90 سنة هي مجموع الأحكام التي قضت بها ملحقة محكمة الاستئناف بسلا، مؤخرا، في حق ثلاثة أشخاص ينتمون إلى عصابة إجرامية كانت مختصة في السطو والاعتداء على سائقي سيارات الأجرة بعد تقمص دور زبائن، وهي العصابة التي خلقت حالة من الذعر في صفوف أصحاب سيارات الأجرة، خاصة بعد العثور على سائق سيارة أجرة مرميا بالطريق السيار وقد تناثرت أجزاء من مخه بعد تعرضه لاعتداء من طرف العصابة. جثة مكبلة وأشلاء مخ آدمي تفاصيل سقوط هذه العصابة في قبضة رجال الأمن كانت مع اكتشاف جثة سائق سيارة يعمل في محيط مدينة تمارة، وهي مرمية بالطريق السيار في اتجاه مدينة الدارالبيضاء. رجال الدرك الذين حضروا للمعاينة بعد تلقيهم إشعارا بوجود جثة ملقاة بالطريق السيار صدموا لمشهد مروع، حيث كان الضحية مكبلا من رجليه ويديه وقد كسرت جمجمته وتطايرت أجزاء من دماغه على الطريق، كما أثبتت المعاينة أن أطراف الضحية تعرضت لعدة كسور ليتم التقاط صور من زوايا مختلفة، ومسح مكان العثور على الجثة بحثا عن أي أدلة، قبل أن يتم نقلها إلى مستودع الأموات. التحريات التي تم إجراؤها بعد العثور على الجثة المشوهة أظهرت أن عددا من أصحاب سيارات الأجرة تقدموا، في وقت سابق لاكتشاف الضحية، بشكايات أكدوا فيها تعرضهم لعمليات سرقة في محيط نفس المنطقة، وهي العمليات التي تطابقت تفاصيلها، حيث يتقمص الجناة دور الزبائن قبل أن يباغتوا السائق ويسلبوه أمواله وأغراضه، ثم يقوموا بطعنه قبل الاستيلاء على سيارته التي يتم التخلي عنها في أماكن بعيدة عن مسرح الجريمة بعد سرقة ما بداخلها. هلع في صفوف السائقين قامت مصالح الشرطة القضائية بتنسيق مع مصالح الدرك الملكي -بحكم أن عددا من الجرائم ارتكبت في مناطق تقع في دائرة نفوذه - بتكثيف البحث للوصول إلى هذه العصابة التي روعت أصحاب سيارات الأجرة، وجعلتهم يترددون أكثر من مرة قبل حمل بعض الزبائن المشكوك في أمرهم مخافة التعرض للأذى، خاصة أن الجناة كانوا لا يكتفون بالسرقة، بل يتعمدون طعن الضحايا بالأسلحة البيضاء وأحيانا تعذيبهم قبل تركهم ينزفون على قارعة الطريق. التحريات المكثفة قادت إلى اعتقال أحد أفراد هذه العصابة، الذي تبين أنه يقطن بمدينة تمارة، حيث أوضح للمحققين أنه كان يعمل بمفرده في البداية، قبل أن يتم التفكير في خلق عصابة مكونة من عدة أفراد لتوزيع المهام فيما بينهم، ليلتحق به عنصر آخر نفذ برفقته عمليتين، ثم انضاف متهم آخر إلى العصابة مباشرة بعد خروجه من السجن حيث شارك بدوره في عمليتين قبل أن يعود مجددا إلى السجن بتهمة التغرير بقاصر. الفراغ الذي خلفه إلقاء القبض على أحد عناصر العصابة لم يدم طويلا، حيث تمت الاستعانة بأحد القاصرين سيكون نصيبه ثلاث عمليات استهدفت سائقي سيارات الأجرة، حيث كان الجناة يتربصون بهم ليلا، وحين تبدو لهم سيارة أجرة يشيرون إليها بالتوقف على أساس أنهم يرغبون في التنقل إلى وجهة معينة، قبل أن يقتنصوا أول فرصة ويهاجموا السائق بالأسلحة البيضاء ويجبروه على التوقف. تفاصيل جريمة بشعة وبخصوص الضحية، الذي عثر على أجزاء من مخه وهو مكبل الأطراف، أكد المتهم أنه امتطى رفقة عنصرين آخرين من العصابة سيارة أجرة ليلا، قبل أن ينقضوا على السائق ويطعنوه بواسطة سكين، ثم قاموا بتكبيله من يديه ورجليه إلى الخلف، وتكميم فمه ورميه في الخلاء، ثم الرجوع بالسيارة إلى الخلف لدهسه. أفراد العصابة لم يكتفوا بذلك، بل نزلوا من السيارة وقاموا بحمل الضحية ورميه خلف سياج قريب من الطريق السيار، دون أن يعلموا إن كان قد لفظ أنفاسه أم لا. بعد ذلك تمكنت مصالح الشرطة من اعتقال عنصر آخر من أفراد العصابة، إضافة إلى متهم بتزويد العصابة بالمخدرات، فيما بقي عنصر آخر في حالة فرار، غير أن هؤلاء سيتراجعون عن أقوالهم خلال مرحلة الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي، بعد أن وجهت لهم تهم تكوين عصابة إجرامية والقتل العمد، ومحاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المتبوعين بالسرقة الموصوفة والمشاركة في ذلك والتعذيب البدني لشخص محتجز والسرقة الموصوفة والضرب والجرح بالسلاح الأبيض، مع متابعة متهم واحد بتهمة حيازة المخدرات والاتجار فيها، حيث أكد زعيم العصابة، الذي عثر بمنزله على الهاتف النقال الخاص بالضحية، أنهم قاموا بتكبيل الضحية ووضع لصاق على فمه وعينيه، ووضعه على الطريق دون قتله، لكنه أقر بتعذيب سائق سيارة أجرة آخر من خلال كسر رجليه بالأسلحة البيضاء، وأشار إلى أن هذه العمليات كانت تتم تحت تأثير المخدرات التي يتم اقتناؤها من منطقة عكراش بضواحي الرباط، كما أكد أن الإعداد لعمليات الاعتداء على سيارات الأجرة، كان يتكلف بها عنصر من العصابة بقي في حالة فرار، مستغلا خبرته في مجال السياقة بحكم عمله معلم سياقة بعدد من المدارس المختصة. فيما أشار المتهم الثاني إلى أن عنصر العصابة، الذي لازال في حالة فرار، هو من قام بالدوس على رجلي الضحية بواسطة سيارة الأجرة بعد القيام بالاعتداء عليه وسرقته. ظروف التخفيف كما تم الاستماع إلى عدد من الضحايا الذين تعرفوا على الجناة، وقدموا تفاصيل الاعتداء الذي تعرضوا له ليدخل الملف مرحلة المناقشة والمداولة، حيث صرحت المحكمة بعد مناقشتها للقضية بعدم مؤاخذة عناصر العصابة من أجل تهمة القتل العمد والحكم ببراءتهم منها مع تمتيعهم بظروف التخفيف، بالنظر إلى ظروفهم الاجتماعية، ومؤاخذتهم بباقي المنسوب إليهم والحكم عليهم بثلاثين سنة سجنا نافذا لكل واحد منهم، مع مؤاخدة متهم من أجل الحيازة والاتجار في المخدرات والحكم عليه بسنتين سجنا نافذا وغرامة قدرها خمسة آلاف درهم.