هذه مجموعة من بعض النصوص التي ترجمتها في السنوات القليلة الماضية من اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مقالات كتبتها لترافقها. وهذه النصوص عبارة عن مواد ثقافية متنوعة في السياسة، التاريخ، الاجتماع، الأدب العلم، الفن، والطب النفسي. ودافعي لترجمة هذه النصوص- في المقام الأول- هو تأثري بشخصيات قائليها ونبل المبادئ التي يدعون إليها في معظم النصوص، أو أهمية الموضوعات وكونها قد تكون غير معروفة تماما بالنسبة إلى القارئ العربي كما في بعضها الآخر. واصل نادر مساعيه نحو حث الحكومة الفيدرالية على تشريع قوانين تضمن سلامة السيارات. وفي نهاية عام 1966 تحقق ذلك، عندما عقد الكونغرس جلسات استماع بهذا الخصوص، وتم استدعاء نادر للشهادة خبيرا مرة أخرى. وقبل نهاية السنة، أصدر الكونغرس لأول مرة قوانين بخصوص متطلبات سلامة السيارات، ومن ضمنها قانون أحزمة الأمان لأول مرة. كما تم تأسيس مؤسسة فيدرالية تعرف حاليا باسم «الإدارة الوطنية لسلامة مرور الطرق». لقد كان ذلك إنجازا مذهلا لرالف نادر. علقت جريدة «واشنطن بوست» على هذه الأحداث التاريخية بأن «جماعة ضغط، مكونة من شخص واحد يعمل من أجل مصلحة الشعب الأمريكي، استطاعت هزم أعظم شركات هذه الأمة»! بعد نجاحه في معركة سن قوانين سلامة السيارات، اتجه نادر إلى مجالات أخرى لحماية المستهلك. وقد استغل فورة الحماسة لدى الشباب الناشط سياسيا، المتوالدة من مناهضة حرب فيتنام، واستطاع أن يجند ما يقرب من 200 شاب جامعي من دراسي القانون للعمل في الشأن العام. عرف هؤلاء الشباب ب«قراصنة نادر»، وعملوا في مجالات عديدة مثل حماية البيئة، الصحة العامة، سلامة السيارات، الإصلاح الضريبي، حرية المعلومات، إصلاح قوانين التأمين، حقوق المعوقين، مراقبة جماعات الضغط، متابعة الكونغرس، والطاقة النووية. وأصبح مصطلح «نادريزم» يستخدم في التعبير عن سخط المستهلكين على رداءة المنتجات أو الخدمات. وفي عام 1971 قام نادر بتأسيس «المواطن العام»، منظمة غير حكومية وغير ربحية هدفها حماية المستهلك، كمظلة يعمل من خلالها «قراصنة نادر»، الذين تزايد عددهم بصورة كبيرة، وتشعبت مجالات عملهم في مجالات شتى. وتضم «المواطن العام» اليوم أكثر من 150.000 عضو ومئات الباحثين في مختلف مجالات حماية المستهلك. وبفضل جهود نادر ومثابرته، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، صدرت ثمانية تشريعات فيدرالية، كما تأسست ست هيئات رقابية حكومية لحماية المستهلك والبيئة وسلامة العمال.. لعل أهمها على الإطلاق وكالة حماية البيئة EPA. وقد اقتدت بهذه التشريعات والهيئات الرائدة والمهمة دول كثيرة في العالم المتقدم والمتخلف على السواء. وفي عام 1980 استقال نادر من منظمته «المواطن العام» ليركز اهتمامه على مشاريع أخرى مهمة كثيرة جاءت في مقدمتها الشركات متعددة الجنسية. يحاضر نادر اليوم بكثرة ضد ما يسميه ازدياد «إمبريالية» الشركات الكبرى متعددة الجنسية وتوافقها الخطير مع القوى الحكومية. ويعتبر نادر أن هذا الاندماج بين مصالح الشركات والحكومات يتصاعد بسرعة مع تمرير قوانين اقتصادية استبدادية مثل النافتا والجات. وفيما بعد عارض نادر بقوة منظمة التجارة العالمية (WTO) لأن «قانونها يقوم على سيادة أمور التجارة على مصالح المستهلكين، العمال، حماية البيئة، وحتى على معاهدات البيئة الحالية. إن قانون المنظمة ينص على أن أي قانون محلي يؤثر على التجارة بأي طريقة يجب أن يكون أقل تقييدا على التجارة على الإطلاق». أسس نادر مجلة «مراقب متعددة الجنسيات» الشهرية في 1980 لتتعقب عمليات الشركات متعددة الجنسيات وتأثيرها على البلدان النامية، العمال، والبيئة. كما ألف عام 987 كتاب «الأولاد الكبار: القوة والتنظيم في الشركات الأمريكية». ويهتم نادر حاليا بالدفاع عن النظام القضائي الأمريكي ضد محاولات بعض جماعات الضغط التابعة للشركات الكبرى إدخال بعض التشريعات، التي تحد من إمكانات مقاضاتها بسبب منتجاتها أو عملياتها. ولذلك ألف عام 1998 كتاب «بدون نقاش: محامو الشركات وإفساد العدالة في أمريكا». * كاتب ومترجم سعودي مقيم بالمغرب