يتواصل مسلسل النزيف الحاد الذي يعرفه الحزب العمالي بجهة الغرب الشراردة بني احسن، والهجرة الجماعية لمجموعة من أطره، بينهم أعضاء بالمكتب السياسي والمجلس الوطني وكتاب الفروع بالعديد من الجماعات في الجهة، حيث أعلن جميع أعضاء مكتب فرع الحزب في جماعة سيدي الطيبي إقليمالقنيطرة انسحابهم الجماعي من الحزب نفسه، وقدموا استقالتهم إلى عبد الكريم بنعتيق، الأمين العام للحزب العمالي. وأرجع المنسحبون هذه الخطوة، في بيان مذيل بتوقيعاتهم، توصلت «المساء» بنسخة منه، إلى عدم الوضوح في توجه الحزب العمالي وتحديد تحالفاته، وفشله في الاستحقاقات الانتخابية، ورهن مصير الحزب بيد أجهزة أصبحت، في نظرهم، معطلة وتفتقر للشرعية، وكذا الاستفراد بالقرار، ورعونة التسيير، والخروج عن الخط السياسي للحزب وافتقاره لأي استراتيجية مستقبلية. وتأتي هذه الاستقالات أياما قليلة بعد توصل بنعتيق باستقالة جماعية أخرى من مجموعة من الأعضاء المنتمين إلى فروع وزان وسيدي سليمان والقنيطرة، الذين قالوا إن تقييمهم لمسار الحزب، انطلاقا من تحليل الوضع السياسي والتنظيمي للحزب العمالي، وانطلاقا من وقفة نقدية ذاتية صريحة، أكد لهم، وبصفة يقينية، فشل مشروع الحزب العمالي، وانسداد أفقه السياسي، وانعدام أي تصور استراتيجي مستقبلي، الأمر الذي جعل مصير الحزب ومستقبله يكتنفهما الغموض، سيما بعد النتائج الصادمة التي حصل عليها الحزب في محطتي 7 شتنبر 2007 و12 يونيو 2009، وهو ما كان من بين الأسباب التي دفعتهم إلى الإعلان عن انسحابهم الجماعي من الحزب العمالي. وأوضح المستقيلون، في بيان توصلت به «المساء» في وقت سابق، أن الحزب العمالي يعرف فراغا تنظيميا أدى بأجهزته إلى الانحسار والتآكل، بل نهج سياسة الاحتراز الاستباقي تجاهها للجم أي مؤسسة تنظيمية للحزب تفاديا لأي انفلات أو انتفاضة تنظيمية، وهو ما يبرر في نظرهم غياب إرادة حقيقية لتقعيد الحزب على ركائز حزبية مؤسساتية، والاكتفاء بمحاولات إعطاء هالة مزيفة للحزب العمالي من خلال تجمعات شبيبية ونسوية، لم تكن، حسب تعبيرهم، سوى بهرجة ضخ فيها الإعلام بريقا خفت مع مرور الوقت. من جانبه، عزا بوجمعة الطرفي، عضو المكتب السياسي المستقيل، في تصريح ل«المساء»، انسحابه من صفوف الحزب العمالي إلى التراجع الخطير الذي عرفه الحزب على مستوى تنظيماته المحلية والوطنية، وكذا على مستوى أجهزته المركزية، سواء تعلق الأمر بالمكتب السياسي الذي سبق أن قدم بخصوصه عشرة أعضاء سابقين استقالتهم، أو بالمجلس الوطني الذي قال إنه أضحى خلال اجتماعاته يفتقر إلى الأغلبية الساحقة من أعضائه. وكشف الطرفي أن استهلاك الحزب لخطابه السياسي دفع الكثير من المنخرطين إلى الامتعاض من الوضع الذي يعيشه الحزب العمالي، بعدما تأكد لهم خفوته والتضارب في المواقف بين الاندماج مع حزب الاتحاد الاشتراكي والسير قدما في التحالف مع كل من جبهة القوى الديموقراطية وحزب التقدم والاشتراكية، مما خلق في نظره بلبلة وتشويشا على مسار الحزب لدى المناضلين العماليين والعماليات.