في الصورة زعيم العصابة المعتقل، وفي الإطار جريح ومسن لقي حتفه (خاص) عدد المعتقلين يصل إلى 14 شخصا، بينهم جزارون وعسكري سابق ورئيس سابق لجماعة قروية ما يزال الرأي العام بإقليمخنيفرة، ومناطق واسعة من الأطلس المتوسط، يتابع باهتمام كبير تفاصيل ملف العصابة الإجرامية التي روعت المنطقة، إذ عقب اعتقاله ب"ضاية عوا" من طرف درك خنيفرة، بعد زوال يوم الاثنين 12 أبريل 2010، كشفت مصادر متطابقة عن سيرة الأرشيف الإجرامي لزعيم هذه "العصابة الخطيرة" الذي جاء اعتقاله بمثابة "صيد ثمين" بعد أن كان المطلوب رقم 1 من جانب العدالة باعتباره أحد الوجوه الخطيرة التي ظلت حديث العديد من الأوساط السكانية التي شككت أكثر من مرة في أن الدرك يعمد إلى التستر عليه رغم الشكايات الكثيرة في أمره، سيما بعد اعتقال أربعة أشخاص من شبكته، خلال شهر مارس المنصرم، وقد سبق لبعض عناصر الدرك أن أوقعوا به إلا أنه تمكن من التسلل بدهائه المعروف، وبمجرد ما علمت مصالح الدرك بوجوده بأحد ضيعات إقليمإفران، متخفيا في جلباب راع للأغنام بدوار أدغاغ على تراب منطقة ضاية عوا، انتقلت إلى عين المكان في سرية تامة، وهناك تم الإيقاع به في كمين محكم، واقتياده إلى حيث خضع لبحث تفصيلي حول الوقائع المنسوبة إليه. ولم يتردد "الرأس المدبر" في سرد جرائمه الغريبة التي قادت به أكثر من مرة إلى غياهب السجون ما بين 1984 و 2003، ليظل بعدها مجرد "شبح" يهزأ في صمت من برقيات البحث المتكررة في شأنه، وبينما اعترف بسيرة نشاطه الإجرامي دل المحققين على هوية العديد من الرؤوس المتورطة والمنتمية لشبكته، حيث تم اعتقال تسعة منهم بينهم جزارون بتغسالين، وعسكري سابق ورئيس سابق لجماعة سيدي يحيى أوسعد بإقليمخنيفرة، وتمت إحالتهم جميعا على غرفة الجنايات بمكناس، وقد بلغ عدد المعتقلين في القضية إلى 14 شخصا، ينحدرون من سيدي يحيى أوسعد والقباب وتغسالين وآيت إسحاق وكروشن وسيدي عدي وبومية وعين تاوجطات وآزرو وحد واد إفران وتگزيرت، والمؤكد أن التحريات ما تزال جارية على قدم وساق في احتمال ملامسة أثر الرؤوس المتورطة، بشكل أو بآخر، في هذه القضية، كما أن التحقيقات ستبقى مفتوحة من حيث لم يستبعد المحققون أن تكون جرائم العصابة المعنية أكثر بكثير مما تم التوصل إليه أو اعترف به الموقوفون. "والحاج" كما يناديه البعض، أو الشهير بلقب "بُويْحبوبَن"، كان هو "العقل المدبر"، واسمه (و.ن.بن موحى) كما هو متداول بين أفراد أسرته المنحدرة من تيمكيدوت، من مواليد 1960، وبيته بدوار آيت مهدي آيت مسانة، ضواحي تغسالين، متزوج وله ابنان، وقد أخذ وجهه الإجرامي في الظهور عام 1984 عقب اعتقاله في قضية سرقة لعدد من رؤوس الماشية من دوار بوزقور، وقضى من أجل ذلك عقوبة حبسية مدتها شهرين، الأمر الذي أدى إلى انفصاله عن زوجته ليتفرغ للسرقة، وبعد أسابيع من الإفراج عنه عاد للسجن على خلفية قيامه بسرقة عجل بدوار لندا بالقباب ليقضي سنة كاملة رهن الاعتقال، وفي عام 1985 عمد إلى التوجه نحو دوار آيت سيدي علي حيث تمكن بخبرته المألوفة من سرقة نعاج عمد إلى بيعها لأحد الجزارين بتغسالين، هذا الأخير الذي أخذ يشتري منه كل ما تتم سرقته من نعاج وخرفان، حسب اعترافات الزعيم. وفي عام 1988 اعتقل للمرة الثالثة من أجل الضرب والجرح العمد قضى بسببها عقوبة حبسية مدتها شهرين، ولم يكن غريبا بعد ذلك بحوالي عامين أن تمتد يده من جديد لسرقة المواشي والأبقار ويتم اعتقاله عام 1990 وإعادته للسجن مرة أخرى حيث صدر في حقه حكما يقضي بحبسه لمدة 4 سنوات لسرقته