تدخل مدونة السير الجديدة حيز التطبيق، في منتصف ليل اليوم الجمعة، بعد الجدل الواسع، الذي صاحبها، منذ طرحها إلى غاية المصادقة عليها في البرلمان..من أهداف مدونة السير الجديدة الحد من حوادث السير المميتة (مشواري) وما تخلل ذلك من إضرابات، خاضتها نقابات مهنيي قطاع النقل، انتهت بتعديل بعض بنودها، خاصة تلك السالبة لحرية السائق في حال القتل غير المتعمد، والتخفيض من الغرامات المالية في المخالفات من مختلف الدرجات. وتشهد شوارع المدن الكبير، مثل الدارالبيضاء، والرباط، ومراكش، منذ بداية الأسبوع الماضي، تعزيزات أمنية مكثفة، استعدادا لتطبيق مدونة السير، وتسعى الأجهزة الأمنية، حسب تصريحات متفرقة لشرطة المرور، إلى أن يمر اليوم الأول من بداية العمل بالمدونة "على أحسن ما يرام". ويسود تخوف كبير وسط السائقين غير المهنيين بخصوص التعامل مع المدونة، سيما أن أغلبهم، حسب استطلاع للرأي أجرته "المغربية"، يجهلون الشيء الكثير عن بنودها، وكل ما يروج بين المواطنين، في المقاهي، والبيوت، يبقى مجرد "إشاعات واجتهادات"، غالبا ما تكون مغلوطة، أو مُحرفة، وفق رؤية قائلها، ووفق موقفه الخاص من المدونة، التي أشرف على بلورتها وزير النقل والتجهيز، كريم غلاب. وعبر عن المخاوف نفسها سائقون محترفون في سباق السيارات، وقالت سعيدة إبراهيمي، مديرة "رالي البحيرات"، الذي يتزامن انطلاقه، يوم فاتح أكتوبر، مع دخول المدونة حيز التطبيق، إن "المدونة شيء إيجابي بالنسبة للمغرب، في ظل تزايد عدد حوادث السير ببلدنا"، لكنها حبذت لو أن الحكومة فكرت في تطبيقها بطريقة تدريجية، تأخذ بعين الاعتبار وجود مجموعة من الطرقات في حالة سيئة، تنعدم في أغلبها علامات التشوير والإشارات الضوئية، موضحة أن السائق المغربي ينقصه التكوين، ولن يتكيف بسرعة مع بنود المدونة، سيما في ما يخض خصم النقط. ويتداول عامة الناس، بخصوص هذه العقوبة الجديدة، أنهم سيضيعون، لا محالة، الثلاثين نقطة، التي يتوفرون عليها في رخصة السياقة، في غضون شهر، أو شهرين. ويتفاوت تخوف المواطنين من بنود المدونة الجديدة من مدينة إلى أخرى، ففي الدارالبيضاء والرباط، يواجه السائقون اختناق حركة السير، بسبب أشغال الترامواي، وقلة مواقف السيارات، وكثرة الرادارات والكاميرات، التي ترصد كل كبيرة وصغيرة حول مستعملي الطريق، بمن فيهم الراجلون. ويعيب مواطنون، حسب تصريحات متفرقة ل"المغربية"، على الحكومة "عدم مواكبتها" لمدونة السير، بالبرامج التحسيسية والتوعوية الكافية، إذ، في غياب برامج عديدة ومطولة في التلفزيون والإذاعة للتعريف ببنودها، يظل السائق عرضة لمغالطات وإشاعات، ينسجها عامة الناس بينهم، في الشارع، أو في العمل، أو في البيت. ولا تبث التلفزة المغربية، بقنواتها الثمانية، سوى برنامج واحد تحسيسي، مدته دقيقة و30 ثانية، عبارة عن لعبة سؤال/جواب، يُقدِم فيها مرشحان، بطريقة ترفيهية، معلومات حول مدونة السير، إضافة إلى بعض الوصلات التوعوية اليومية المبثوثة على إذاعة ميدي 1. ويراهن المتخوفون من البنود الصارمة لمدونة السير الجديدة على بعض التمثيليات النقابية، التي مازالت تطمع في إدخال تعديلات جديدة على المدونة، الأمر الذي يبدو مستبعدا، بعد أن وقع توافق رسمي بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، ينص على احترام موعد بداية العمل بالمدونة الجديدة، في تاريخه المحدد، بعض أن مرت من كل المراحل التشريعية، وخضعت لتعديلات.