استقبل الوزير الأول عباس الفاسي بمطار مدينة وجدة رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو، الذي قام، ظهر يوم أمس، بأول زيارة له للمغرب منذ فوزه في الانتخابات العامة التي أجريت في 9 ماي الماضي. وحسب برنامج الزيارة، فإن مدة زيارة ثاباتيرو سوف لن تستغرق سوى خمس ساعات، كان خلالها مرفوقا بوزير خارجيته ميغيل أنخيل موراتينوس، والكاتب العام لرئاسة الحكومة برنادينو ليون، وكاتب الدولة في الشؤون الخارجية أنخيل لوسادا، وسكرتيرة الدولة في الاتصال نييفيس غويغوشيا، والسفير الإسباني بالرباط لويس بلاناس بوشاديس. وقد عقد عباس الفاسي اجتماعات مكثفة مع نظيره الإسباني لمناقشة التعاون الثنائي بخصوص ملف الهجرة غير الشرعية وخطة المغادرة الطوعية، والاقتصاد، والعدل، والأمن. وأشارت مصادر إسبانية إلى أن لزيارة ثاباتيرو أهمية كبرى من أجل «تسليط الضوء» على العلاقات «الممتازة» التي تربط بين البلدين، كما أنها جاءت «لتمنح زخما سياسيا من أعلى مستوى للعلاقات الثنائية، ولإعادة فرض «تطبيع كامل» مع المغرب بعد وقوع الحادث الدبلوماسي المتمثل في قيام العاهل الإسباني خوان كارلوس وعقيلته الملكة صوفيا بزيارة المدينتين سبتة ومليلية. من جهتها، أفادت وكالة أوربا بريس للأنباء بأن المنسق العام لحزب اليسار الإسباني الموحد غاسبار ياماثاريس وجه نداء لثاباتيرو يطالبه فيه بأن يكون «شخصا إيجابيا» خلال زيارته، وأن يدافع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأكد ياماثاريس، في ندوة صحفية تم عقدها بمقر الكونغرس، أن لإسبانيا «التزام تاريخي» بالدفع في اتجاه تنظيم استفتاء لتقرير المصير في مستعمرته السابقة. إلى ذلك استقبل الملك محمد السادس، يوم أمس بوجدة، رئيس الوزراء الاسباني لويس رودريغيث ثباتيرو، لأول مرة، بعد أزمة زيارة عاهلي إسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية في شهر نونبر الماضي. وفي الوقت الذي رفض فيه مسؤولون عن الجانب المغربي الإدلاء بأية تصريحات قبل انعقاد اللقاء بدعوى عدم معرفة الجهة المخول لها التحدث إلى وسائل الإعلام حول القضايا التي سيتم التطرق لها، فإن أجندة اللقاء التي حصلت عليها «المساء» من الجانب الإسباني تشير إلى أن ثباتيرو ناقش مع الفاسي قضية الهجرة وضرورة معالجتها وفق رؤية شمولية بناء على مقتضيات القمة المنعقدة حول الموضوع قبل سنتين بالرباط، فيما لا يعرف إلى حدود كتابة هذه السطور، ما إذا كان الملك محمد السادس يعتزم التطرق إلى قضية الوجود الاسباني بمدينتي سبتة ومليلية في ظل الحديث عن إعادة هيكلة للعلاقات بين مملكتي مضيق جبل طارق بعد الأزمة الأخيرة بينهما. وذكرت مصادر اسبانية مطلعة ل«المساء» أن المسؤولين الإسبان يراهنون على شرح وجهة نظرهم بخصوص مقترح رئيس الحكومة بشأن العودة الطوعية للمهاجرين المغاربة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها شبه الجزيرة الإيبيرية، خصوصا مع التحفظ الذي أبداه الجانب المغربي في هذا الإطار، رغم تصريحات وزير التشغيل جمال أغماني في البرتغال والتي اعتبرت وقتها خارجة عن السياق. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن وزير التشغيل الإسباني فيسنتي كورباتشو سيعود إلى المغرب لاحقا لشرح وجهة نظر بلاده بالتفصيل للمسؤولين المغاربة حول نقطة العودة الطوعية للمهاجرين، مثلما سيتقاطر عدد من الوزراء الإسبان على المغرب في الأسابيع القليلة المقبلة لتنشيط التعاون بين البلدين، خصوصا في قضايا الهجرة والتعاون الأمني والقضائي بين البلدين، مضيفة أنه سيتم خلال هذه الزيارة طرح مقترح سبق أن تقدم به الحزب الاشتراكي الحاكم بإمكانية مشاركة المهاجرين المغاربة المتوفرين على وضعية قانونية ومستقرة في إسبانيا في الانتخابات البلدية الإسبانية المنتظر تنظيمها عام 2011، وهو ما يتطلب قبول الرباط بتوقيع اتفاقية تخول نفس حقوق التصويت في الانتخابات البلدية بالنسبة إلى 3600 إسباني، مقيمين بصفة دائمة بالمغرب. وفي السياق ذاته، قللت مصادر دبلوماسية في السفارة الإسبانية بالرباط، في حديث إلى «المساء» من أهمية عدم زيارة