من بين الكلمات الإنجليزية التي تسرَّبتْ، بخفة، إلى اللغة الفرنسية، حيث اكتسبت أُلفة في المعجم اليومي كلمة «shooting» التي تدل على فعل ضرب الكرة كما تحيل إلى فعل حقن المخدرات الصلبة بواسطة الإبرة. وكخطوة أولى تستهدف الحد من انتشار الأمراض المعدية والقاتلة، وخاصة داء السيدا، فتحت السلطات الصحية في أكثرَ من بلد أوربي مثل إسبانيا، بلجيكا، هولندا وألمانيا... قاعات توفِّر للمدمنين، تحت مراقبة أطباء وممرضين وبشكل انفرادي، الإبرة والسائل. حيث يمارسون -بأنفسهم على أنفسهم- «الشوتينغ». وقد أعربت بعض هذه الدول عن ارتياحها لهذه التجربة، بالنظر إلى النتائج التي عرفت تقلصا ملحوظا في عدد المصابين بالأمراض المعدية. وقد حاولت روزلين باشلو، وزيرة الصحة الفرنسية، في المدة الأخيرة، نقل هذه التجربة إلى فرنسا، معربة عن اهتمامها لإقامة «مراكز تحت المراقبة لاستهلاك المخدرات»، في إطار «سياسة تستهدف تقليص المخاطر الناجمة عن الاستهلاك الحر للمخدرات». وفي الوقت الذي سايرتْها في هذا المطلب بعضُ الشخصيات السياسية، حتى من اليمين، مثل نادين مورانو، سكرتيرة الدولة المكلَّفة بالعائلة في حكومة فرانسوا فيون، وجان كلود غودان، عمدة مارسيليا، فإن الأغلبية المحافظة داخل حزب ساركوزي أطفأت حماستها في المهد، على لسان الوزير الأول نفسه، الذي صرح بأن هذه القاعات بلا فائدة وغير مرغوب فيها. ولكي لا تخرج على الإجماع الحكومي في المسألة، لزمت روزلين باشلو الصمتَ، فيما تابع اليسار والجمعيات حملاتهما من أجل الدفاع عن الفكرة. وفي هذا السياق، اعتبر بيار شابار، منسق «مجموعة الجمعيات من أجل الحد من مخاطر المدمنين»، أن فتح هذه القاعات قد يكون بداية لعلاج الإدمان». وفي استفتاء نظمه معهد «إيفوب» لصالح «نشرة الرأي»، أعرب %53 من الفرنسيين عن موافقتهم على فتح هذه القاعات، شريطة أن توضع تحت المراقبة الطبية، فيما رفض الفك رةَ 24 %. لم يأت رفض الحكومة لمقترَح روزلين باشلو لدواعٍ ودوافعَ أخلاقية، بقدر ما كان لمبررات وحسابات سياسية تندرج في أفق السياسة الأمنية والوقائية التي سطَّرها الرئيس ساركوزي والتي تضع خيطا رفيعا بين الأجانب وترويج واستهلاك المخدرات. في نظر الخطاب الساركوزي، فالحديث عن الأجانب الجانحين، وخاصة منهم العرب، لا يهم فقط أشخاصا يتعاطون للسرقة والإجرام، بل يغطي أيضا شرائحَ مدمنةً على استهلاك المخدرات، وعلى شوكة «الشوتينغ»، التي هي وقود خصيب للمافيات المحلية والدولية، وهو تحليل يستند طبعا على الابتسار والخلط.