بعد أيام من تطبيق مدونة السير الجديدة، دخلت شرطة المرور في جدل دائم ومستمر مع السائقين بسبب ضعف أو انعدام علامات التشوير بالعديد من أزقة وشوارع المملكة، وارتفعت أصوات المعاناة من أفواه مجموعة من عناصر الأمن الوطني والدرك الملكي وأفراد أسرهم الذين أصبحوا يواجهون غضبهم اليومي، مباشرة بعد عودتهم من دورياتهم. وإذا كانت الأيام الأولى من تطبيق مدونة غلاب عرفت ليونة في التعامل مع السائقين المتجاوزين لبعض قوانين السير الخفيفة، بناء على توصيات موجهة من الأعلى، فإنها لم تسلم من عامل الارتباك، ليس فقط على مستوى التعامل مع السائقين والراجلين، ولكن بسبب عدم إلمام مجموعة من عناصر شرطة ودرك المرور بالمحاضر التي يتطلب إنجازها في حالة كل مخالفة، وعدم معرفة آخرين بنوعية المخالفة الخاصة بكل تجاوز. لكن أبرز ما خلف غضب وتعب عناصر شرطة المرور، وخصوصا بالمدن والحواضر في إطار محاولاتهم الجادة تطبيق قانون السير الجديد، ضعف وسائل العمل لدى شرطة المرور، وغياب علامات التشوير في العديد من شوارع وأزقة المدن، والأعطاب المتكررة التي تلحق بالإشارات الضوئية. فعلى صعيد ولاية الدارالبيضاء الكبرى، حيث تعرف شوارها وأزقتها السير المكثف، لا تلبث أن تجد إشارات ضوئية دائمة العطب، أو غياب علامات قف أو ممنوع الوقوف أو... أو تجد علامات تشوير باهتة أو تغطيها الأشجار أو الاحتلالات العمومية لبعض أصحاب المحلات التجارية والخدماتية، كما تغيب في معظم شوارعها علامات التشوير الأرضي لممرات الراجلين. ضعف أو انعدام علامات التشوير يجعل عناصر شرطة المرور غير قادرين على التدخل من أجل فرض احترام قانون السير، وبعضهم يقضي فترة ديمومته في جدال مستمر مع السائقين المرتكبين لمخالفات (حرقوا الضوء الأحمر) أو (وقفوا في الممنوع)، بشوارع إشاراتها الضوئية معطلة وعلامات الوقوف أو علامات (ليست لهم حق الأسبقية لولوج مدار) غير مرئية، أو غير موجودة أصلا. مصادر مختلفة كشفت ل «المساء» معاناة شرطة المرور من أجل المناداة على شاحنات الجر (الديبناج) من أجل جر شاحنة أو سيارة أوقفها أصحابها في الممنوع وعرقلت السير، موضحين أنه لو توفرت شاحنات الجر لمصالح الأمن الوطني أو خصصت لهم من طرف مديريات التجهيز والنقل أو بلديات ومجالس المدن لتيسر لهم العمل بها. وأضافت مصادرنا أن أصحاب شركات الجر الذين يتناوبون يوميا على العمل في جر السيارات والشاحنات المحجوزة إلى المحجز (الفوريان) يتماطلون في عملهم وبعضهم لا يتوفر على كل أصناف الجر، وخصوصا جر الشاحنات الكبيرة والتي غالبا ما تكون محملة بأطنان من المواد، كما أن بعض شاحناتهم متهالكة وغير صالحة للاستعمال. هذا دون الحديث عن بعض سائقيها الذين يتصرفون في بعض المدن كما لو أنهم من شرطة المرور. كما طالب بعض شرطة المرور بضرورة توفير (الصابو) لحجز بعض السيارات التي تكون واقفة في مكان غير مسموح به ولا تعرقل السير، عوض نقلها إلى المحجز. موضحين أن العملية في صالح مصالح الأمن والسائق، الذي ما إن يعود إلى سيارته حتى يكتشف أنه ارتكب مخالفة يؤدي قيمتها لشرطي المرور الذي يكون بالجوار، أو تترك له رسالة تحمل هاتف الشرطي المداوم. كما انتقد بعضهم عمل وأداء لجن السير والجولان داخل مجالس بلديات المدن، والتي لا تسعى إلى تقنين علامات التشوير وضبطها وفق عرضها ومستوى الأزقة والشوارع، آخذين بعين الاعتبار مستوى الرواج بها، وطبيعة المحلات والمساكن الموجودة على طولها.