ثباتيرو للمغرب كأول محطة خارجية له بعد فوزه في الانتخابات، باعتبار ذلك لا يعد تكسيرا للأعراف المعمول بها في العلاقات بين البلدين. وتأتي هذه الزيارة في وقت تعمل فيه الدبلوماسية الإسبانية على تنشيط دواليبها على حساب الدبلوماسية الفرنسية في المنطقة، وهو ما يفسر قيام موراتينوس، طيلة هذا الأسبوع، بزيارة لتونس وموريتانيا من أجل عرض نية الحكومة الإسبانية في احتضان لقاء وزاري لملتقى دول 5 زائد 5 في مدينة قرطبة بالجنوب الإسباني بداية عام 2009، وهو اللقاء الذي تشارك فيه دول المغرب العربي وفرنسا وإيطاليا و مالطا والبرتغال، إضافة إلى عزم إسبانيا على تنظيم الاجتماع الأول لرؤساء الدول والحكومات الأوروبية والمغاربية خلال رئاستها للاتحاد الأوربي في النصف الأول من العام 2010، مثلما تطمح الدبلوماسية الإسبانية إلى المساهمة في تقوية اتحاد المغرب العربي عبر طرح مبادرة للوساطة بين الرباط والجزائر. موراتينوس يحاول إقناع القذافي بمشروع الاتحاد المتوسطي قال وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، أول أمس الخميس، إنه سيحاول إقناع الزعيم الليبي معمر القذافي بمشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي تقوده فرنسا. ويأتي ذلك بعد أن وصف القذافي المشروع بكونه «حقل ألغام» قبل انعقاد قمة تدشين المشروع في باريس يوم الأحد. وكان القذافي قد ذكر يوم الأربعاء أن الاقتراح بشأن اتحاد اقتصادي وأمني مع دول جنوب المتوسط سيكون «حقل ألغام عالمي»، مضيفا أن الخطة ستجبر العرب على قبول إسرائيل وستثير التشدد الإسلامي ضد الغرب لان بعض الإسلاميين سيرون في الاتحاد استعمارا جديدا لأراض إسلامية من جانب قوى غربية. لكن موراتينوس صرح، خلال مؤتمر صحفي عقب زيارته لتونس قبل توجهه إلى ليبيا، بأنه سيسعى إلى إقناع القذافي «بروح» مشروع الاتحاد من أجل المتوسط. وقال: «رغم أن موقف العقيد القذافي معروف وواضح إزاء خطة المتوسط فإني سأقدم إليه روح المشروع، وأتمنى أن تتفهم ليبيا ذلك». وسبق للقذافي أن أكد عدم حضوره في قمة باريس عندما استضافت قمة مصغرة للزعماء العرب الشهر الماضي للتوصل إلى موقف مشترك بشأن الاتحاد المقترح. في حين سيحضر الاجتماع رؤساء عرب آخرون، من بينهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس السوري بشار الأسد. وسيأخذ الاتحاد المتوسطي شكل منتدى لقمة دورية تضم دول الاتحاد الأوربي المطلة على البحر المتوسط ودول حوض المتوسط، كما ستكون له رئاسة مشتركة. ويبدو أن العرب منقسمون إزاء مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط»، وذلك قبل يومين فقط من إطلاق المشروع الذي ينتظر أن يشارك فيه قادة أكثر من أربعين دولة. وتبدو مصر، التي من المقرر أن تتقاسم رئاسة الاتحاد مع فرنسا، من أكثر البلدان العربية تحمسا للانضمام إلى الاتحاد، في حين تقف ليبيا على رأس الأطراف التي ترفض الاتحاد وتصفه بكونه مجرد طعم للتطبيع مع إسرائيل. كما تبدي عدة دول عربية شكوكها في جدوى التجمع المقترح، رغم أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أظهر تأييدا للمبادرة، إلا أنه أعرب عن مخاوفه من إمكانية استخدامها لجر العرب إلى التطبيع مع إسرائيل، مشيرا إلى ما أسماه ب«تحفظات وتساؤلات من الجانب العربي بشأن الاتحاد». ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية الدول العربية المعنية اجتماعا في باريس عشية القمة لتنسيق مواقفهم التي لم يستطيعوا الاتفاق بشأنها خلال اجتماعين عقدوهما في كل من القاهرة والجزائر الشهر الماضي. وتعقد القمة وسط إجراءات أمنية مشددة في «غران بالي»، حيث ستستغرق ثلاث ساعات بعد زوال يوم الأحد. كما ستسفر القمة عن بناء اتحاد يضم 43 عضوا على الأقل ممثلين في كل من دول الاتحاد الأوربي السبع والعشرين، بالإضافة إلى عشر دول من جنوب المتوسط هي المغرب وإسرائيل والجزائر ومصر والأردن ولبنان وموريتانيا وسوريا وتونس وتركيا، إضافة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وألبانيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك ومونتينيغرو وموناكو.