كشف مسؤول نقابي أن قرار إلغاء الإضراب، الذي كان مقررا اليوم في قطاع النقل، جاء بعد أن دخلت وزارة الداخلية على الخط في «الصراع» القائم بين النقابات والحكومة. واستنادا إلى مصادرنا فقد تلقى كل من محمد ميطالي، رئيس اتحاد الجامعات الوطنية لمهنيي النقل بالمغرب، وأحمد حركات، الكاتب العام لاتحاد النقابات الشعبية، والمنسق العام لاتحاد الجامعات، ليلة الجمعة الماضية، اتصالا هاتفيا من وزارة الداخلية، دعيا من خلاله إلى الالتحاق بمقر وزارة النقل والتجهيز بالرباط، صباح أول أمس السبت، من أجل عقد لقاء مع وزير التشغيل والتكوين المهني، الاتحادي جمال أغماني، ووزير النقل والتجهيز، الاستقلالي كريم غلاب، مشيرة إلى أن اللقاء الذي حضرته أطر من وزارة الداخلية، شهد تعهدا من وزير التشغيل باستفادة مهنيي النقل من الاشتراك في الضمان الاجتماعي خلال أجل خمسة أشهر. وفضلا عن تمكن ممثلي الاتحاد من انتزاع تعهد أغماني، فقد تلقوا تطمينات بخصوص تحديد مسؤولية السائق عن حوادث السير، حيث أُبلغ مسؤولو الاتحاد بأن السائق لا يتحمل المسؤولية وحده وإنما هناك أطراف أخرى تقع عليها المسؤولية. إلى ذلك، هدد أحمد حركات، المنسق العام لاتحاد الجامعات الوطنية لمهنيي النقل بالمغرب، بالعودة إلى الإضراب في حال عدم تنفيذ الحكومة للوعود التي أطلقتها خلال جلسة حوار يوم السبت، مشيرا إلى أنه تلقى تعهدا من وزير النقل ببرمجة لقاء مع مسؤولي وزارة الداخلية لمناقشة العقد النموذجي لاستغلال سيارات الأجرة. حركات نفى أن تكون نقابته «باعت الماتش»، في رد واضح على الاتهامات التي وجهتها بعض الجمعيات المهنية إلى اتحاد الجامعات. وقال في اتصال مع «المساء»: «بالعكس فقد استطعنا أن ننتزع من الحكومة تعهدا في ما يخص التغطية الصحية والضمان الاجتماعي وتحديد مسؤولية السائق عن الحوادث، وكذا الاستفادة من السكن، من خلال تعهد وزير النقل بعقد لقاء في أكتوبر القادم مع مؤسسة العمران ووزير الإسكان». قرار تعليق الإضراب لم يشمل المنظمة الديمقراطية للشغل، فقد أكد علي لطفي، الكاتب العام للمكتب التنفيذي للمنظمة، في اتصال هاتفي مع «المساء «على أن» الإضراب سيتم تنظيمه كما كان مقررا، اليوم الاثنين، على المستوى الوطني لأن دواعي الإضراب لازالت قائمة»، مضيفا أن «الإضراب سيتم في أجواء مهنية دونما المساس بأي أحد من غير المشاركين في الإضراب أو خلق البلبلة كيفما كانت» . في مقابل ذلك، قللت التنسيقية الوطنية للنقل الطرقي بالمغرب من أهمية قرار تعليق الإضراب من طرف الجامعة الوطنية لسائقي ومهنيي النقل بالمغرب، واعتبرت أن هذا الأمر كان متوقعا حسب عدد من المعطيات التي رافقت الإعلان عنه، وأشارت إلى أن هذه الخطوة لن تنجح في ثني المهنيين عن ممارسة حقهم في الاحتجاج ضد مدونة السير المشؤومة، رغم التلويح المبطن بالطريقة التي ستتعامل بها السلطة مع الإضراب المقرر يوم 27 من هذا الشهر، وذلك من خلال الرسالة التي تكلف بإيصالها كل من وزير النقل والجامعة الوطنية للنقل في البلاغ المشترك الذي تم إصداره والذي أشار إلى ضرورة وضع «المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار». وأكد سعيد بيار، عن التنسيقية الوطنية للنقل الطرقي بالمغرب، أن هذه الأخيرة متشبثة بقرار الإضراب إلى حين الاستجابة لمطالب المهنيين التي ظلت معلقة بعد أن حاول وزير النقل الالتفاف عليها من خلال حوار «مخدوم» تجاهل الملاحظات الأساسية للمهنيين المتعلقة بسحب الرخصة والتنقيط والغرامات والعقوبات الحبسية .. وقال بيار إن وزير النقل يحاول «التحايل» على المغاربة من خلال تصريحات فضفاضة تتجاوز النقائص الكثيرة التي تشوب المدونة، وأضاف أن المهنيين يرفضون أن يتحولوا إلى ضحايا في «لعبة شد حبل سياسية». كما أكد أن رد التنسيقية سيكون واضحا يوم 27 شتنبر. في نفس السياق أصدر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بلاغا حذر فيه من أن تطبيق المدونة بشكلها الحالي سيوسع من دائرة «الاحتقان والاحتجاج»، وعبر الاتحاد عن رفضه للبنود المجحفة التي تم التنصيص عليها في مدونة السير، كما انتقد التصريحات الرسمية التي تحاول إيهام الرأي العام بوجود إجماع حول المدونة في الوقت الذي تعاني فيه هذه الأخيرة من عدة نقائص وثغرات من شأنها المساس بالأوضاع النفسية والاجتماعية للمهنيين والتأثير على السلم الاجتماعي.