تعرّضت أسرة قروية، نهاية الأسبوع المنصرم، في دوار «تكرار»، التابع لجماعة «رسموكة» في إقليمتزنيت، لاعتداء وُصف ب«الشنيع» من طرف بعض الرعاة الرحل المرابطين بالمنطقة منذ أسابيع، على إثر اقتحام المئات من رؤوس الماشية التي يحرسها الرعاة مزرعة الأسرة القروية وإتيانِها على الأخضر واليابس من المزروعات التي اعتادت هذه الأخيرة رعايتها والعناية بها، ضمانا لقوتها اليومي. وحسب المعطيات المتوفرة ل«المساء» من مصادر من عين المكان، فإن الحادث المذكور أسفر عن إصابة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة، بينهم رب الأسرة (61 سنة)، الذي تعرض لاعتداء بالحجارة على مستوى البطن والصدر، فيما أصيب أبناؤه بجروح متفاوتة الخطورة في أنحاء مختلفة من الجسم. ونظرا إلى خطورة الوضع الصحي لوالدهم وسقوطه مغشيا عليه، فقد اضطر أبناء الضحية إلى نقل والدهم على وجه السرعة بوسائلهم الخاصة إلى مستعجلات المستشفى الإقليميلتزنيت، حيث قرر الأطباء استئصال الطحال (وهو عضو مساعد على تنقية الدم من المواد الضارة) بفعل الإصابات البليغة التي لحقته من جراء الحادث، فيما تلقى الأبناء الإسعافات الضرورية في المستشفى ذاته وحصلوا على شواهدَ طبية تُثبت العجز في 15 يوما لكل واحد منهم، فيما يُنتظر أن يحصل الوالد /الضحية على شهادة طبية تثبت العجز في مدة زمنية تزيد على الشهر الواحد. وفي لقاء مع «المساء» في المستشفى الإقليميلتزنيت، أوضح الحسين سوسان، أحد ضحايا الاعتداء، أن والده «فوجئ صبيحة الاعتداء باقتحام ماشية الرعاة الرحل مزرعتَنا الخاصة، وقضائها على محتوياتها من الأشجار ونبات الصبار وجميع النباتات المزروعة، فاضطر والدي إلى الرجوع إلى البيت وإخباري بالنازلة، طالبا مني اللحاق به إلى مكان تواجد الرُّحَّل بهدف استفسارهم حول الحادث ومطالبتهم بالتعويض، إلا أنه وبعد مشادة كلامية مع الرعاة، تعرض والدي -يقول المتحدث- لاعتداء مباغت بالحجارة سقط على إثره أرضا، كما أصيب بجروح متفاوتة الخطورة»، مضيفا أنه تعرض بدوره أثناء محاولته حماية والده لضربات قوية بالحجارة في مختلف أنحاء جسمه. كما أصيب شقيقه الأصغر هو الآخر، وهو ما اضطرهم إلى الانسحاب وإفراغ المكان بأقصى سرعة ممكنة، واستطرد المتحدث قائلا إن «جميع سكان المنطقة يعانون من هذه الظاهرة المقلقة... إلا أن السلطات المحلية لا تريد أن تبحث لها عن حل ولا أن تضع حدا لها، على الرغم من كثرة الشكايات الموجَّهة إليها مرارا وتكرارا من قبل المتضررين من أبناء المنطقة». وفي حادث ذي صلة، تعرض سكان دوار «آيت داوود إحيا»، في وقت سابق، في منطقة «آيت همان»، في جماعة «سيدي بوعبدلي»، لهجوم ليلي مباغت من طرف الرعاة الرُّحَّل، الذين استعملوا الهراوات وسيارات «لاندروفيل» في الاعتداء وقاموا بتكسير الأعمدة الكهربائية ومصابيح الإنارة العمومية والعدادات الخاصة بالماء الصالح للشرب. ورغم أن الاعتداء أسفر عن ترويع السكان الآمنين في وقت متأخر من الليل، فإن السلطات المعنية اكتفت، حينها، بتهدئة الموقف والحيلولة دون وصوله إلى مستوى الاشتباكات المباشرة التي يصعب التحكم فيها، دون أن تقوم بإجراءات زجرية في حق المخالفين للنظام العام والمخترقين لحرمات المساكن والمناطق المأهولة والمزروعة. يُذكَر أن ظاهرة الرعاة الرحل أصبحت من الظواهر المؤرِّقة لعدد كبير من سكان الجماعات القروية في إقليمتزنيت، وخاصة في السهول المعروفة محليا ب»أزغار» والمتواجدة أساسا في جماعات أكلو، وجان، رسموكة، بونعمان، بالإضافة إلى جماعة سيدي بوعبدلي وغيرها من الجماعات القروية التي غالبا ما تشهد احتكاكا وتلاسنا بين السكان والرعاة الرحل، وهو الأمر الذي يفرض تدخل المسؤولين المحليين والإقليميين بهدف وضع حد للظاهرة وللإشاعات التي تؤكد أن الرعاة الرحل «أناس فوق القانون»، بفضل الحماية التي يتوفرون عليها من طرف أرباب الماشية من كبار المسؤولين والمنتخَبين في مختلف المناطق الجنوبية.