدها حتى لدى حاخامين أرثوذكسيين من التيار الحديث. فمثلا، الحاخام غرينبرغ من مدرسة «كيرم ديفنا» للكيبوتس الديني، يشرح لتلاميذه أنه «واضح أنه لو كان أبناء عسوَ أو إسماعيل مستعدين لتلقي التوراة، ما كان ليعطيهم إياها، بالضبط مثلما أنه لو أن أبناء إسرائيل رفضوا لأعطاهم إياها رغم أنفهم... وقصد الحكيم أن يقول إن التوراة لا تناسب أمم العالم كون طبيعتهم الروحانية لا تتناسب والتوراة التي تأمر بألا تقتل وألا تسرق. بالمقابل، فإن الطبيعة النفسية لشعب إسرائيل تتناسب والتوراة. ولهذا فإن فيهم ضرورة داخلية لقبولها. وهذه الضرورة الداخلية ليست إكراها، بل اكتشافا للجوهر الإسرائيلي وهي الرغبة الداخلية لإسرائيل»، بمعنى أنه في «طبيعتهم الداخلية» لمن خرجوا من مصر كان شيئا مميزا تماما أهّلهم، هم وحدهم، لتلقي المهمة. ولكن لندعهم ولنعُدْ إلى الفهيمين. وبالفعل، اليهود الفهيمون من أبناء عصرنا يعرفون أننا لا نفوق في أخلاقياتنا على الأغيار السليمين ولسنا أقل منهم، وأن الخير الذي فينا لم نتلقَّه من يد الرب حصرا. ولكن ليس هكذا نحن نعلم أبناءنا. فها قد حضرت يوم الجمعة احتفال منح كتاب التوراة لأطفال الصف الثاني في مدرسة متفوقة في تل أبيب. الاحتفال كان جميلا جدا. وتصرفت ككل الأهالي من آباء وأجداد وتابعت حفيدتي التي شعت عيناها بالسعادة. وعندها، تلا أحد الآباء قولا شهيرا لأحد الحكماء. الرب في السماء يطرق كالبائع المتجول بوابات الشعوب في محاولة لمنحهم التوراة. الحمر، من أمثال عسوَ، يردونه لأن التوراة لا تستوي مع عادتهم في القتل. الإسماعيليون، العرب، يردونه لأنهم سراقون والتوراة تحظر السرقة. واليهود وحدهم تبنوا التوراة. هنا، بصوت عال، هتف الأطفال «آمين». فحصت فوجدت أن هذه القصة تروى في مدارس عديدة. أفترض أننا كنا سنغضب جدا لو أننا اكتشفنا أن جهاز التعليم في دولة أوربية ما يعلّم أن اليهود، عموم اليهود، مجرمون. كنا سنقول إن انتشار الظاهرة يبرر الادعاء بأن هذه سياسة وليست مجرد خلل محلي. وعليه، ما هو الخطأ في وثيقة مجلس الأساقفة؟ عن «يديعوت»