أبقارا من منطقة بضواحي تغسالين، وفي عام 2003 عمد إلى السطو على محصول زراعي من إحدى الضيعات بملوية، وحاول سرقة رؤوس من المواشي لولا يقظة بعض السكان الذين طوقوه وسلموه للدرك، ولحظتها وجد نفسه مرة أخرى رهن الاعتقال لتنضاف إلى رصيده عقوبة حبسية مدتها سنة واحدة، وأمام تحطيمه للرقم القياسي في السرقة بات محترفا معروفا، إذ تورط عام 2006 في سلسلة من عمليات سرقة المواشي بتاجموت والقباب ومناطق أخرى، وبقي على مدى سنوات طويلة موضوع برقية بحث من طرف سلطات الدرك، وقيل بأنه تمكن من مغادرة الإقليم والاستقرار بإحدى المناطق على تراب مكناس. وفي ذات السياق كشفت مصادر عليمة أن الرجل سبق أن حل بمنطقة سيدي عدي، حيث تزوج بها من امرأة تنحدر من الراشيدية، وعثر على عمل بضيعة توجد بدوار توريرين، وهي في ملكية ضابط سام في الجيش، وبهذه المنطقة توطدت علاقة الرجل ببعض الأشخاص الذي كانوا يقومون بزيارته بين الفينة والأخرى، بعضهم ينحدر من حد واد إفران، وبعضهم الآخر من عين تاوجطات وسيدي بوعلي وتغسالين، وجميعهم تلقوا دروسا في فنون سرقة المواشي، الأمر الذي قاد بهم إلى تكوين عصابة شرعت في التخطيط لعمليات السرقة، والبداية من دوار توريرين ضواحي سيدي عدي، حيث تمكنت العصابة من السطو على مجموعة من رؤوس الأغنام تم نقلها إلى نحو الضيعة التي يعمل بها "الزعيم" حيث بقيت هناك لبضعة أيام إلى حين بيعها لتاجر في المواشي يملك سيارة فاركونيت ويقطن بآزرو بدوار تيط لحسن عسو، مباشرة بعدها تم التخطيط لعملية أخرى، وهذه المرة بواد سرو، ضواحي لهري، حيث تم القيام بالهجوم على بيت هناك واستولوا به على أكثر من 20 خروفا. وجاءت "عملية بوگرگور" التي حدثت خلال مارس الماضي وهزت الرأي العام، لتضع موضوع العصابة على واجهة الأحداث، ذلك في هجومها ليلا على أفراد أسرة قروية بواد بوگرگور، ضواحي لهري، مستعملة عصيا وأسلحة بيضاء، وكان أحدهم يرتدي قناعا لإخفاء معالم الوجه، حيث طعنوا واحدا من أفراد الأسرة بسكين بهدف السيطرة على الوضع، كما أطفأوا الأنوار واكتفوا، وفق إستراتيجيتهم المعهودة، باستعمال مصابيح يدوية، وقد نقل ضحايا الهجوم نحو المستشفى الإقليميبخنيفرة، ومنه أحيل ثلاثة جرحى على مستشفى محمد الخامس بمكناس، حيث فارق أحدهم الحياة(حقي بوزيدي)، وهو رجل مسن من تجار المواشي، يبلغ من العمر حوالي 75 سنة، وقيل بأن فردا من العصابة تفنن دمويا في العبث بأصابع أحد الضحايا عن طريق استعمال ملقاط، ومن خلال هذه العملية تمكن المهاجمون من الاستيلاء على كمية من الحلي ومبلغ مالي وبندقية صيد وأشياء أخرى، وبعد ذلك بأيام بفترة قصيرة استقبل المستشفى الإقليميبخنيفرة، أسرة بكاملها تعرضت بمنطقة أزرزو، الواقعة بمنتجعات ملوية، لاعتداء إجرامي يحمل توقيع ذات العصابة التي قامت بالهجوم ليلا على بيت منعزل يقطنه متاجر في المواشي وأسرته، حيث حاصرت أصحاب هذا البيت تحت التهديد بالموت، وطالبتهم بكل ما يتوفرون عليه من أموال وحلي ذهبية، قبل أن تعتدي جسديا على الجميع بواسطة عصي وأسلحة بيضاء. وأفادت مصادر من المحققين أن أفراد العصابة كانوا يخططون لتنفيذ عملية جديدة بدوار أمغاس لولا تمكن مصادر الدرك من تفكيكها بالقبض على أربعة أفراد منها فيما فر زعيمها، وكان طبيعيا أن تعبر أوساط سكانية واسعة عن ارتياحها لخبر اعتقال "العقل المدبر" الذي ظل أشبه ب "نينجا"، الشخصية السينمائية المعروفة، ولم يكن غريبا أن يخرج سكان لهري والقباب وبوگرگور وأزرزو في مسيرات احتجاجية تطالب بالمزيد من الجهود لغاية اعتقاله.